فوتوغرافي سعودي يفوز بوسام الشرف الدولي للتصوير بالصين

الدغاري لـ{الشرق الأوسط}: البيئة ساهمت في تميز مصوري نجران

الصورة الفائزة كما تظهر في الموقع الرسمي للجائزة  -  صالح الدغاري
الصورة الفائزة كما تظهر في الموقع الرسمي للجائزة - صالح الدغاري
TT

فوتوغرافي سعودي يفوز بوسام الشرف الدولي للتصوير بالصين

الصورة الفائزة كما تظهر في الموقع الرسمي للجائزة  -  صالح الدغاري
الصورة الفائزة كما تظهر في الموقع الرسمي للجائزة - صالح الدغاري

حقق الفوتوغرافي صالح الدغاري وسام الشرف الدولي في مسابقة جمعية التصوير الدولية (IPA) والتي أقيمت حديثا في الصين وقد بلغ عدد المشاركات 12150 صورة فوتوغرافية توزعت على ثلاثة محاور رئيسة هي محور الطبيعة، والملون العام والإبداعي التجريبي، وبلغ عدد المشاركين ما يقارب 1350 مشتركا من أغلب دول العالم.
وقد حقق الدغاري هذا الإنجاز في المحور الإبداعي في صورته(Hello) وحقق الدغاري أيضا الميدالية الذهبية الخاصة بالجمعية الأميركية للتصوير الفوتوغرافي في مسابقة (lines) والتي اختتمت أخيرا في مدينة القاهرة بمصر وقد بلغ عدد الدول المشاركة 69 دولة و677 متسابقا بعدد 7851 عملا فوتوغرافيا من أنحاء العالم.
وهذه الجائزة هي الـ37 للدغاري عالميا. حيث حقق بداية جوائزه في الإمارات عام 2010 ومنها إلى الأرجنتين وألمانيا والهند ونيله وسام الشرف الفرنسي والميدالية الذهبية (CEF) عام 2013 والكثير من الجوائز الأخرى.
وعبر صالح الدغاري عن سعادته بنيل هذا الجوائز، مؤكدا أن المصور العربي قادر على تحقيق النجاح والوصول للعالمية بما يمتلكه من حس وموهوبة.
وقال إنه عمل فني مطروح للجميع ولكل متذوق ومشاهد قراءته الخاصة التي يستطيع أن يستخرجها من خلال تمعنه في الصورة وليس له أن يحصر المتذوق والمشاهد في تفسيره أو رؤيته التي أخرج من خلالها الصورة فعندما أرسل الصورة للمشاركة في المسابقة لم يرفق معها تفسيرا معينا.
وقال صالح الدغاري في حديثة لـ«الشرق الأوسط» بدأ مشواره الحقيقي في التصوير عام 2008، عندما انضم إلى عضوية جمعية الثقافة والفنون بنجران ومنها تمكن من التدرب على تقنيات التصوير والتكوين الفني في الصورة الفوتوغرافية عبر التحاقه بالدورات التي أقامتها الجمعية بهذا الخصوص وشارك في الكثير من المعارض التي نظمتها الجمعية وقد ركز في بداياته على الصور التي تحمل رسائل وأفكارا خارجة عن المألوف وهي الصور التي تتسم بالمفاهيمية والسريالية.
ويعد الدغاري أن الصورة هي الأداة الفاعلة في المشهد الحياتي وأنها أصبحت وسيلة التواصل الإنساني وأنها تتكلم بلسان يفهمه الجميع وليست لها لغة مخصصة وهي وسيلة التعبير للمصور ومخاطبة الآخرين والصورة في منظوره الخاص حديث مع النفس بداية الأمر يخرج للظهور ويشاهده الجميع ويكون مرتبطا تماما بنفسية المصور وتوجهه وثقافته.
وأكد أنه ما زال لديه شغف في الصور واستعراضها منذ الصبا وكان دائما يتساءل مع نفسه عندما يشاهد صورا رائعة ولافتة كيف جرى التقاط هذه الصورة وهو ما نمى لدي الحس الإبداعي.
