الخان الأحمر.. معركة تقاطع مشروعين

الحرب لا تتعمد التهجير فحسب.. بل تستهدف القدس «قلب» الدولة الفلسطينية

الخان الأحمر.. معركة تقاطع مشروعين
TT

الخان الأحمر.. معركة تقاطع مشروعين

الخان الأحمر.. معركة تقاطع مشروعين

يكفي النظر إلى خريطة جوية لفهم لماذا فرضت منطقة الخان الأحمر الفلسطينية نفسها على الأحداث خلال الأسابيع الفائتة. فالمنطقة التي تقع في قلب الدولة الفلسطينية تسمح بتشبيك «مخيف» لمجموعة من المستوطنات الإسرائيلية الضخمة المحيطة، وتقودها جميعاً إلى القدس، مشكلة «حزاماً خانقاً» من المستوطنات حول العاصمة المرجوة للفلسطينيين، وتقطع بلا رحمة الدولة المنتظرة إلى نصفين. وهذا، ناهيك عن أن الترحيل القسري لبدو الجهالين، الذين عاشوا في هذا المكان منذ أكثر من 50 سنة، قد يشكل جريمة حرب أخرى بامتياز ضد شعب أعزل.

من بين تجمعات فلسطينية كثيرة مهددة بالترحيل والهدم في الضفة الغربية، تحولت المعركة حول الخان الأحمر إلى مواجهة رئيسية وذات أولوية، حشد فيها الفلسطينيون كل الطاقات، بما فيها اللجوء إلى القضاء والصمود على الأرض، لإدراكهم أن السيطرة الإسرائيلية المطلقة على المنطقة ستعني، ضمن أشياء أخرى كثيرة، خسارة التواصل الجغرافي في الضفة الغربية، وعزل القدس عن باقي محيطها العربي. ويضاف لهذين العاملين خسارة مزيد من الأراضي لصالح المستوطنات التي تنمو كالسرطان في المنطقة، وربما أيضاً سيعني هزيمة أخرى جديدة في معركة طويلة.
أمام هذا الواقع المعقد، لم يجد الفلسطينيون بداً من خوض معركة قد تبدو خاسرة أمام القوة العسكرية الإسرائيلية المتحكمة، دفاعاً عن الحلم الذي لم يتحقق حتى الآن... أي «الدولة الفلسطينية في حدود 1967».

الخان قبل إسرائيل
قبل أن تحتل إسرائيل الضفة الغربية عام 1967 بنحو 15 سنة، وصل عرب الجهالين إلى المنطقة القريبة من القدس، آتين من منطقة عراد التي هجروا منها، واستقروا في 12 تجمعاً قريباً من القدس، على الطريق إلى أريحا.
أحد هذه التجمعات يُسمى «الخان الأحمر»، ويقع على «الطريق السريع» قرب مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم الإسرائيليتين القريبتين من القدس.
في البداية، ضمن المهجرون أراضي للسكن والرعي، لكن إسرائيل قررت أن تقيم هناك مستوطنة كفار أدوميم، فجرى تهجيرهم إلى المكان الذي يعيشون فيه اليوم، وهو ببساطة مجموعة من بيوت الصفيح والخيم المتناثرة في سفح جبل على بُعد نحو كيلومترَين إلى جنوب مستوطنة كفار أدوميم، وتقطنه 21 أسرة، بواقع 146 شخصاً.
وإضافة إلى البيوت البدائية جداً، يوجد هناك مسجد ومدرسة شيدا عام 2009، ويدرس في المدرسة أكثر من 150 طالباً، نصفهم من تجمعات مجاورة. وهذه المدرسة بنتها جمعية «تيرا فينتو» الإيطالية، بطريقة بناء يُستخدم فيها طين الوحل وعجلات السيارات، ومول بناؤها عبر إيطاليا وبلجيكا والاتحاد الأوروبي. واليوم، باتت هذه المدرسة بعد انتهاء الدوام خيمة صمود كبيرة، ينام فيها عشرات الفلسطينيين المصممين على مواجهة جرافات إسرائيل، حين تصل لتنفيذ قرار هدم الخان الذي أصدرته محكمة إسرائيلية.

