مداهمات واعتقالات وتحقيقات إسرائيلية... ومخاوف من تجدد «انتفاضة الأفراد»

الجيش يواصل عملياته الواسعة لتوقيف مهاجم المنطقة الصناعية

عمال فلسطينيون أمام بوابة منطقة بركان الصناعية قرب مستوطنة أريئيل (إ.ب.أ)
عمال فلسطينيون أمام بوابة منطقة بركان الصناعية قرب مستوطنة أريئيل (إ.ب.أ)
TT

مداهمات واعتقالات وتحقيقات إسرائيلية... ومخاوف من تجدد «انتفاضة الأفراد»

عمال فلسطينيون أمام بوابة منطقة بركان الصناعية قرب مستوطنة أريئيل (إ.ب.أ)
عمال فلسطينيون أمام بوابة منطقة بركان الصناعية قرب مستوطنة أريئيل (إ.ب.أ)

واصل الجيش الإسرائيلي عملية واسعة ومعقدة في الضفة الغربية، بحثاً عن الشاب الفلسطيني أشرف نعالوه (23 عاماً)، الذي قتل 2 من المستوطنين في هجوم في المنطقة الصناعية بركان يوم الأحد.
واقتحمت عناصر في الوحدات الخاصة في الجيش ومن جهاز الأمن العام (الشاباك)، منزل نعالوه في ضاحية شويكة في طولكرم، شمال الضفة، وذهبوا للبحث عن أشقائه وشقيقاته في مدن أخرى، وكذلك أصدقائه، وأخضعوا بعضهم لتحقيق فوري، واعتقلوا آخرين، في محاولة للوصول إليه، والتأكد ما إذا كان أحدهم قام بتقديم المساعدة له في الهجوم، أم لا.
وقال ناطق عسكري: «توجهت قوات الجيش إلى منزل الإرهابي في قرية شويكة، في المنطقة الخاضعة لصلاحية اللواء الإقليمي مناشيه، وقامت بأخذ مقاسات منزله تمهيداً لهدمه، وقامت بتنفيذ تحقيقات واعتقالات لأشخاص يُشتبه ببتقديمهم المساعدة له».
وكان نعالوه اقتحم صباح الأحد، مكاتب «مجموعة ألون»، المتخصصة في صناعة أنظمة الصرف الصحي، في المنطقة الصناعية بركان، شمال الضفة، فقيّد إسرائيلية هناك وقتلها ثم قتل إسرائيلياً آخر، وجرح ثالثة وفر من المكان.
وتشير التحقيقات الإسرائيلية إلى أن المهاجم قام بربط كيم ليفنغروند (29 عاماً)، قبل أن يقتلها بإطلاق النار عليها من مسافة قريبة، ثم أطلق النار على زيف حاجبي (35 عاماً)، ثم أصاب ثالثة (54 عاماً) في منطقة البطن.
ويجري محققو الجيش الإسرائيلي و«الشاباك»، تحقيقات واسعة حول كيفية تمكن الشاب من الدخول بسلاحه إلى المنطقة الصناعية الخاضعة لتدقيق أمني، ويحاولون أن يفهموا لماذا قام المهاجم بتكبيل الفتاة قبل قتلها، بقيود بلاستيكية كان طلبها من عاملين آخرين، لم يشكوا في نياته كونه أحد عمال المصنع.
وقال مصدر مشارك في التحقيقات، إنه يعتقد أن المهاجم قام بتوثيق الحادثة بعد تكبيل الفتاة. وأضاف أن تحليل شخصيته جارٍ حالياً.
كما فتح الجيش تحقيقاً في الإخفاق الأمني، وفي مدى التزام شركة الأمن الخاصة، التي قامت الدولة باستئجار خدماتها، بتأمين المنطقة الصناعية بالقواعد التي وضعها الجيش، وحتى إذا ما كانت هذه القواعد كافية أم لا.
وقال مسؤول أمني رداً على اتهامات كثيرة، إنه لا يمكن إجراء تفتيش أمني كامل على العمال الفلسطينيين الذين يدخلون إلى المنطقة الصناعية بركان، بسبب الأعداد الكبيرة.
وقال حارس الأمن الذي كان مسؤولاً عن فحص آلاف العمال الفلسطينيين يوم الأحد الماضي، إنه كان عليه فحص عدد كبير من الأشخاص خلال ساعة واحدة في بداية كل يوم عمل.
وأضاف أن «كاشف المعادن يرن طوال الوقت، ولا يمكننا فعل أي شيء حيال ذلك. نحن بالكاد ننجح في التحقق من أن تصاريح العمل ليست مزيفة. ليست لدينا طريقة لإجراء تفتيش أمني جوهري على العمال».
وشوهد آلاف العمال في المنطقة الصناعية أمس وقد تجمعوا في الخارج، بانتظار إجراء تفتيشات دقيقة أو إعادتهم.
