«زفاف في الكرنك» يثير انتقادات واسعة

وزارة الآثار المصرية تحيل مفتشيها للتحقيق

«زفاف في الكرنك» يثير انتقادات واسعة
TT

«زفاف في الكرنك» يثير انتقادات واسعة

«زفاف في الكرنك» يثير انتقادات واسعة

أثار حفل زفاف تمت إقامته في محيط معبد الكرنك بالأقصر (جنوب مصر)، انتقادات واسعة، دفعت وزارة الآثار إلى إحالة مفتشيها المعنيين بالواقعة إلى التحقيق.
وانتشرت صور الحفل الخاص بنجل أحد رجال الأعمال على صفحة خاصة بمحافظة الأقصر، أول من أمس، لتظهر سريعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحدث حالة من الغضب الشديد، حاول مدير معابد الكرنك احتوائها بالقول: إنه «لم يكن حفل زفاف، لكن عقد قران».
وقال د. مصطفى الصغير، مدير عام معابد الكرنك، في تصريحات صحافية إن إحدى شركات السياحة حصلت على تصريح بإقامة «حفل عشاء» بعد موافقة وزير الآثار والجهات المختصة الأخرى.
وتابع أن «مفتش آثار المعبد والمشرف على الفعالية أبلغه بأنه كان هناك حفل عشاء وعقد قران فقط، ولم تكن هناك موسيقى صاخبة أو أنوار مثلما أشيع».
ولم تنجح تصريحات الصغير في احتواء الغضب، بل زادت حدته على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ساوت التعليقات بين حفل الزفاف وحفل العشاء في الخطأ.
وتطرق المعلقون الغاضبون إلى التأثيرات السلبية للحفل، على حد ما ذهبت إليه وفاء حلمي، التي وصفت ما حدث بأنه «مشهد لا يليق بحضارة مصر»، وقالت: «في دول العالم المختلفة يغلقون المناطق الأثرية كل فترة للحفاظ عليها من التأثيرات السلبية لزيارة البشر لها، ونحن في مصر نقيم حفل زفاف في منطقة أثرية، هذا خطأ يجب محاسبة المتسبب فيه».
وتشدد د. مايسة منصور، أستاذ ميكروبيولوجي المواد الأثرية، على ما قاله المعترضون، موضحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيادة عدد الأشخاص في منطقة أثرية يؤدي إلى ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون الذي تحدث له أكسدة بسبب الرطوبة إلى حمض الكربونيك المؤثر على سلامة الآثار، هذا فضلاً عن أن حفل الزفاف وما به من إضاءة تولد حرارة مع وجود رطوبة بسبب العدد الكبير من الأشخاص... كل ذلك يعد بيئة مثالية لنمو الكائنات الحية الدقيقة المؤثرة على سلامة الآثار».
وتجاوز ثروت عجمي مستشار غرفة شركات السياحة في الأقصر هذه التأثيرات على سلامة الآثار وركز على الجانب المعنوي، قائلا في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «إقامة الاحتفالات لأبناء رجال الأعمال أو أي شخص يعد انتهاكاً للآثار المصرية».
وأضاف أن «العاملين بقطاع السياحة والآثار يطالبون بالتحقيق في واقعة موافقة وزارة الآثار على إقامة حفل عشاء وعقد قران، بحضور أكثر من 300 شخص داخل بهو معبد الكرنك الفرعونية.
وبعد أن تحولت دفة التعليقات الغاضبة إلى عدم التفرقة بين حفل زفاف أو عقد قران، أصر الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على أن الموافقات الرسمية الصادرة من الوزارة كانت «لحفل عشاء فقط».
وقال في بيان نشرته وزارة الآثار على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك» إنه أصدر أوامره إلى مدير منطقة آثار الكرنك بتحرير محضر في شرطة السياحة والآثار ضد الشركة المنظمة للحفل حيث إنها «خالفت الموافقة الرسمية التي حصلت عليها من وزارة الآثار والتي نصت على عمل حفل عشاء كما هو متبع وليس عقد قران»، مشيرا إلى أنه «سيتم وقف التعامل مع هذه الشركة تماما، وإحالة مفتشي الآثار المشرفين على الحفل إلى التحقيق».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».