«الحصالة» مبادرة مجتمعية سعودية للتوعية بالادخار والاستثمار

حصدت جائزة الملك خالد في فرع شركاء التنمية

الأمير فيصل بن خالد خلال إعلان أسماء الفائزين
الأمير فيصل بن خالد خلال إعلان أسماء الفائزين
TT

«الحصالة» مبادرة مجتمعية سعودية للتوعية بالادخار والاستثمار

الأمير فيصل بن خالد خلال إعلان أسماء الفائزين
الأمير فيصل بن خالد خلال إعلان أسماء الفائزين

باسمها البارز المستذكر منذ الطفولة، ظلت الحصالة اسما يحقق شهرة مجتمعية في السعودية، حتى أصبحت مبادرة تطوعية ترفع مستوى الوعي تجاه إدارة الأموال استهلاكا واستثمارا وادخارا، وتوّجت مبادرة «الحصالة» بالمركز الأول في جائزة الملك خالد لفرع شركاء التنمية، حيث أعلن ذلك مساء أول من أمس.
ويوضح سعد الحمودي، مؤسس مبادرة «الحصالة» التي بدأت عام 2009. أنها واحدة من أبرز المبادرات التطوعية السعودية في مجال التوعية بأهمية الادخار وترشيد الاستهلاك، والمتسقة مع رؤية المملكة 2030. الداعية إلى رفع نسبة ادخار الأفراد والأسر من 6 في المائة إلى 10 في المائة، بحسب قوله.
ويتابع الحمودي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول «مبادرة الحصالة موجودة في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إقامتها الكثير من ورش العمل والمعارض تستهدف من خلالها أفراد المجتمع. حيث دربت حتى الآن ما يزيد عن 3 آلاف طفل ليعتاد النشء على التوفير منذ الصغر، كما دربت 800 رجل وامرأة للتوعية بالادخار وتقليل المصروفات بين أفراد الأسرة، وأنتجت ما يزيد عن 40 فيديو عربية ومترجمة تحتوي على مفاهيم مالية متنوعة».
وبسؤاله عن الخطة المستقبلية لمبادرة الحصالة، يكشف الحمودي عن تطلعاتهم في جعل التدريب إلكترونيا مما يوسع شريحة المستفيدين وتوسعة نطاقها في العالم العربي عامة، مشيرا إلى أنهم يعملون الآن على إعداد وطرح كتابين يتناولان عددا من المفاهيم المالية وطرق الادخار وترشيد الاستهلاك، إلى جانب إنتاج عدد من البودكاست والأفلام التوعوية.
وكان الأمير فيصل بن خالد، أمير منطقة عسير رئيس هيئة جائزة الملك خالد، أعلن مساء أول من أمس، فوز مبادرة «الحصالة» لمؤسسها سعد الحمودي بالمركز الأول لجائزة الملك خالد فرع «شركاء التنمية»، عبر آلية التصويت الجماهيري الإلكتروني بموقع مؤسسة الملك خالد، التي حصلت على نسبة 42 في المائة من إجمالي الأصوات المتلقّاة للمبادرات الثلاث النهائية المتأهلة لنيل الجائزة.
وأشار الأمير بعد إعلانه الفائزين بالجائزة للعام الحالي 2018، في فروعها الثلاثة: «شركاء التنمية» و«التميز للمنظمات غير الربحية» و«التنافسية المسؤولة»، عزم الجائزة خلال الأعوام القادمة إلى التوسع في إشراك الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والبحرين والكويت لنيل الجائزة والمنافسة عليها.
وعلى صعيد متصل، جاءت مبادرة «حملة آدم» لمؤسِستها شهد آل مقبل في المركز الثاني وحصلت على نسبة 29 في المائة من إجمالي الأصوات المتلقاة، وهي مبادرة بدأت في عام 2014 كحملة توعوية تربوية تستهدف المجتمع وخاصة النشء وتهدف إلى التقليل من وتيرة العنصرية والحد من الممارسات المتطرفة لخلق مجتمع شامل ومتسالم. كما جاءت مبادرة «نادي كتابي» لمؤسسها عويد السبيعي في المركز الثالث بنسبة أصوات بلغت 27 في المائة، وهي مبادرة تطوعية تم إطلاقها في عام 2013 وتهدف إلى بناء مجتمع معرفي مثقف من خلال نشر ثقافة القراءة لجميع أفراد المجتمع بمختلف أعماره.
كما أعلن أسماء الجمعيات الفائزة في فرع «التميّز للمنظمات غير الربحية» التي تُمنح للمنظمات غير الربحية المسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ويركز هذا الفرع على تحسين مستوى الأداء الإداري للمنظمات غير الربحية في المملكة بما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات المقدمة لمستفيديها، وحقق المركز الأول في هذا الفرع «جمعية الكوثر الصحية الخيرية»، فيما جاءت جمعية التنمية الأسرية بمنطقة المدينة المنورة «أسرتي» في المركز الثاني، وحلّت «الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة» في المركز الثالث.
وحصدت شركة هواوي السعودية المركز الأول في المتنافسين على فرع التنافسية المسؤولة، وحلّت الشركة الوطنية للصناعات البتروكيماوية (ناتبت) بالمركز الثاني، وفاز بالمركز الثالث «مستشفى الأطباء المتحدين»، حيث تمنح الجائزة للمنشآت المتميزة في مجال الاستدامة، حيث يهدف إلى تشجيع منشآت القطاع الخاص على تبنّي الممارسات الرائدة في مجال التنافسية المسؤولة، لتفعيل دور القطاع في تنمية المجتمع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».