تركيا تطبق إجراءات لترشيد الإنفاق... ولا مشروعات جديدة إلا لـ«الضرورة»

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن حكومته ستطبق البرنامج الاقتصادي الجديد متوسط المدى الذي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي خلال الفترة من 2019 إلى 2021، والذي يستهدف حماية استقرار الاقتصاد الكلي، وزيادة الإنتاج، ورفع مستوى رفاهية المجتمع.
وتضمن مرسوم رئاسي نشرته الجريدة الرسمية في تركيا أمس (الخميس) بعد مصادقة إردوغان على البرنامج الاقتصادي الجديد للحكومة، عدم إدراج مشروعات جديدة في البرنامج الاستثماري لعام 2019 إلا «في حالات الضرورة»، وذلك في إطار تدابير لترشيد الإنفاق.
وقال إردوغان إنه «لن تكون هناك اقتراحات لمشروعات لا تلبي الاحتياجات العاجلة للمواطن، ولا تؤدي إلى زيادة مباشرة للقيمة المضافة في الاقتصاد»، وأوضح أن الهدف الأساسي خلال هذه المرحلة هو تحقيق التوازن الاقتصادي والنمو المستدام.
وأضاف أن الأولويات الأساسية تتمثل في ترشيد الإنفاق العام في البلاد، وحماية استقرار الأسعار، عبر خفض التضخم وخفض عجز الحساب الجاري، وتعزيز التوازنات والانضباط المالي، وبالتالي تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي.
وأكد الرئيس التركي عزم حكومته على مواصلة التركيز على استثمارات البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى إمكانات التنمية في البلاد، وأن الأولوية ستكون للمشروعات المهمة المستمرة، التي يمكن استكمالها في أقصر فترة زمنية.
وتضمن المرسوم الرئاسي تفاصيل تحضيرات البرنامج الاستثماري للفترة بين عامي 2019 و2021، ونص على أنه لن تكون هناك اقتراحات لمشروعات لا تلبي الاحتياجات العاجلة للمواطن، ولا تؤدي إلى زيادة مباشرة للقيمة المضافة في الاقتصاد.
وتعاني تركيا أزمة اقتصادية بسبب تهاوي عملتها التي فقدت أكثر من 40 في المائة من قيمتها خلال العام الحالي، بسبب مخاوف المستثمرين من إحكام إردوغان قبضته على القرار الاقتصادي، إلى جانب التوتر الشديد مع واشنطن، بسبب محاكمة القس الأميركي أندرو برانسون في تركيا بتهمة دعم الإرهاب.
وأدى تراجع الليرة التركية إلى حدود 6 ليرات مقابل الدولار، حاليا، إلى تنامي العجز التجاري إضافة إلى عدم القدرة على كبح التضخم الذي قفز إلى 24.52 في المائة في سبتمبر الماضي، بينما يتحدث إردوغان عن هجوم اقتصادي على بلاده، ويدعو إلى التعامل بالعملات المحلية لكبح هيمنة الدولار.
وأعلن وزير الخزانة والمالية التركي برات البيراق، الثلاثاء الماضي، برنامجا بعنوان «برنامج الكبح الكامل للتضخم»، في خطوة جديدة للحد من آثار «الهجمات الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد».
وركز البرنامج على الارتقاء بثقة المستثمرين بالاقتصاد التركي، ومشاركة مجتمعية شاملة ضد التضخم، وإطلاق حملة لتخفيض الأسعار بنسبة 10 في المائة، في محاولة للحد من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا.
وقال البيراق إنه اعتبارا من أغسطس (آب) الماضي، تعرضت تركيا إلى مضاربات مالية استهدفت اقتصاد وعملة البلاد، مضيفا أنه بالتنسيق مع القائمين على النظام الاقتصادي، والشركاء في السوق، تم إطلاق حملة للمكافحة الفعالة لما سماه «الهجمات الاقتصادية»، و«نجحنا في إحباطها خلال شهري أغسطس وسبتمبر».