وكان نعالوه قد دخل إلى المنطقة بتصريح عمل ساري المفعول، وسلاح ناري قبل يوم واحد فقط من القيام بالعملية، ولم ينتبه إليه أحد.
ويقول المحققون الإسرائيليون إن كثيراً من الأسئلة لن يتمكن أحد من الإجابة عنها مثل نعالوه نفسه.
ونشرت إسرائيل وحدتي مشاة إضافيتين في الضفة الغربية، إلى جانب فرقة قيادة على مستوى كتيبة من أجل اعتقال نعالوه.
وأغلقت القوات الإسرائيلية طرقاً في شمال الضفة، ووضعت حواجز ثابتة ومتحركة، بما في ذلك عند مداخل بعض البلدات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية.
وقال الجيش في بيان: «سنواصل وجهاز الأمن العام (الشاباك) العمل للإمساك بالإرهابي والحفاظ على أمن سكان المنطقة، مع زيادة الجهد العملياتي والاستخباراتي».
واقتحمت القوات الإسرائيلية، التي ضمت كذلك وحدات خاصة، منزل نعالوه واعتقلوا شقيقه، فيما كانت قوات أخرى تقتحم منزل شقيقته في نابلس وتستجوبها وتعتقلها كذلك.
وطالت الاعتقالات، أمس، 12 فلسطينياً بعضهم على علاقة بالمهاجم، وذلك بعد يوم من اعتقال صديق له كان يحمل وصيته.
وفاجأت العملية إسرائيل، كون المنفذ بلا سوابق أمنية، ولا ينتمي لأي فصيل فلسطيني، وحاصل على تصريح من أجل العمل في المنطقة الصناعية التي يعمل بها آلاف اليهود إلى جانب العرب.
وأثارت العملية المخاوف من تجدد موجة العمليات التي تسميها إسرائيل «انتفاضة الأفراد»، واشتعال الأوضاع الأمنية تدريجياً في الضفة الغربية.
ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، فقد شكلت العملية تحدياً أمام الجيش الإسرائيلي، الذي يسعى للرد بما يشكل ردعاً للفلسطينيين، في الوقت الذي يسعى فيه إلى تجنب انفجار أمني في الضفة الغربية المحتلة. وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تخشى أن يؤدي العقاب الجماعي لأهالي الضفة الغربية المحتلة، بأمر من الحكومة، إلى انفجار أمني، على الرغم من بقاء الضفة هادئة على الصعيد الأمني، في أعقاب نقل السفارة الأميركية إلى القدس، بالمقارنة مع مسيرات العودة التي انطلقت في 30 مارس (آذار) الماضي، ومستمرة حتى اليوم، على الشريط الأمني الفاصل شرق قطاع غزة.
وقالت صحيفة «هآرتس»، إن «الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها جهاز الأمن العام (الشاباك)، يخشى أن يؤدي القمع المفرط لأهالي الضفة، إلى تشكيل تربة خصبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تسعى إلى جر الضفة إلى مواجهات مستمرة مع الاحتلال».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الاثنين)، موقفاً مشابهاً عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها، إن الجيش الإسرائيلي يخشى من أن تشكّل عملية بركان، «إلهاماً للشبان في الضفة الغربية لتكرارها». ولفتت الصحيفة إلى أن منفذ العملية، لا نشاط سابقاً له في ارتكاب العمليات الأمنية، مثله مثل منفذَي عمليتي مستوطنتي «إيتمار» و«حلاميش»، في وقت سابق من هذا العام، وأن مواصفات ما سمته الصحيفة «المهاجم الفرد» تنطبق عليه. جاء هذا التحذير العسكري في أعقاب دعوة السياسيين الإسرائيليين المشاركين في حكومة نتنياهو، إلى سياسة العقاب الجماعي لأهالي الضفة، ما يرفع رصيدهم لدى جمهور ناخبيهم، على اعتبار أن ذلك أولى بأن يردع «المخربين» في الضفة، وسط أصوات تطالب القيادة السياسية في إسرائيل، باتخاذ قرارات بإلغاء تصاريح العمل الممنوحة لأهالي الضفة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.