بداية الحكاية
لا يوجد وقت محدد لبدء المضايقات الإسرائيلية لأهل المنطقة. فقبل سنوات كثيرة، حولت السلطات حياة السكان إلى جحيم، رافضةً ربط التجمع بشبكة الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق، ومانعةً بناء المنازل والمباني العامة، ومحددةً مساحات الرعي، وفارضةً واقعاً يشكو من نقص كبير في خدمات الصحة والتعليم والرفاه. ولسنوات كثيرة أيضاً، رفضت إسرائيل منح ولو ترخيص واحد لتشييد أي مبنى في المنطقة، فاضطر بدو الجهالين لبناء منازل من الصفيح، أو نصب خيم متنقلة، في مواجهة قرارات الهدم والمصادرة.
في المقابل، رصدت مؤسسات حقوقية أنه منذ عام 2006 حتى نهاية مايو (أيار) 2018، هدم 26 مبنى سكنياً، وتُرك 132 شخصاً بلا مأوى، بينهم 77 من الأطفال والفتيان. وخلال هذه الفترة، رفع سكان التجمع عدداً من الالتماسات إلى محكمة العدل العليا، محاولين منع تهجيرهم، لكن بنهاية مايو، حكم قضاة المحكمة بأنه يحق للدولة هدم منازل سكان تجمع الخان الأحمر، وتهجيرهم من المكان.
وفي بداية يوليو (تموز)، وصل مندوبو الإدارة المدنية، برفقة عناصر من الشرطة، ومعهم آليات ثقيلة، وباشروا التحضير لهدم مباني تجمع خان الأحمر، وترحيل سكانها، لكن أبناء الخان، متضامين، ناموا أمام الجرافات. وبعد يومين، لجأ السكان لرفع التماس للمحكمة العليا. وفي اليوم نفسه، أصدرت المحكمة أمراً مؤقتاً بوقف إجراءات الهدم إلى حين البت في الالتماس.
لكن الدولة الإسرائيلية قدمت رداً لاحقاً للمحكمة، أكدت فيه إصرارها على ترحيل السكان فوراً إلى الموقع الأصلي المحاذي لمزبلة أبو ديس. وأضافت في الرد أنها مستعدة للسعي في وقت ما مستقبلاً لإنشاء بلدة جديدة لسكان التجمع في موقع صحراوي، يقع جنوب غربي أريحا، لكنها اشترطت لأجل ذلك أمرين:
1 - أن ينتقل إلى البلدة الجديدة (إضافة لسكان تجمع خان الأحمر) سكان ثلاثة تجمعات مجاورة له. وبموجب هذا الشرط، سيرتفع عدد السكان الذين يقتضي ترحيلهم إلى الضعف، وربما أكثر، ليربو على 400 شخص.
2 - أن يُخلي جميع السكان منازلهم دون اعتراض، وأن يوقعوا على تصاريح يشهدون فيها بأنهم يغادرون منازلهم بالتراضي.
وقد رفض السكان ذلك، وردوا في الشهر التالي رسمياً بأنهم متمسكون بمنازلهم وحقوقهم، ومصرون على رفض هدم تجمعهم وترحيلهم عنه. وفي تعقيبهم على خطة الإسكان البديل التي قدمتها الدولة للمحكمة، كشف السكان إلى أي حد تفتقر الخطة إلى حُسن النية، وكونها غير لائقة ولا قابلة للتّطبيق، لأن الموقع المقترح لا تفصله عن منشأة لتطهير مياه المجاري سوى بضع مئات من الأمتار. ومن أجل شق الشوارع التي يفترض أن تصل إليه، ينبغي مصادرة أراض فلسطينية.
ثم إن الدولة تضع الإجراء القضائي الحالي موضع السخرية، حين تربط ترحيل تجمع خان الأحمر إلى بلدة جديدة مع ترحيل تجمعات فلسطينية أخرى، فتكشف بذلك عن غايتها الحقيقية، ألا وهي القضاء على وجود كل التجمعات الفلسطينية الواقعة في الأراضي الممتدة شرق مدينة القدس، وصولاً إلى منتصف الطريق للأردن. وبذا، تدقّ الإسفين الاستيطاني الذي سيشق الضفة، ويقسمها نصفين، تبعاً لمسار «جدار الفصل» الذي تخطط لإنشائه في المنطقة.
وعملياً: كان يجب أن يرحل السكان، بحسب قرار المحكمة الإسرائيلية، بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وهو الموعد الأخير الذي منحته المحكمة للسكان، قبل أن يطلب الجيش منهم هدم منازلهم بأياديهم حتى لا يضطر للتدخل، لكن لا يبدو أن ذلك سيحصل في أي لحظة. ووفق عيد أبو داهوك، وهو أحد أهم نشطاء التجمع ورئيس المجلس القروي (السلطة أعلنت المنطقة قرية جديد في إطار مواجهة إسرائيل): «لن نرحل... سنبقى هنا». وأمام كل جماعة متضامنة تصل إلى المنطقة، يقول عيد المعروف بـ«أبو خميس» معلقاً: «نحن بوابة القدس الشرقية... إذا سقطت الخان الأحمر، سيسقط الأقصى أيضاً، وكذلك العملية السلمية كلها».
ولا ينوي «أبو خميس» الامتثال لقرارات الهدم الإسرائيلية، مهما كلف الثمن، مبرراً: «لم يجرِ التشاور معنا، ويريدون إرسالنا إلى مكان يقع قرب مكب النفايات، وهو لا يتناسب مع أسلوب حياتنا هنا. أيضاً سكان أبو ديس حذرونا من المجيء». ويحمل حديث «أبو خميس» رسائل يحاول من خلالها أيضاً مخاطبة الرأي العام، بعيداً عن تسييس القضية. ولم يشأ السكان الدخول في تفاصيل حول الخطة الإسرائيلية المرعبة المعروفة، بـ«إي 1» (E1).

