فلسطيني يهاجم منطقة صناعية في الضفة ويقتل إسرائيليين

الاحتلال يطلق عملية لاعتقاله... والفصائل «تبارك»

قوات أمن إسرائيلية على مدخل منطقة «بركان» الصناعية في الضفة الغربية حيث قتل إسرائيليان (أ.ب)
قوات أمن إسرائيلية على مدخل منطقة «بركان» الصناعية في الضفة الغربية حيث قتل إسرائيليان (أ.ب)
TT

فلسطيني يهاجم منطقة صناعية في الضفة ويقتل إسرائيليين

قوات أمن إسرائيلية على مدخل منطقة «بركان» الصناعية في الضفة الغربية حيث قتل إسرائيليان (أ.ب)
قوات أمن إسرائيلية على مدخل منطقة «بركان» الصناعية في الضفة الغربية حيث قتل إسرائيليان (أ.ب)

قتل فلسطيني إسرائيليين، في هجوم مسلح في المنطقة الصناعية «بركان»، شمال الضفة الغربية، وأصاب ثالثاً، قبل أن يفر من المكان، في عملية بددت الهدوء النسبي في الضفة، وأعادت إلى الأذهان موجة من العمليات المماثلة.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن شاباً مسلحاً نفذ «هجوماً خطيراً» على «خلفية قومية»، وقتل رجلاً وامرأة، وأصاب أخرى، في المنطقة الصناعية التي تقع قرب مستوطنة «بركان».
ونجح الشاب أشرف نعالوه (23 عاماً)، وهو ينحدر من قرية شويكة، في طولكرم، شمال الضفة الغربية، بالدخول إلى المصنع الذي يعمل فيه، وصعد إلى الطابق الثاني الذي يحوي مكاتب إدارية، وأطلق النار على الموظفين وغادر.
وأظهرت كاميرا خارجية شاباً مسلحاً يحمل بندقية محلية الصنع، من نوع «كارلو»، يغادر مسرعاً من دون أن ينتبه إليه أحد من العمال.
وتعهد المسؤولون الإسرائيليون بوضع اليد على المهاجم.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن قواته تطارد المنفذ، وإنه متأكد من أنه سيتم القبض عليه ومحاسبته بأسرع وقت ممكن. وقال وزير الجيش أفيغدور ليبرمان إنها «مسألة وقت» قبل أن نعتقله.
وأكد الناطق باسم الجيش أفيخاي أدرعي أن قوات الجيش و«الشاباك» سيلاحقان المنفذ دون كلل أو ملل حتى العثور عليه، وأضاف: «إن القوات ستصل إليه عاجلاً أم آجلاً».
وفوراً، أطلقت إسرائيل عملية كبيرة، ودفعت بوحدات إضافية إلى الضفة الغربية، بحثاً عن منفذ الهجوم.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان: «أطلق عدد كبير من قوات الجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عملية بحث عن المشتبه به الذي تعرف قوات الأمن هويته. إضافة إلى ذلك، انتشر عدد كبير من الجنود في أنحاء المنطقة لإجراء تفتيشات وفحوصات».
وهذه ليست أول عملية في المنطقة. ففي 2015، طعن فلسطيني حارسي أمن في المجمع الصناعي ذاته، وقتله حراس الموقع فوراً.
ويقول «الشاباك» الإسرائيلي إن منفذ الهجوم لا ينتمي لأي فصيل فلسطيني، وإنه نفذ عمليته منفرداً.
ويحمل المنفذ تصريح عمل من سلطات الاحتلال منذ وقت طويل.
وعادة، يخضع حملة التصاريح إلى فحوصات أمنية مشددة قبل منحهم حق الدخول إلى إسرائيل.
وكان منفذ الهجوم يعمل في «مجموعة ألون»، التي تصنع أنظمة صرف صحي، لكنه تغيب أخيراً عن عمله، قبل أن يفاجئ الجميع أمس بوصوله وتنفيذ عمليته.
وسرت شائعات في البداية عن طرده من عمله، لكن مسؤولين أمنيين نفوا، وقالوا إنه تغيب عن عمله في الفترة الأخيرة.
وتجري إسرائيل تحقيقات حول كيفية تمكن المهاجم من عبور نقاط التفتيش الأمنية حاملاً سلاحه.
