قال محللون إن تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وضعت النقاط على الحروف لكثير من الملفات الساخنة المحلية والعالمية على حد سواء، مبينين أن حديثه كان يستند إلى الحقائق الدامغة والمعلومات الوافية.
وأشار الدكتور صدقة فاضل أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز إلى أن تصريحات ولي العهد السعودي لوكالة «بلومبرغ» الأميركية جاءت «في الوقت المناسب من الشخص المناسب». وأضاف: «هذه التصريحات وضعت النقاط على الحروف وأصبح كل شيء واضحاً ومحدداً، سواء للولايات المتحدة أو لأولئك الذين حاولوا التلاعب بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة بشأن المملكة».
وتابع فاضل: «ولي العهد أكد أن السعودية تأسست قبل تأسيس الولايات المتحدة، وتعتمد في الدفاع عن نفسها على توفيق الله ثم سواعد أبنائها، وعندما تشتري الأسلحة من دول أخرى فإنها تدفع مقابل ذلك وليس مجانية، كما أنها عندما اشترت الأسلحة من الولايات المتحدة دفعت ثمنها».
واستبعد الدكتور فاضل أي تأثر للعلاقات السعودية - الأميركية التي وصفها بالتاريخية والراسخة لعقود طويلة. وقال إن «هذا الأمر أكده الأمير بأن العلاقات السعودية - الأميركية تاريخية واستراتيجية وثيقة»، وإن «ما قاله ترمب لن يؤثر في هذه العلاقات الراسخة، وإننا سنتعامل مع أميركا لأن ذلك يخدم مصالح البلدين»، لافتاً إلى أن 99 في المائة من هذه العلاقات إيجابية.
من جانبه، اعتبر الدكتور عبد الله العساف أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الإمام تصريحات ولي العهد السعودي رداً قوياً وواثقاً لكل من يشكك في قوة وقدرة السعودية على حماية نفسها. وأردف: «بداية نسجل كسعوديين اعتزازنا بقيادتنا ووطننا؛ القيادة التي حافظت على أمن وسلامة واستقرار ليس فقط السعودية بل والمنطقة، المقابلة أظهرت أن هنالك وضوحاً وإلماماً بالتفاصيل في جميع الملفات، رأينا أرقاماً ونسباً مختلفة، ورؤية واضحة، وإيضاحاً للحقائق بكل هدوء، واستغلالاً لإمكانات السعودية».
واستطرد العساف بقوله: «رد بثقة وأبرز قوة السعودية ومن يشكك في قدرة السعودية على حماية نفسها، وأرجع الجميع للتاريخ الحقيقي للسعودية، في وقت لم تكن موجودة فيه الولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن تمر المملكة بمراحل مختلفة مثلها مثل أي دولة».
ولفت الدكتور العساف إلى أن أحداً لم يتصدق على المملكة أو يهبها هبات، وقال: «لم يتصدق علينا أحد أو يهبنا شيئاً مجانياً، اليوم السعودية سياستها لشراء الأسلحة متنوعة من الولايات المتحدة، وأوروبا، وروسيا، والصين، وقد أوضح الأمير أن الاستراتيجية كانت تتجه لعدة دول أخرى، لكن قررت بعد وصول ترمب الشراء من الولايات المتحدة».
