«دويتشه بنك» يعاني «أزمة تحمّل» في أميركا

«دويتشه بنك» يعاني «أزمة تحمّل» في أميركا
TT

«دويتشه بنك» يعاني «أزمة تحمّل» في أميركا

«دويتشه بنك» يعاني «أزمة تحمّل» في أميركا

قد يتسبب اختبار التحمّل الذي قاده «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي مؤخراً، في التأثير سلباً على تحركات المستثمرين الألمان في الولايات المتحدة الأميركية، الذين يصل عددهم الإجمالي إلى أكثر من مائة ألف مستثمر، خصوصاً في ظل عدم قدرة فرع «دويتشه بنك» الألماني في أميركا على تجاوز هذا الاختبار.
وتطرّق هذا الاختبار مؤخراً إلى فحص جودة إدارة رؤوس الأموال وكل الخطط الحالية والاحترازية المتعلقة بها. وتعد اختبارات التحمّل أو اختبارات الضغط (ستريس تيست) أداة مهمة لإدارة المخاطر في المصارف. وأصبحت هذه الاختبارات خلال السنوات الأخيرة من أهم أدوات السلامة الاحترازية على المستويين الكلي والجزئي في القطاع المصرفي الدولي، لأنها تعطي صورة واضحة عما ستكون عليه أوضاع المصارف في ظل سيناريوهات صعبة يمكن مواجهتها.
ويصف الخبراء المصرفيون الألمان في عاصمة المال فرنكفورت اختبارات التحمّل بأنها عمليات مالية كبيرة الحجم ومتدرجة من حيث القوة، ومن شأنها أن تكشف مدى قدرة المصارف على الصمود في وجه الأزمات المالية.
وهذا من شأنه أن يتيح للجهات الرقابية تقييم قدرات المصارف على مقاومة الصدمات الاقتصادية والمالية واتخاذ التدابير اللازمة كتدعيم رأس المال، وتعديل الإجراءات التشغيلية، ووضع خطط طوارئ متقدمة في حال وجود مخاطر في الأفق.
وفي سياق متصل، يقول دانييل بيلزر، الخبير المالي الألماني، إن أوضاع فرع مصرف «دويتشه بنك» الأميركي غير مشجعة مطلقا، لأنه لم يتمكن من تجاوز اختبار التحمّل المذكور. فخطط توزيع الأرباح على حملة أسهمه جنباً إلى جنب عمليات إعادة شراء الأسهم من الأسواق المالية الأميركية، لم تقنع إدارة «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي. كما ينضم مصرفان لهما ثقل كبير في بورصة «وول ستريت»، وهما «مورغان ستانلي» و«غولدمان ساكس» إلى لائحة المصارف التي لن تتخطى اختبار التحمّل في العام الراهن. علماً بأن هذا النوع من الاختبارات المصرفية يزداد حدة على الصعيد الأميركي ويجريه «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي عدة مرات كل عام.
ويضيف الخبير بيلزر أن فشل الفرع الأميركي لمصرف «دويتشه بنك» في تخطي اختبار التحمّل «ضربة إضافية موجعة قد تنعكس سلباً على حملة أسهمه الأميركيين والألمان. فهذا الفرع عالق منذ فترة طويلة في الرمال المتحركة. وسبق لـ(الاحتياطي الفيدرالي) الأميركي أن وجّه لإدارته انتقادات لاذعة خلال العام الماضي بسبب الثغرات العميقة الموجودة في أنظمة إدارة المعطيات الداخلية للفرع».
وبسبب النتائج غير المرضية لاختبار التحمّل، ينبغي لفرع مصرف «دويتشه بنك» الأميركي أن يتقيد بسقف مالي معين في تحويل جزء من أرباحه إلى ألمانيا. ويصل هذا السقف في الوقت الحاضر إلى 60 في المائة من الأرباح التي يحققها على أراضي الولايات المتحدة. ويختم الخبير بيلزر بالقول: «رفع (الاحتياطي الفيدرالي) الأميركي نسب الفوائد إلى 2.5 في المائة، مما يعني أنه لا يمكن التحدث بعد اليوم عن سياسات مالية توسعية، وبالتالي تجد إدارته نفسها أمام ضرورة التشديد على تحركات المصارف الأميركية وفروع المصارف الأجنبية. ونجد بين المصارف التي حظيت بثقة (الاحتياطي الفيدرالي)؛ (سيتي غروب) و(ويلز فارغو)».
وتوضح مارغريت ليفرز، خبيرة الوساطات المالية الألمانية، أن إجمالي القوة الاستثمارية الألمانية في الولايات المتحدة الأميركية تتخطى «اليوم» 25 مليار يورو، أكثر من 60 في المائة منها داخل فروع مصارف ألمانية هناك متخصصة في إدارة الأصول مثل فرع «دويتشه بنك».
وحسب نتائج اختبار التحمّل الأخيرة، فقد أثبتت المصارف الأميركية الكبرى قدرتها في المحافظة على مستويات ضخمة من السيولة المالية التي تمكنها من القيام بعمليات شرائية واسعة النطاق على الأراضي الأميركية وخارجها.
وتؤكد هذه الخبيرة على أن نجاح أي مصرف في تخطي اختبار التحمّل يعني أيضاً قدرته على الإقراض حتى خلال الأوقات المالية الصعبة... «وهذا لا ينطبق اليوم على فرع مصرف (دويتشه بنك) الألماني، وبالتالي، ليس من المستبعد أن يخسر هذا الفرع عددا لا بأس به من العملاء والمستثمرين الذين سيختارون التعامل مع مصارف أميركية تضمن لهم خدمات آمنة وأكثر تنوعا».


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»