عبد الله الطيب شخصية الدورة الـ14 لمعرض الخرطوم للكتاب

عبد الله الطيب
عبد الله الطيب
TT

عبد الله الطيب شخصية الدورة الـ14 لمعرض الخرطوم للكتاب

عبد الله الطيب
عبد الله الطيب

تشهد العاصمة السودانية أعمال الدورة الرابعة عشرة من «معرض الخرطوم الدولى للكتاب»، في الفترة 17 - 29 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري «دورة البروفسور عبد الله الطيب»، والذي يعد مناسبة ثقافية في غاية الأهمية ينتظرها السودانيون الشغوفون بالقراءة والاطلاع.
وأعلنت اللجنة العليا للمعرض، قبل أسبوع، اختيارها للعلامة الراحل البروفسور عبد الله الطيب شخصية للدورة الرابعة عشرة، تقديراً لجهوده وإسهامه العلمي والأدبي والأكاديمي وفي العديد من المجالات.
وينتظر أن يشارك في المعرض عدد من دور الكتب العالمية والعربية والإقليمية، بما يرفد «عشاق الكتاب» بالجديد مما حبّرته مطابع الدنيا بأكثر من لغة.
وحسب اللجنة فإن الدورة الـ14 تراعي وتعمل على تعزيز المشروع الثقافي الوطني، وإحياء التراث الأدبي والفكري، وحماية حقوق الملكية الفكرية والمؤلفين، وتأمين حرية الثقافة والنشر.
ويمكن اعتبار الاحتفاء بالبروفسور الطيب كـ«شخصية للمعرض» في دورته المقبلة، علامة من علامات اهتمام لجنة المعرض بالشخصيات التي أسهمت في تعزيز الثقافة والكتابة والنقد في البلاد.
وُلد البروفسور عبد الله في منطقة «التميراب» غربي مدينة «الدامر» شمال البلاد، في عام 1921، وتلقى تعليمه في مدارسها، قبل أن يتخرَّج في مدرسة الآداب بكلية غردون التذكارية بالخرطوم 1942، ثم حصوله على درجتي البكالوريوس والدكتوراه في الآداب من جامعة لندن في 1948 و1950 على التوالي.
عمل الطيب في المجال الأكاديمي لأكثر من نصف قرن، محاضراً في معهد دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة لندن، ثم شغل منصب رئيس قسم اللغة العربية والمناهج بمعهد بخت الرضا لتدريب المعلمين، وأستاذاً في قسم اللغة العربية في جامعة الخرطوم، ليترقى عميداً لكلية الآداب.
كما أشرف وأسهم البروفسور الطيب في إنشاء «كلية عبد الله باريو» بجامعة «أحمدو بيلو» بمدينة كانو النيجيرية، وكان أول عميد لها، ليتم اختياره مديراً لجامعة الخرطوم، أعرق الجامعات السودانية، ثم جامعة جوبا، ثم شغل كرسي الدراسات العليا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة «سيدي محمد بن عبد الله» في مدينة فاس المغربية.
نال عضوية هيئة تحرير الموسوعة الأفريقية التي يقع مقرها في دولة غانا، ثم ترأس مجمع اللغة العربية في السودان، ومجلس أساتذة جامعة الخرطوم، كما ترأس اتحاد الأدباء السودانيين، ونال عضوية مجمع اللغة العربية في القاهرة، وعمل أستاذاً زائراً في عدد من الجامعات العربية والأفريقية والبريطانية.
وزكّت البروفسور الطيب ثقافته العربية الموسوعية، وإسهاماته الكتابية والنقدية، ليكون أحد أبرز رموز الثقافة العربية في القرن العشرين، فقد أثرى الرجل الساحة الفكرية العربية بإسهاماته الكبيرة في الفكر والثقافة العربيتين.
وقد حباه الله بعدة ملكات، فقد شاعراً وكاتباً روائياً ودارساً متعمِّقاً للأدب العالمي وناقداً مهماً للأدب العربي القديم والفكر والأدب بشكل عام. والرجل يعد مرجعاً في الشعر العربي وتاريخه.
وتعد مؤلفاته الفكرية والثقافية والنقدية مراجع مهمة في الأدب والثقافة والفكر في العالم العربي، وأشهرها كتابه المرجعي «المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها»، ويتكون من خمسة مجلدات في 3132 صفحة.
وتناول البروفسور الطيب في «المرشد» الشعر العربي وخصائصه منذ العصر الجاهلي. وصدر الجزء الأخير منه في 1990. واستغرقت كتابته أكثر من ثلاثين عاماً.
وتضمنت مؤلفاته بالعربية والإنجليزية قضايا الشعر والنثر، كما أن له عدداً من الدواوين الشعرية والمسرحيات وقصص الأطفال. ويضاف إلى جهوده هذه برنامجه الإذاعي الشهير «حول تفسير القرآن الكريم»، الذي استمر تقديمه له خمسة وثلاثين سنة.
منحت عدة جامعات على مستوى العالم البروفسور الطيب درجة الدكتوراه الفخرية، كما نال جائزة الملك فيصل العالمية بالاشتراك مع «البروفسور عز الدين إسماعيل عبد الغني» المصري، تقديراً لجهوده العلميَّة المتميِّزة ودراساته الأدبية الكثيرة التي خدمت الشعر العربي وتاريخه وقضاياه.
انتقل البروفسور عبد الله الطيب إلى مثواه الأخير في 2003. وفقد العالم برحيله أديباً وأستاذاً وعالماً وكاتباً كبيراً، لا تزال مؤلفاته تلقى ذات الاهتمام، واختياره شخصية معرض الكتاب لهذا العام يعد قدحاً للذاكرة وعرفاناً بهذا الدور.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».