تلميحات تركية جديدة إلى إطلاق سراح القس الأميركي خلال أيام

مفاوضات مكثفة لحل الأزمة قبل انتخابات الكونغرس وسريان العقوبات على إيران

أندرو برانسون (أ.ب)
أندرو برانسون (أ.ب)
TT

تلميحات تركية جديدة إلى إطلاق سراح القس الأميركي خلال أيام

أندرو برانسون (أ.ب)
أندرو برانسون (أ.ب)

لمّحت تركيا مجدداً إلى إمكانية إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برانسون، الذي يحاكَم لديها بتهمة دعم الإرهاب، والذي تسببت قضيته في توتر حاد مع الولايات المتحدة بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض عقوبات على تركيا.
ونقلت وسائل إعلام عن مصدر دبلوماسي تركي، لم تحدده بالاسم، أمس، أن أنقرة وواشنطن كثّفتا محادثاتهما بشأن قضية إطلاق سراح مواطنين أميركيين محتجزين في تركيا. ويوجد نحو 20 أميركيا محتجزاً في تركيا، بينهم موظفان محليان في قنصليتها في إسطنبول بتهمة دعم تنظيمات إرهابية والارتباط بحركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن، والمتهمة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في تركيا في منتصف يوليو (تموز) 2016.
وستُعقد جلسة الاستماع القادمة في قضية القس برانسون، الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية منذ يوليو الماضي في منزله بمدينة إزمير (غرب تركيا)، يوم الجمعة، أي قبل شهر من انتخابات الكونغرس الأميركي.
وتقدّم محامي برانسون إلى المحكمة الدستورية العليا في أنقرة الأسبوع الماضي بالتماس للإفراج عنه، استناداً إلى احتجازه لمدة عامين قبل البدء في محاكمته دون توجيه اتهام إليه وانتهاك حقوقه القانونية.
كانت الولايات المتحدة قد ضاعفت تعريفات تجارية على واردات الألمنيوم والصلب من تركيا، كما فرضت عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين بسبب قضية برانسون. ووصلت العلاقات بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى حافة الانهيار في أغسطس (آب)، ما أدى إلى تراجع كبير في قيمة الليرة التركية التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها، حيث خسرت أكثر من 40% من قيمتها في مقابل الدولار في شهر واحد.
في السياق ذاته، قال الكاتب بصحيفة «خبرتورك» عبد الرحمن يلدريم، إن التصريحات الأخيرة الصادرة عن أنقرة وواشنطن تشير إلى انخفاض حدة التوتر بين البلدين، وأن هذا يرفع الضغوط عن المحكمة التركية التي ستُصدر القرار بحق القس برانسون بعد غد (الجمعة)، وإن لم يواجه البلدان أي توتر جديد حتى نهاية الأسبوع، فقد تزيد فرصة عودة برانسون إلى بلاده.
وأضاف يلدريم أن إطلاق سراح برانسون سيكون الخطوة الأولى في حل المشكلات والتوترات مع الولايات المتحدة قبل انتخابات الكونغرس وبدء تطبيق العقوبات الاقتصادية الجديدة على إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. واعتبر أن تحسن العلاقات مع واشنطن سيكون مستحيلاً من دون إطلاق سراحه، كما أن تركيا تحتاج إلى الحصول على إذن من الولايات المتحدة لمواصلة استيراد منتجات الطاقة الإيرانية، عندما يبدأ تطبيق العقوبات عليها في الرابع من نوفمبر.
وأشار يلدريم إلى أن المستثمرين في تركيا بدأوا يعوّلون إلى حدٍّ ما على إطلاق سراح برانسون، وسيؤدي صدور قرار سلبي في هذه القضية يوم الجمعة إلى إحياء الاضطرابات في الأسواق المالية. وكان الرئيس التركي قد أعلن خلال مشاركته الشهر الماضي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن قضية برانسون خاضعة تماماً للقضاء، وليست موضوعاً سياسياً، وأنه كرئيس للجمهورية لا يمكن له التدخل في القضية.