واعتبر أن السياسات المالية المتبعة بدءا من أغسطس، إلى جانب البرنامج الاقتصادي الجديد متوسط المدى، نجحا في الاستجابة إلى تطلعات السوق.
وأشار البيراق إلى أنه سيتم الارتقاء بثقة المستثمرين أكثر، عبر برنامج الكبح الكامل للتضخم. وأكد استمرار إجراءات المكافحة الفعالة ضد «محاولات الانتهازية والاحتكار والتخزين المتعمد للسلع»، الناجمة عن تذبذبات سعر صرف العملات الأجنبية في السوق.
ولفت الوزير التركي إلى أن كبح التضخم واستقرار الأسعار أمر لا تقدر المؤسسات أو الوزارات أو الحكومة على تنفيذه وحدها، وإنما يتحقق بالتعاون بين كامل أفراد الشعب، بدءا من كبريات الشركات القابضة وحتى الصناع والحرفيين. وأضاف: «شرحنا تفاصيل برنامج الكبح الكامل للتضخم، لجميع ممثلي قطاع المال والأعمال، ولمسنا دعما وتأييدا كبيرين من الجميع، واتفقنا مع جميع شركاتنا على إعلان تخفيض على منتجاتهم بنسبة 10 في المائة كحد أدنى، وحتى نهاية العام»، مؤكدا أن هذه الحملة ليست إجبارية، ولأصحاب الشركات كامل الحرية في المشاركة بها. كما لفت إلى أن البنوك التركية تعهدت أيضا بتخفيض 10 في المائة على القروض ذات الفائدة المرتفعة، اعتبارا من أول أغسطس الماضي.
والأربعاء الماضي، أعلنت هيئة الإحصاء التركية، أن نسبة التضخم لشهر سبتمبر الماضي، ارتفعت بنسبة 6.30 في المائة على أساس شهري، لتصبح النسبة السنوية للتضخم 24.52 في المائة.
وأعدت الخطة، بالتعاون بين وزارة الخزانة والمالية، ومكتب الاستراتيجية والميزانية التابع لرئاسة الجمهورية.
وكانت الحكومة قد أعدت البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل، بهدف تحقيق استقرار الأسعار والانضباط في الاقتصاد والميزانية، وتحقيق نمو مستدام بالتوازي مع الحفاظ على تطبيق سياسات مالية ونقدية صارمة.
ونص البرنامج أيضا على إنشاء مكتب داخل وزارة الخزانة والمالية، يعنى بتنظيم استخدام الموارد العامة، وتقليل النفقات، وتحسين الإيرادات.
وكشفت وزارة الخزانة والمالية التركية، الاثنين الماضي، عن ارتفاع عجز الميزانية بنسبة 32.6 في المائة على أساس سنوي، في سبتمبر الماضي.
وسجّل العجز في الميزانية في سبتمبر 1.3 مليار دولار؛ حيث بلغت الإيرادات 9.7 مليار دولار، مقابل المصروفات التي سجّلت 11 مليار دولار، وبلغ العجز على أساس شهري 23.2 في المائة بالمقارنة مع أغسطس الماضي.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن المصروفات غير المتعلقة بالفائدة بلغت 9.4 مليار دولار، بما يمثل فائضاً بقيمة 363 مليون دولار في الرصيد الأساسي.
وتلقت وزارة الخزانة 26 مليون دولار من الخصخصة في الشهر الماضي، بما في ذلك التحويلات من قبل إدارة الخصخصة التركية، ومدفوعات تراخيص ترددات اتصالات «4.5 جي»، وإيرادات بيع الأراضي.
وبلغ إجمالي الإيرادات النقدية للخزانة في الأشهر التسعة الماضية من العام 121.5 مليار دولار، وبلغت المصروفات 133.3 مليار دولار. وبلغت النفقات غير المتعلقة بالفوائد 120.9 مليار دولار، بفائض قدره 607 ملايين دولار في الرصيد الابتدائي لمدة 9 أشهر.