روسيا تعوّل على {المشاريع القومية} لـ{تغيير كلي} بعد 6 سنوات

وزير المالية يعلن توجيه 233 مليار دولار من الموارد لتمويلها

تعمل الحكومة الروسية على تحسين مستوى الإنتاج في القطاع غير النفطي
تعمل الحكومة الروسية على تحسين مستوى الإنتاج في القطاع غير النفطي
TT

روسيا تعوّل على {المشاريع القومية} لـ{تغيير كلي} بعد 6 سنوات

تعمل الحكومة الروسية على تحسين مستوى الإنتاج في القطاع غير النفطي
تعمل الحكومة الروسية على تحسين مستوى الإنتاج في القطاع غير النفطي

قال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، إن روسيا ستتغير كلياً بعد 6 سنوات بفضل تنفيذ «المشاريع القومية» التي حددها الرئيس الروسي في إطار خطته الاقتصادية خلال ولايته الرئاسية الحالية، حتى عام 2024.
وأكد سيلوانوف في حديث للإعلام الروسي أن «الحكومة ستوجه جزءاً كبيراً من الموارد لتمويل مجالات التعليم والثقافة، وجميع المجالات الرئيسية»، وعبّر عن قناعته بأن الجميع سيشعرون بتغيرات، و«خلال ست سنوات سيكون لدينا بلد آخر»، في إشارة منه إلى التغيرات التي قد تظهر نتيجة تنفيذ المشاريع القومية.
وأشار إلى أن «الجزء الرئيسي من الموارد سيتم توجيهه أولاً وقبل كل شيء إلى التنمية الاقتصادية»، موضحاً أن هذا يشمل تمويل بناء «الطرق الرئيسية، والبنى التحتية التي تساعد على الربط بين الأقاليم الروسية، والمراكز الاقتصادية في البلاد. فضلاً عن تمويل التحول نحو الاقتصاد الرقمي، الضروري للنمو الاقتصادي».
وفي إطار سعيها لتقليص الاعتماد على العائدات النفطية وعائدات صادرات المواد الخام، تعمل الحكومة الروسية على تحسين مستوى الإنتاج في القطاع «غير النفطي»، وذلك في إطار «المشاريع القومية» ذاتها. إذ أكد الوزير سيلوانوف أن الحديث يدور كذلك حول تطوير صادرات المنتجات الروسية، والتي شدد على ضرورة أن تتمتع بقدرة على المنافسة «ليس في الأسواق المحلية فحسب، بل في الأسواق الخارجية أيضاً». فضلاً عن ذلك ستركز الحكومة على تمويل الجوانب المتعلقة برأس المال البشري، مثل الرعاية الصحية والتعليم، وإلا «دون ذلك لا يمكننا ضمان نوعية وطول عمر مواطنينا»، حسب سيلوانوف، الذي عاد ونوه في الختام إلى أن «هذا كله من مكونات المشاريع القومية التي اعتمدناها في الحكومة، وننوي تنفيذها العام القادم».
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة قامت بتحديد التوجهات الرئيسية لعملها خلال السنوات القادمة، بناءً على مرسوم أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر مايو (أيار) الماضي، تحت عنوان: «حول الأهداف الوطنية ومهام التنمية الاستراتيجية لروسيا الاتحادية في المرحلة حتى عام 2024»، وطالب فيه الحكومة بأن تقوم حتى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) بصياغة المشاريع القومية في 12 مجالاً، لتحقيق جملة أهداف، منها: نمو السكان، وزيادة متوسط العمر المتوقع إلى 78 سنة بحلول عام 2024، و80 سنة بحلول عام 2030، وزيادة الدخل للمواطنين أعلى من مستوى التضخم، وتقليص الفقر مرتين، وتحسين ظروف السكن لأكثر من 5 ملايين أسرة سنوياً، وتسريع التطور التكنولوجي في روسيا، والتعجيل بإدخال التكنولوجيا الرقمية في الاقتصاد والمجال الاجتماعي، وانضمام روسيا إلى أكبر خمس اقتصادات في العالم، وضمان معدلات نمو اقتصادي أعلى من المعدلات العالمية، مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، بما في ذلك التضخم بنسبة لا تتجاوز 4%، وكذلك تأسيس إنتاج في المجالات الرئيسية من الاقتصاد يكون موجهاً إلى التصدير.
وبعد الإعلان عن تلك الخطة، التي تشكل أولويات بالنسبة إلى الحكومة الروسية، دار جدل حول تمويلها وإمكانية توفيره. وبينما قالت الحكومة الروسية إن هذا سيتطلب إنفاقات إضافية بقيمة 8 تريليونات روبل (نحو 133 مليار دولار)، قال معارضون في البرلمان إن تمويل تلك المشاريع يحتاج على أقل تقدير إلى 10 تريليونات روبل (166 مليار دولار) خلال 6 سنوات. ويبدو أن بدء العمل الفعلي على صياغة خطة العمل لتنفيذ تلك المشاريع كشف عن حجم التمويل الحقيقي الذي تحتاج إليه. وقال سيلوانوف في تصريحاته، أمس، إن «إجمالي الموارد التي سيتم توجيهها لتمويل المشاريع القومية خلال ست سنوات يبلغ 14 تريليون روبل (نحو 233 مليار دولار)»، موضحاً أنه «تم تخصيص 8 تريليونات من الميزانية لهذا الغرض، وستصل حتى 9 تريليونات بفضل الضرائب على المنتجات النفطية التي نحصّلها من الأقاليم».
ويعود مصطلح «المشاريع القومية» ذات الأولوية، إلى عام 2015، حين أعلن بوتين أول مرة عن «مشاريع قومية» رئيسية في أربعة مجالات هي: الرعاية الصحية، والتعليم والسكن وتطوير مجمع الصناعات الزراعية. حينها وصف خبراء اقتصاديون تلك المشاريع بأنها «خريطة طريق» تحدد وجه روسيا المستقبلي... أما «المشاريع القومية» عام 2018، فقد رأى فيها فياتشيسلاف سميرنوف، عميد معهد السياسة الاجتماعية «عودةً إلى نظام التخطيط الاستراتيجي في الدولة»، ووصفها الخبير الاقتصادي ألكسندر سيرافين بأنها «أرضية لتحقيق قفزة اقتصادية».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.