ويخضع المجمع الصناعي الشهير، الذي أقيم في بداية الثمانينات، ويعمل فيه نحو 8 آلاف موظف إسرائيلي وعربي، لحراسة مشددة.
ووصف شاي عاميخاي، المدير العام للمجمع الصناعي، الموقع بأنه مثال جيد على عمل الإسرائيليين والفلسطينيين سوية، مضيفاً: «لا أعلم ما الإجراءات الأمنية في المنطقة. لم يكن هناك تقليص في عدد قوات الأمن، إن كان علناً أو سراً».
ولم تعقب السلطة الفلسطينية على العملية التي وقعت في الضفة الغربية، على الرغم من دعوة الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لها بإدانة العملية، فقد قال ريفلين إنه «لم يكن مجرد هجوم على الأبرياء، بل كان أيضاً هجوماً على فرصة الإسرائيليين والفلسطينيين في العيش جنباً إلى جنب في سلام». ودعا ريفلين السلطة الفلسطينية إلى إدانة الهجوم الذي وصفه بـ«الشنيع».
كان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس قد اتهم الرئيس الفلسطيني بالمسؤولية عن الهجوم بسبب ما وصفه بالتحريض على اليهود.
وفي العادة، لا تدين السلطة أي عمليات تقع في الضفة الغربية وتستهدف مستوطنين، لكن رئيس المكتب الإعلامي في حركة فتح، منير الجاغوب، قال إن «الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لحماية من يغتصب الأرض الفلسطينية، وعدم الاعتراف بحقوق الشعب التي أقرتها القرارات والشرائع الدولية، يعجز عن حماية أي مغتصب للأرض مهما حشد من عتاد، ومهما امتلك من قوة، ومهما استخدم من إرهاب وقتل، وعملية اليوم هي دليل آخر على ذلك».
وأضاف أن «الحل الوحيد يكمن في الاعتراف بحقوق الشعب، عبر تجسيد الاستقلال الوطني الفلسطيني، ضمن دولة حرة ذات سيادة كاملة، تقام في الأرض المحتلة، وضمن حدود الرابع من عام 1976، وعاصمتها القدس الشرقية».
وتابع أن «أي محاولة لتجاوز هذه الحقوق لن تجدي إسرائيل نفعاً، ولن تجلب لها ولمواطنيها الأمن، فلا أمن لأحد ما بقي الشعب محروماً من حقوقه في وطنه».
وحظيت العملية التي رأتها «فتح» دليل عجز إسرائيلي بمباركة غالبية الفصائل الفلسطينية. فوصفتها حركة حماس بالبطولية، وقالت في بيان: «إننا إذ نبارك العملية البطولية، لنؤكد أنها تأتي في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا، التي تتواصل في كل الأراضي الفلسطينية، كما نؤكد أن شعبنا لن يقف مكتوف اليدين أمام اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، وتدنيسهم المستمر لباحاته، إضافة لمحاولات سلطات الاحتلال هدم الخان الأحمر، واعتقالهم لأبناء شعبنا في اقتحامات يومية للضفة، واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، واعتداءاته الإرهابية المتكررة على مسيرات العودة السلمية، ما ينذر بأن الانفجار الفلسطيني قادم في وجه هذا المحتل».
وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن «العملية رد طبيعي على جرائم الاحتلال في غزة والقدس والخان الأحمر»، معتبرة الاستيطان «هدفاً مشروعاً للمقاومين والثائرين».
ودعت حركة الجهاد الفلسطينيين في القدس والضفة، وكل مكان، إلى «الانتفاض في وجه الإرهاب الاستيطاني حتى طرده، وتحرير الضفة من الاستيطان والمستوطنين»، مؤكدة أن «دماء الشهداء الأبطال، وتعمد استهداف الأطفال، والمساس بالأقصى، لن يمر دون رد».
وفي غزة، وزع فلسطينيون بعض الحلوى المحلية على المارة ابتهاجاً بالعملية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.