الأسباب المعلنة والمخفية
تدعي إسرائيل أن أبنية الخان الأحمر، وهي بمعظمها منازل من الصفيح والخيام، بنيت من دون تصاريح، وتشكل تهديداً على السكان بسبب قربها من «الطريق السريع»... وبهذه الحجة، تريد هدمها. لكن في حقيقة الأمر ثمة مخططاً كبيراً وراء ذلك، يدركه الفلسطينيون أكثر من غيرهم، هو مخطط «إي 1»، إذ يقول رئيس الوزراء الفلسطيني، الدكتور رامي الحمد الله، إن المخطط الإسرائيلي للمنطقة خطير للغاية، مضيفاً: «إنهم يهدفون إلى تنفيذ مشروع (إي 1)، في انتهاك واضح وصارخ للقانون الدولي، ولكل المواثيق والصكوك الدولية».
ويشرح: «هذا العدوان المنظم على التجمعات البدوية تغيير للوقائع على الأرض، وتقويض لحل الدولتين، ولإمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، ومتواصلة جغرافياً، من الخان الأحمر وجبل البابا وسوسيا إلى أم الجبال وأم الخير (مناطق بدوية مهددة)... هناك، تتجذر معركة حماية الأرض والوجود الفلسطيني. هذه الأراضي امتداد طبيعي لأرضنا المحتلة، وجزء لا يتجزأ من دولة فلسطين التي لن تقوم إلا والخان الأحمر وكل التجمعات البدوية في قلبها».
لكن ما هو مخطط «إي 1» الذي استنفر الفلسطينيين؟ يقول الفلسطينيون إنه مخطط استيطاني ضخم، هدفه «تشبيك» المستوطنات الإسرائيلية في قلب الضفة الغربية، وهو يقوم على 13 ألف دونم مربع. ونُشر أول مرة عن المخطط عام 2012، عندما أمرت الحكومة الإسرائيلية بدفع الإجراءات التخطيطية الخاصة بآلاف الشقق السكنية التي ستكون توسيعاً لمستوطنة معاليه أدوميم، في إطار الخطة «إي 1»، وتحديداً في المنطقة التي تربط معاليه أدوميم بالقدس. وكان لافتاً أن هذا القرار صدر بعد اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية مراقبة في الأمم المتحدة.
ووفق تقرير لمنظمة «بتسليم» الإسرائيلية، فإن تنفيذ مخططات البناء في منطقة «إي 1» سيؤدي «إلى خلق تواصل عمراني بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس، وسيزيد من حدة عزل القدس الشرقية عن سائر أجزاء الضفة الغربية، وسيمس بالتواصل الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها».

