مبارزات شعرية ومعرض للمقتنيات التراثية في مهرجان ليبي للفروسية

أكثر من 20 مدينة وقبيلة تنافست في المهرجان الثاني لسباق الخيول في ليبيا
أكثر من 20 مدينة وقبيلة تنافست في المهرجان الثاني لسباق الخيول في ليبيا
TT

مبارزات شعرية ومعرض للمقتنيات التراثية في مهرجان ليبي للفروسية

أكثر من 20 مدينة وقبيلة تنافست في المهرجان الثاني لسباق الخيول في ليبيا
أكثر من 20 مدينة وقبيلة تنافست في المهرجان الثاني لسباق الخيول في ليبيا

بمشاركة أكثر من 20 مدينة، وقبيلة في ليبيا، تنافس أكثر من 300 فارس، في المهرجان الثاني لسباق الخيول، الذي أقيم في مدينة العجيلات، (80 كيلومتراً إلى الغرب من مدينة طرابلس العاصمة) وتضمن على مدار اليومين الماضيين، مبارزات في إلقاء الشعر الشعبي، ومعرضاً للمقتنيات التراثية، وسط احتياطات أمنية.
وتوافد على المهرجان، الذي عقد تحت عنوان «ليبيا للجميع وبالجميع»، وفود من عشاق الفروسية، من جميع أنحاء البلاد، بداية من بنغازي شرقاً حتى زليتن غرباً، وبمشاركة من دولتي تونس والجزائر، وسط إقبال واسع من المواطنين.
وقال القائمون على المهرجان، إن اللجنة المنظمة وجهت دعوة لكل عشاق الفروسية والتراث لمشاهدة هذا الحدث الكبير، مشيرين إلى أن مدينة العجيلات «تبعث برسالة سلام إلى كل الليبيين دون تفرقة».
وعلى جانبي ساحة السباق، بمنطقة الفريخ بالمدينة، نصبت الخيام، التي تحاكي طريقة معيشة الحياة في القبيلة، كما عرضت المقتنيات التراثية، وسط سيطرة كبيرة لروح الشعر الذي ألقي بالعامية الليبية، على فعاليات المهرجان، بداية من الترحيب بالضيوف، وانتهاء من المقارعات. وقال أحد المهتمين بالمهرجان، ورمز لنفسه باسم «العجيلات الفخر»: «إن الهدف من إقامة هذا الحدث، اللحمة الوطنية رغم الاختلاف السياسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «نريد التأكيد على أن ليبيا من مشرقها إلى مغربها موحدة، وأنها جزء من الوطني العربي من خلال دعوة تونس والجزائر للمشاركة». ولفت إلى أن المهرجان ضم مشاركين من مدن زليتن والزاوية، والمشاشية والزنتان والرجبان وغريان والأصابعة والعربان وترهونة ومصراتة وبني وليد وسرت وبنغازي وسبها ومدن أخري. وخضع المهرجان لإجراءات تأمينية من الغرفة الأمنية صبراتة بالتعاون مع الغرفة الأمنية العجيلات.
ولمهرجانات الفروسية في ليبيا ضوابط ومواعيد يعرفها الجميع ويحرصون عليها، بعضها تشرف عليه الهيئة العامة لسباقات خيول الحلبة، والبعض الآخر بمبادرات شخصية من مشايخ وأعيان قبائل ومحبين للفروسية.
ومن المبارزات الشعرية التي أضفت على المهرجان روح الجدية واستحضار التاريخ العربي، محادثة شعرية بين الفارس نور الدين الوحيشي وابن أخيه الفارس خالد الوحيشي، وقال الأول: «ماتقولي لا أكبرت لا شيبنت / ولا تقول عمي العقل فيه احتار / وما تقول عمره فات كأنك قلت / ما زال في عمري جديد أزهار (...) /
فرد عليه الأخير: «أنت اللي ضهر الحصان نزلت / وسلمتلي أصروعه وقلت أوعار / وأنت اللي أركوب الجواد تركت / مش عيب ترك الخيل لا عزار (...)».
ورغم توقف بعض مظاهر الحياة نسبياً في البلاد، بسبب الاشتباكات التي تقع من وقت لآخر في ليبيا، فإن الاحتفاليات التي تقام في شرق البلاد وغربها على شرف سباقات الخيل لا تتوقف غالباً، مدعومة بحب الجميع للفروسية وتربية الخيول والتباهي بأنسابها وسلالاتها، وبالتالي قد لا تجد شاباً أو شيخاً يمتطي حصانه إلا وهو يزدان بأبهى حلة وأجمل ثياب، بعين على الفوز، وأخرى على شيخ الشهداء عمر المختار الذي كان لا يفارق حصانه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».