في سياق آخر، قالت وزارة الداخلية التركية إن قوات الأمن اعتقلت 90 شخصاً، أمس، للاشتباه في صلتهم بحزب العمال الكردستاني المحظور، في عملية نُفّذت في 8 ولايات. فيما قال حزب الشعوب الديمقراطي (المؤيد للأكراد) إن 140 من أعضائه اعتُقلوا خلال الأيام الثلاثة الماضية لدوافع سياسية. وتتهم الحكومة التركية الحزب الممثَّل في البرلمان بأن له صلات بحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «تنظيماً إرهابياً».
على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، إن أول سفينة تنقيب تركية ستبدأ أنشطتها في البحر المتوسط نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وأضاف دونماز، في كلمة في افتتاح مؤتمر للطاقة في مدينة أنطاليا، جنوب تركيا، أمس (الثلاثاء)، إن تركيا ستحمي مواردها في شرق البحر المتوسط، النابعة من القانون الدولي، لافتاً إلى أن سفينة التنقيب الثانية ستنضم إلى الأسطول قريباً.
وتثير قضية تنقيب تركيا عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط توتراً مع كلٍّ من قبرص واليونان ومصر إضافة إلى لبنان وإسرائيل. وكررت تركيا الأسبوع الماضي أنها لن تسمح لأي جهة بتنفيذ أنشطة تنقيب عن الهيدروكربونات (الغاز والنفط) في المياه الخاضعة لسيادتها شرق حوض البحر المتوسط، دون إذن منها. وأعربت وزارة الخارجية التركية، في بيان، عن قلقها إزاء قرار إدارة قبرص دعوة الشركات الدولية للعمل في «منطقة الترخيص رقم 7»، من جانب واحد، وتجاهلها حقوق القبارصة الأتراك.
واعتبرت أن قرار إدارة قبرص دليل على مواصلتها عدم احترامها مصالح ما يسمى «جمهورية شمال قبرص التركية»، التي لا تعترف بها سوى تركيا، وحقوقها المتساوية في الموارد الطبيعية للجزيرة. ولفت البيان إلى أن قرار الجانب القبرصي ينتهك حقوق تركيا النابعة من القانون الدولي في الجرف القاري، وأن قسماً مهماً من «منطقة الترخيص رقم 7» الذي يشمله القرار يقع ضمن الحدود الخارجية للجرف القاري لتركيا شرق البحر المتوسط، والمسجلة في الأمم المتحدة.
وأكد البيان: «استمرار تركيا في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها في الجرف القاري، وتنفيذ جميع الأنشطة بما في ذلك التنقيب». وأضاف: «تركيا لن تسمح لأي بلد أجنبي أو شركة أو سفينة، بالقيام بأنشطة التنقيب عن الهيدروكربونات في المياه الخاضعة لسيادتها شرقي البحر المتوسط، من دون إذن منها».
ومنذ 1974، انقسمت جزيرة قبرص إلى شطرين، تركي في الشمال ويوناني في الجنوب، وفي عام 2004 رفض القبارصة اليونانيون خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.
ويطالب الجانب القبرصي التركي ببقاء الضمانات الحالية حتى بعد التوصل إلى الحل المحتمل في الجزيرة، ويؤكد أن الوجود العسكري التركي في الجزيرة شرط لا غنى عنه بالنسبة إلى القبارصة الأتراك، أما الجانب اليوناني فيطالب بإلغاء معاهدة الضمان والتحالف، وعدم استمرار الوجود التركي في الجزيرة عقب أي حل محتمل. وكانت تركيا قد أعلنت في مايو (أيار) الماضي، أنها ستبدأ أعمال الحفر على عمق 2600 متر في البحر المتوسط، معتبرة أنها خطوة تاريخية بالنسبة إليها.
واعترضت قطع بحرية تركية سفينة حفر تابعة لشركة «إيني» الإيطالية كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف أخيراً في المياه القبرصية في فبراير (شباط) الماضي، كما جددت تأكيد عزمها القيام بكل الخطوات اللازمة من أجل الحفاظ على حقوق تركيا والقبارصة الأتراك ومنع اتخاذ خطوات أحادية في شرق البحر المتوسط.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».