الموقف والرد الفلسطينيان
يتنوع الرد الفلسطيني بين قانوني ودعم مباشر للمنطقة، إضافة إلى تحركات دولية، إذ يقول المكتب الوطني التنسيقي للمناطق المسماة «ج»، التابع لرئاسة الحكومة الفلسطينية، إن قضية الخان الأحمر هي الأولى من هذا النوع، ذلك أنه استنفِذَت جميع الخيارات القانونية أمام المحاكم الإسرائيلية، مما سيساهم في خلق سابقة قانونية للسلطات الإسرائيلية للتعجيل بهدم تجمعات بأكملها في الضفة الغربية، بهدف مواصلة المخطط الاستيطاني «إي 1»، أو ما يعرف أيضاً بـ«مخطط القدس الكبرى».
ومقابل ذلك، أقرت الحكومة الفلسطينية إحداث هيئة محلية باسم قرية الخان الأحمر في محافظة القدس، كما افتتحت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية العام الدراسي في ما يعرف بـ«مدرسة الإطارات» في تجمع الخان الأحمر، التي تخدم 174 طالباً وطالبة من أبناء تجمع الخان الأحمر، والتجمعات البدوية القريبة والأغوار. ولقد عملت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» على إطلاق حملة «أنقذوا الخان الأحمر»، ووفرت الهيئة كل الاحتياجات اللوجيستية والغذائية لأبناء التجمع والمعتصمين، وقدمت خدمة توفير سندات ملكية ووثائق قانونية داعمة للمرافعات القضائية عن قرية الخان الأحمر، بما فيها سندات الملكية للأرض، وسند تأجير من قبل أصحاب الأراضي من قرية عناتا للمواطنين المقيمين على أراضي القرية، وتأمين طاقم محامين للدفاع عن قضية الخان الأحمر أمام المحاكم الإسرائيلية.
وفوق كل ذلك، فتحت وزارة الصحة عيادة صحية تعمل على مدار 24 ساعة في التجمع، بالإضافة إلى عيادة متنقلة تقوم بتقديم الخدمات الصحية لأهالي التجمع يومين في الأسبوع. أما وزارة الزراعة والبيطرة فزودت الخان الأحمر بالاحتياجات الأساسية، من علف وأدوية للمواشي، وأقرت سلطة المياه إجراءات احترازية، بالتعاون مع المؤسسات العاملة في المجال الإنساني.
ليس هذا فحسب، بل قدمت السلطة الفلسطينية، بتاريخ 12 سبتمبر (أيلول) 2018، بلاغاً جديداً للمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، بشأن جرائم الاحتلال في ما يتعلق بالتهجير القسري، وهدم قرية الخان الأحمر. وقال الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الشكوى تضمن بناء على طلب من الضحايا إتاحة الفرصة للقاء يجمع المدعية العامة للجنائية معهم لشرح تفاصيل ما يحدث في الخان الأحمر، وتحديداً المجلس المحلي للخان. وأشار عريقات إلى أن البلاغ الذي قُدم أكد على أهمية قيام المدعية بإصدار تحذير إلى إسرائيل لمنع هدم وتهجير سكان الخان الأحمر قسرياً.

احتجاج دولي أيضاً
لم يقف الأمر عند الاحتجاج الفلسطيني، بل احتج الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، ودول مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا، على خطة هدم الخان، وطالبوا إسرائيل بالعدول عن خطة الهدم التي تعتبر تهجيراً غير مبرر، ولها تداعيات على حل الدولتين، كما وصفت منظمات حقوقية الخطة الإسرائيلية بأنها «جريمة حرب».
وفي المقابل، أرسل وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان رسالة إلى سفراء 8 دول أوروبية لدى إسرائيل، متهماً حكومات هذه الدول بـ«التحيز المتعمد» في ملف هدم وإخلاء الخان الأحمر. وقال ليبرمان في رسالته إن «موقف هذه الدول من قضية الخان الأحمر بمثابة تدخل صارخ بالشؤون السيادية لإسرائيل». وكان ليبرمان يشير إلى الإعلان الذي صدر في نهاية الشهر الماضي عن فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا والسويد وبولندا وبريطانيا، الذي حذرت فيه حكوماتها إسرائيل من «عواقب وخيمة» لهدم الخان الأحمر.
اليوم، يحاول الفلسطينيون بكل قوة ممكنة التصدي لخطة هدم التجمع البدوي، ويعتصم هناك مئات من الناشطين الذي حولوا المكان إلى قبلة لكل متضامن مع سكان المنطقة. وقد تعهد الحمد الله بأن يظل الخان الأحمر «على الخريطة في قلب الدولة الفلسطينية»، لكن الفلسطينيين يدركون أنهم في النهاية قد يخسرون هذه المعركة أمام الجرافات الإسرائيلية المتأهبة، ويقولون إنهم سيحاولون بناء المكان مرة أخرى.

موقف القانون الدولي واضح

> موقف القانون الدولي واضح تجاه موضوع الخان الأحمر، فهو يقول بلا مشروعية هدم الممتلكات العامة والخاصة (المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة)، وتعتبره جريمة حرب (المادة 8 «2» «أ» «4» من نظام روما الأساسي). بالإضافة إلى ذلك، يشكل التهجير القسري انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49 (1) و147)، فضلاً عن كونه جريمة ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي (المادة 7 «1» «د» و7 «2» «د»).


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.