وهون أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الإمام من تصريحات ترمب الأخيرة بشأن السعودية، مطالباً بالتعامل بهدوء مع مثل هذه الخطابات الشعبوية، وقال: «علينا عدم التشنج في الردود الإعلامية، لأن هذه خطابات شعبوية موجهة للداخل الأميركي، أراد ترمب من خلالها أن يدغدغ مشاعر مؤيديه، علينا التعود على مثل هذه الخطابات لأنها تحاكي فئة معينة من الناس في ظروف الانتخابات، وهي ليست المرة الأولى التي يزج باسم السعودية في انتخابات أميركية، بل في كل انتخابات نرى اسم المملكة، وهذا دليل على أنها أيقونة في المنطقة والعالم، وأحد العشرين الكبار، ولها ثقل روحي عالمي، وثقل سياسي واقتصادي، وهي محور من محاور السلام». وأضاف: «عادة بعد وصول الزعماء الأميركان إلى سدة الحكم تتغير كل هذه الخطابات الشعبوية، ورأينا كيف كانت أول زيارة لترمب للسعودية، هنالك أمران لا تساوم فيهما السعودية؛ أمنها وسيادتها، وقد رأينا ما حصل مع كندا وألمانيا».
ويقول محللون إن كلام ولي العهد في حواره مع «بلومبرغ» مهم لفهم تطورات السوق البترولية في المدى القصير.
إذ أثرت تغريدات الرئيس دونالد ترمب في صورة العلاقة النفطية بين البلدين بعد تحميله «أوبك» كل أسباب ارتفاع أسعار النفط أخيراً، ودعم تلك التغريدات بيان وزارة الخارجية الأميركية الذي دعا «أوبك» لزيادة إنتاجها.
ولا تزال هناك شكوك في السوق عن قدرة تحالف «أوبك» والمنتجين خارجها في تعويض أي نقص من نفط إيران، إلا أن ولي العهد واجه تلك الشكوك بشكل واضح.
وقال الأمير محمد بن سلمان إن تحالف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والدول خارجها نجح حتى الآن في تغطية النقص في الإمدادات النفطية من إيران.
وأوضح ولي العهد في حديثه أن التحالف زاد إنتاجه بنحو 1.5 مليون برميل يومياً أخيراً في الوقت الذي تراجعت فيه إمدادات إيران بنحو 700 ألف برميل يومياً، أي أن التحالف عوض كل برميل إيراني بنحو برميلين من نفطه.
وفي رده على تغريدات الرئيس ترمب التي طالب فيها «أوبك» بخفض أسعار النفط، قال الأمير محمد إن السعودية لم تحدد أبداً أي أسعار للنفط، وإن السعر يحدده العرض والطلب والتداول في السوق.
وأرجع الأمير محمد ارتفاع الأسعار أخيراً إلى تراجع الإمدادات من دول كثيرة، مثل فنزويلا والمكسيك وكندا، وليس للحظر الإيراني أي تأثير، لأن التحالف غطى كل نقص من إيران حتى الآن. إلا أن السعودية و«أوبك» مستعدة لموازنة السوق وتعويض أي نقص في الإمدادات، كما عبر الأمير، إذا ما كان هناك طلب من الزبائن.
وتحتفظ المملكة بنحو 1.3 مليون برميل يومياً طاقة إنتاجية فائضة ممكن استخدامها دون أي استثمارات جديدة، ويجري حالياً التباحث مع الكويت من أجل إعادة إنتاج النفط من المنطقة المقسومة، كما أوضح في حديثه.
وفيما يتعلق بعودة الإنتاج من المنطقة المقسومة، قال الأمير إن هناك مشكلات في المنطقة منذ 50 عاماً لا يمكن حلها في أسبوع واحد، ولا يزال يرى أنه من الأفضل إعادة الإنتاج من المنطقة وحلها تدريجياً مع مراعاة سيادة الكويت ومطالبها في هذا الخصوص.
وظل الإنتاج من المنطقة المقسومة متوقفاً منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014 من الخفجي، ومنذ مايو (أيار) 2015 من الوفرة. وتحتوي المنطقة على طاقة إنتاجية بنصف مليون برميل يومياً.
محللون وأكاديميون: حديث ولي العهد قطع الطريق أمام المتشككين
استبعدوا أي تأثير على العلاقات السعودية ـ الأميركية... وتحالف «أوبك» غطى النقص الإيراني
محللون وأكاديميون: حديث ولي العهد قطع الطريق أمام المتشككين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة