مدريد تضغط على بروكسل لتقديم مساعدات مالية كبيرة للرباط

TT

مدريد تضغط على بروكسل لتقديم مساعدات مالية كبيرة للرباط

رفعت حكومة مدريد منسوب ضغوطها على المفوضية الأوروبية، مطالبة بروكسل بتقديم مساعدات مالية كبيرة وسريعة للمغرب من أجل مواجهة تدفق المهاجرين على السواحل الإسبانية بعد أن ازدادت أعدادهم بشكل ملحوظ إثر إغلاق إيطاليا مرافئها بوجه قوارب الإنقاذ الإنسانية.
وتفيد مصادر إسبانية رسمية بأن مدريد والرباط أبلغتا بروكسل بأن «صبرهما قد نفد»، إذ ما زالت الحكومة المغربية تنتظر منذ أكثر من عام الحصول على المساعدات المالية والتقنية الموعودة لمواجهة تدفق اللاجئين غير الشرعيين على الضفة الغربية للبحر المتوسط.
وتقول المصادر إن إسبانيا «تعتبر المغرب شريكاً مسؤولاً، وتشاطره الرأي بأن ملف الهجرة يقتضي معالجة تقوم على مبدأ المسؤولية المشتركة... وتطالب أوروبا، المتهافتة لمساعدة تركيا على مساعدة اللاجئين وصدّ الهجرة الاقتصادية إلى بلدان الاتحاد، بأن تهتم أكثر بالمغرب شريكها الأساسي في هذا الملف». وتفيد المعلومات الرسمية الإسبانية بأن عدد اللاجئين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى إسبانيا منذ مطلع العام الحالي بلغ 42 ألفاً، أي ضعف الذين دخلوا عبر البوابة الليبية التي تصبّ في إيطاليا. وفي الساعات الأولى من فجر الاثنين أنقذت سفينتان تابعتان لخفر السواحل الإسباني 325 مهاجراً غير شرعي في مضيق جبل طارق، بعد أن كانت قد أنقذت 1200 آخرين خلال نهاية الأسبوع الماضي.
وتؤكد مصادر المفوضية الأوروبية أن الاتصالات الثلاثية بين الرباط ومدريد وبروكسل متواصلة حول هذا الملف، وأن مساعدات مالية وفنية جديدة ستصل إلى المغرب في الأشهر المقبلة عبر الصندوق الائتماني الخاص بشمال أفريقيا وضمن سياسة الجوار مع المغرب، مشيرة إلى أن اجتماعاً رفيع المستوى بين الأطراف الثلاثة سيعقد قريباً.
وتقول المذكرة التي رفعتها مدريد إلى المفوضية الأوروبية مطالبة بالإسراع في تقديم المساعدات الموعودة إلى الرباط، إن المغرب يقوم بجهد كبير لمنع دخول اللاجئين غير الشرعيين إلى أوروبا، وأن 13 ألفا من رجال الأمن ينتشرون على طول السواحل المغربية بتكلفة سنوية تقدّر بمائتي مليون يورو. ويوصي تقرير وضعته أخيراً الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود (فرونتيكس) بتعديل مناطق انتشار خفر السواحل المغربية بعد انتقال نقاط العبور إلى مناطق أخرى أقرب إلى الحدود مع الجزائر. وجاء في المذكرة أن السلطات المغربية قد تمكنت في العام الماضي من اعتراض 65 ألف مهاجر كانوا يحاولون مغادرة البلاد بصورة غير شرعية، أي ضعف العدد الذي اعترضته في العام السابق، وأنها تمكنت من تفكيك 80 شبكة للاتجار بالأشخاص منذ مطلع السنة الجارية. وتعتبر مدريد أن مراكز الشرطة والدوريات المشتركة بين أجهزة الأمن الإسبانية والمغربية أمثلة تحتذى في معالجة ملف الهجرة.
لكن رغم هذا التقارب بين مدريد والرباط ما زالت العلاقات بين الطرفين موضع تجاذبات ومفتوحة على تقلبات مرهونة بتطورات وملفات عدة. فمنذ تشكيل الحكومة الاشتراكية الجديدة في مدريد مطلع يونيو (حزيران) الماضي، لم يتوصل الطرفان بعد إلى تحديد موعد لزيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط، علما بأن العاصمة المغربية تقليدياً هي المحطة الأولى في زيارات رؤساء الحكومات الإسبانية إلـى الخارج. يضاف إلى ذلك أن اتفاقية صيد السمك التي أُبرِمت مؤخراً بين الرباط وبروكسل وصادقت عليها الدول الأعضاء، ما زالت تنتظر الضوء الأخضر من البرلمان الأوروبي حيث ليس معروفاً ما سيكون عليه موقف الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا من الاقتراح لتعديل الاتفاقية استناداً إلى قرار لمحكمة العدل الأوروبية في خصوص صيد الأسماك من مياه الصحراء. ويبلغ عدد السفن الأوروبية التي تعمل في تلك المياه 128 سفينة، منها 92 إسبانية.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب تجاوب مؤخراً مع مطلب قديم للحكومة الإسبانية بتفعيل اتفاق موقع بين الطرفين عام 2012 لإعادة القاصرين الذين يهاجرون وحدهم إلى إسبانيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».