وأضاف أن «مدينة نجران كان لها التأثير الأكبر عليه من ناحية طبيعتها المختلفة عن أي مكان فهي تحوي الآثار والمباني الطينية القديمة إلى جانب حضارة مدنية متقدمة وكان من السهل على المصور أن يتلقط الصور فيها بكل حرية ودون أي عوائق مستشهدا ببروز أربعة مصورين من المنطقة وتصنيفهم عالميا»، مشيرا إلى أنه دائما يلجأ إلى تدوين جميع الأفكار التي يستطيع أن يخرج بها ويكون من خلالها صورة ترضيه ومن بعد ذلك ومن خلال الأستوديو الخاص به يبدأ بوضعيات الإضاءة بشكل صحيح يخدم العمل ومن ثم يلتقط الصورة، ويقول إنه يحرص تمام الحرص على أن يكون هنالك من خلال الصورة رسالة موجهة تحترم المتذوق للعمل الفني ومن ناحية أخرى قد تأتي الصورة بموضوع قوي جدا لا يحتمل التأخير وفي الغالب يقابلني هذا في تصوير الأشخاص داخل الأستوديو أو من خلال التصوير الخارجي.
وعد النقد الفني هو الطريق الأمثل للمصور فعندما يتلقى المصور انتقادا فنيا صرفا من ذوي الاختصاص والدراية الفنية بالصورة وتكوينها فهي له سبل إرشاد وتوضيح ستنير له طريقه ومشواره ولا يجب على المصور أبدا أن ينظر إلى النقد الفني كانتقاص لما يقدمه، وأشار إلى مشكلة المجاملات في الوسط الفوتوغرافي وتأثيرها السلبي على المصور وجعله في نفس الدائرة التي لا يستطيع أن يخرج منها، وقال مهما بلغ بالمصور من نيل جوائز وألقاب لا بد له من تقبل الرأي الآخر بكل أريحية وسعة صدر، كما أن القراءة الفنية واستخراج عدة تفسيرات للعمل الفني يثري الفنان ويجعله حريصا أكثر من أي وقت مضى أن تكون صوره أكثر عمقا.
وقال إن الصورة الفنية تختلف تمام الاختلاف عن الصورة الصحافية فالصورة الصحافية هي وسيلة إيضاح ونقل للمشهد والخبر والصورة الفنية هي حالة إبداعية جمالية لدى الفنان الفوتوغرافي يهدف من خلالها إلى إيصال رسالته عن مشاهداته الخاصة فلا يوجد أي مانع للمصور الفني أو محذور يمنعه من التعبير عن فنه بالطريقة التي يرى أنها مناسبة للحديث عما بداخله، وهذا ليس جديدا في التصوير الفني ولكنه مرتبط منذ اختراع التصوير وقد استخدم المصورون الأوائل معامل التحميض والغرف المظلمة للظهور بنتائج مغايرة ومواضيع غير مألوفة.
وأضاف «ما يتوجب على المصور فعله هو التركيز على الناحية الفنية من ابتكار مواضيع خلاقة والتدقيق والملاحظة لحركة الضوء والظل في الصورة والتركيز دائما على الزاوية غير المرئية للعين المجردة ومن بعد أن تنضج النظرة الفنية لدى المصور سيكتشف أن كاميرا متوسطة التكلفة ستفي بالغرض تماما وعندما يجد نفسه قد اتجه إلى نوع محدد من التصوير يمكنه بعد ذلك اتخاذ القرار المناسب له بكل دراية ومعرفة». ويقول الدغاري «طموحي هو أن أقدم للمتذوق الفني ما يحترم ذائقته ويلبي مشاعره وكذلك أن أساهم بنشر هذه الثقافة والفن في المجتمع بشكل سليم وأن ينشأ جيل من المصورين الذين يرتقون درجات عالمية ويكونون على قدر عال من الثقافة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».