بريطانيا تتهم روسيا بمحاولة «تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة»

سلامة يناقش في ألمانيا سبل إحداث التوافق بين الأفرقاء السياسيين

سلامة في برلين مع ممثلي المؤسسات الألمانية العاملة في ليبيا وشمال أفريقيا (البعثة الأممية)
سلامة في برلين مع ممثلي المؤسسات الألمانية العاملة في ليبيا وشمال أفريقيا (البعثة الأممية)
TT

بريطانيا تتهم روسيا بمحاولة «تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة»

سلامة في برلين مع ممثلي المؤسسات الألمانية العاملة في ليبيا وشمال أفريقيا (البعثة الأممية)
سلامة في برلين مع ممثلي المؤسسات الألمانية العاملة في ليبيا وشمال أفريقيا (البعثة الأممية)

فيما أطلع غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، سفراء الدول العربية المعتمدين لدى ألمانيا على الوضع في ليبيا، والمساعي التي تبذلها بعثته للتوافق بين كل الأفرقاء السياسيين، عبّرت روسيا عن رفضها لما وصفته بـ«جزء من حملة لندن لاستهداف قواتها المسلحة»، وذلك عقب نشر تقرير صحافي تحدث عن «رغبة روسيا بتحويل ليبيا إلى سوريا جديدة».
وتزامن ذلك مع تصريحات فرانك بيكير، سفير بريطانيا لدى ليبيا، التي أكد فيها أن بلاده مستعدة لتقديم الدعم اللازم لكشف وإزالة الألغام في مدينة بنغازي، بالإضافة إلى المساهمة في تقديم الخدمات الأساسية المتعلقة بالبنية التحتية، وإعادة إعمار المدينة التي دمرتها الحرب.
وقال بيكر في بيان بثته صفحة بلدية بنغازي أمس على «فيسبوك»، خلال زيارته لمدينة بنغازي، رفقة عميد البلدية المستشار عبد الرحمن العبار: «لقد شاهدت الدمار الذي خلفته الجماعات الإرهابية في بنغازي»، مشيراً إلى أن هذه المدينة «نجحت في التخلص من الإرهاب، وعليها الآن العمل على التخلص من العوامل التي تسببت في ظهور التطرف». كما أوضح أن بريطانيا «هي المانح الرئيسي لصندوق الاستقرار التابع للأمم المتحدة، والذي يخصص عدة مشاريع للمساعدة في إعادة بناء بنغازي»، لافتاً إلى أن هناك «شركات بريطانية أبدت استعدادها للعمل في بنغازي».
وكان بيكر قد أعلن عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مساء أول من أمس، عن مشروع جديد لإزالة الألغام ومخلفات الحرب في بنغازي، بقيمة 1.5 مليون جنيه إسترليني خلال العامين المقبلين.
دبلوماسيا، بحث المبعوث الأممي غسان سلامة خلال عشاء عمل في برلين مع سفراء الدول العربية، المعتمدين لدى ألمانيا، تطورات الأوضاع في ليبيا. وقالت البعثة الأممية في بيان، أمس، إن سلامة «أطلع السفراء العرب على الوضع في ليبيا، وأعرب لهم عن تقديره لدعمهم بعثة الأمم المتحدة».
كما التقى سلامة أمس بعض ممثلي المؤسسات الألمانية العاملة في ليبيا وشمال أفريقيا خلال إفطار، أقامته مؤسسة «برتلسمان» في برلين، بالإضافة إلى لقائه بوزير الخارجية الألماني هيكو ماس، الذي ناقش معه «سبل المساعدة في التصدي للجرائم المالية، ودعم الترتيبات الأمنية في ليبيا»، وثمن المبعوث الأممي في نهاية اللقاء «جهود ألمانيا على الدعم، الذي تقدمه للبعثة الأممية وبرامجها في ليبيا».
ومن جهته، أوضح أوليفر أوكزا، سفير ألمانيا لدى ليبيا، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، أن لقاء سلامة وماس، ناقش الوساطة الأممية بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس لوقف إطلاق النار، وأهمية هذا الدور على سير العملية السياسية، خصوصاً فيما يتعلق بالانتخابات.
في غضون ذلك، وبينما تواصل إيطاليا تحركاتها الدولية للحشد من أجل عقد مؤتمر دولي حول ليبيا في باليرمو الإيطالية يومي 12 و13 من الشهر المقبل، لاحت في الأفق بوادر أزمة بين روسيا وبريطانيا على خلفية تقرير نشرته صحيفة «ذا صن» أمس، تحدث عن رغبة روسيا «بتحويل ليبيا إلى سوريا جديدة». لكن ألكسندر كرامارينكو، مدير التطوير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية، قال إن هذا «جزء من حملة لندن لاستهداف القوات المسلحة الروسية».
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية أمس عن كرامارينكو ما أسماه بـ«المزاعم والحملة المدبرة التي تستهدف القوات المسلحة الروسية»، وقال بهذا الخصوص: «بالطبع، لا يمكن أن يقبل الأنغلوسكسونيين، أعني البريطانيين والأميركيين، ونخبهم... أنهم يواجهون حقيقة أننا قادرون، بذكاء، استعراض القوة العسكرية، أي بإظهار الاعتدال، وإجراء عمل دبلوماسي متعدد الأوجه في الوقت نفسه مع جميع اللاعبين».
وكانت «ذا صن» الإنجليزية قد نقلت عن مصدر حكومي رفيع بأن الاستخبارات البريطانية أبلغت رئيسة الوزراء تيريزا ماي بأن بوتين «يريد تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة»، واستخدام قواته هناك للتأثير على الغرب، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي لموسكو هو «السيطرة على أكبر طريق للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا».
وقالت الصحيفة إن «العشرات من ضباط وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، وعناصر من قوات (سبيتسناز)، وهي وحدة القوات الخاصة التابعة للجيش الروسي، متواجدون بالفعل في شرق ليبيا، ويقومون بمهام تدريب ومراقبة». مبرزة أن «هناك قاعدتان عسكريتان روسيتان تعملان من مدينتي بنغازي وطبرق، تحت غطاء شركة روسية عسكرية خاصة تسمى (فاغنر)، لها مقرات في ليبيا»، وهو الأمر الذي رفضه عدد من نواب (برقة) في حديثهم مع «الشرق الأوسط»، أمس.
وفي هذا السياق، قال محمد إبراهيم تامر، عضو مجلس النواب عن الجنوب، لـ«الشرق الأوسط» إنه لا توجد في بنغازي وطبرق قواعد عسكرية، «لكنها معسكرات لتدريب الجيش الليبي فقط».
في شأن آخر، أعلن السفير الليبي لدى القاهرة محمد عبد العزيز، عن إطلاق مبادرة لتأسيس «المنتدى الليبي - المصري للمال والأعمال»، بهدف خلق فرص استثمارية بين البلدين.
جاء ذلك خلال اجتماع للغرف التجارية المصرية والليبية في القاهرة أمس، تطرق إلى إعادة إعمار ليبيا، وبهذا الخصوص قال عبد العزيز إن بلاده تسعى إلى «بناء دولة المؤسسات والقانون، وإيجاد حلول لأزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، داعياً مصر للعب دور مستقبلي في إعادة إعمار ليبيا، من خلال توظيف الإمكانيات والكفاءات التي تمتلكها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.