«حماس» تهدد: دون رفع الحصار لا هدوء في المنطقة

TT

«حماس» تهدد: دون رفع الحصار لا هدوء في المنطقة

قال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» خليل الحية، إن المسيرات على حدود قطاع غزة ستتواصل حتى رفع الحصار، مؤكدا أن المنطقة لن تشهد أي هدوء قبل ذلك. وأضاف الحية في تصريحات بثها المركز الفلسطيني التابع للحركة، أن «المسيرات ستتفاعل وتتصاعد في كل مخيمات العودة وعلى الحدود الشرقية والشمالية حتى تحقيق أهدافها بكسر الحصار». وزاد أن «شعبنا سيستمر ما لم يرَ أو يلمس واقعاً على الأرض يثبت له أن الحصار تبدد عن قطاع غزة».
وجاءت تصريحات الحية بعد يوم متوتر على حدود القطاع شهد مقتل 3 فلسطينيين بينهم طفل. وعادت «حماس» إلى تفعيل خيار المواجهات على حدود القطاع، مع وقف مصر مفاوضات التهدئة مع إسرائيل. وتسعى «حماس» إلى لفت الانتباه واستدراج الوسطاء إلى مفاوضات تهدئة جديدة، بعدما توقفت بسبب اعتراض الرئيس الفلسطيني محمود عباس عليها.
ورفض عباس مشاركة حركة «فتح» في هذه المباحثات، وهدد بإجراءات إذا ذهبت «حماس» إلى اتفاق منفصل مع إسرائيل تشمل وقف التمويل المالي. وأصر عباس على توقيع اتفاق مصالحة أولاً، يسبق التهدئة، باعتبار أن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخولة بتوقيع اتفاق مع إسرائيل وليس أي فصيل آخر.
وقال الحية: «رسالتنا لكل الوسطاء والأشقاء في مصر الذين نعتز بهم ونقدر جهدهم والأمم المتحدة وقطر وغيرهم من الوسطاء، نحن مصممون على البقاء في هذه المسيرات السلمية حتى ينتهي الحصار الظالم». وأضاف: «ارفعوا الحصار عن الشعب الفلسطيني، وأعطوه حقوقه لتهدأ المنطقة، ودون ذلك لا هدوء في المنطقة ولا هدوء على الحدود».
وتؤكد تصريحات الحية نية «حماس» الاستمرار في التصعيد عبر المواجهات المباشرة مع الجنود الإسرائيليين في محيط قطاع غزة. وتبدو الحركة مصممة على الاستمرار في هذه المواجهة كخيار أخير أمام انسداد أفق مباحثات التهدئة والمصالحة، رغم أن إسرائيل هددت برد قاس قد يصل إلى حد شن حرب.
وقال نتنياهو، إن إسرائيل «ستتحرك بصرامة» ضد قطاع غزة، إذا قررت اختبار الصبر الإسرائيلي. وأرسل وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، رسائل واضحة إلى قادة حركة «حماس» في غزة، لمح فيها إلى استعداد إسرائيل لشن حرب جديدة هناك.
وقال ليبرمان إن إسرائيل تؤجل الرد الشديد على المظاهرات شبه الليلية عند الحدود من أجل تجنب اندلاع الحرب خلال فترة الأعياد اليهودية، التي بدأت مع رأس السنة العبرية في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، وانتهت في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وأضاف: «تخطينا الأعياد تماما كما خططنا، من دون تصعيد وعبر فرض ثمن باهظ على المتظاهرين عند حدود غزة». ونصح قادة «حماس» بأن «يأخذوا في الحسبان أن الأعياد انتهت».
ورد الحية بأن تهديدات إسرائيل لا تخيف «حماس». وأضاف أن «هذه التهديدات لا تخيف ولا ترعب الشعب الفلسطيني، ولن تقعده عن انتزاع حقوقه أو استمراره في الجهاد والمقاومة». وتابع أن «تهديدات الاحتلال ليست جديدة، ولا تخيفنا. هي فارغة المضمون، جربتونا وجربناكم، وفي كل المواجهات كنا قادرين على الدفاع عن شعبنا».
لكن ليبرمان رد أمس بطريقته المعهودة، وأوعز بتقليص المساحة المتاحة لصيد الأسماك في سواحل غزة، لمدة 6 أيام. وقال إنه سيتخذ إجراءات أكثر حزما، إذا ما استمر «الإخلال بالنظام والعنف»، على الحدود. وبهذا يكون ليبرمان عاد إلى سياسة تشديد الحصار على قطاع غزة عند تصعيد المظاهرات، ومن ثم إلغائها في حال توقفت.
وفي يوليو (تموز) الماضي، أغلق ليبرمان معبر كرم أبو سالم للبضائع وقلص مساحة الصيد البحري، كنوع من العقاب على استمرار مسيرات العودة، قبل أن يعود ويلغي هذه القيود مع توقف المواجهات، إثر مفاوضات التهدئة في مصر. ويتوقع أن تكون خطوة ليبرمان القادمة هي إغلاق معبر البضائع الوحيد في القطاع (كرم أبو سالم). وأدت مثل هذه الخطوة سابقا إلى تردٍ أكبر في الحالة المعيشية وتراجع أسرع في الاقتصاد المنهار في القطاع.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».