جمعية «أكت» تحوِّل ملصقات لوحات إعلانية إلى حقائب مدرسية

يشهد لبنان مساحات كبيرة منها تصل إلى 100 ألف متر مربع

حقائب ملونة تحمل رسومات خارجة عن المألوف سيحملها تلامذة المرحلة المتوسطة
حقائب ملونة تحمل رسومات خارجة عن المألوف سيحملها تلامذة المرحلة المتوسطة
TT

جمعية «أكت» تحوِّل ملصقات لوحات إعلانية إلى حقائب مدرسية

حقائب ملونة تحمل رسومات خارجة عن المألوف سيحملها تلامذة المرحلة المتوسطة
حقائب ملونة تحمل رسومات خارجة عن المألوف سيحملها تلامذة المرحلة المتوسطة

رزم من الحقائب المدرسية الملونة والمخصصة لتلامذة المدارس في المراحل المتوسطة ستوزّعها عليهم مجاناً جمعية «أكت» بعد أن صنعتها من ملصقات إعلانية غير قابلة للتدوير. بمبادرة من الجمعية المذكورة وبالتعاون مع السفارة البريطانية ووزارة التربية والتعليم في لبنان، تُنظَّم هذه الخطوة البيئية الأولى من نوعها في لبنان.
«إنها مبادرة إنسانية وبيئية معاً نتطلع من خلالها إلى التخفيف من الآثار البيئية السلبية على بلدنا» تقول بولا عبد الحق، رئيسة جمعية «أكت» صاحبة هذه الفكرة. وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «غالباً ما تطالعنا على الطرقات والشوارع كميات هائلة من اللوحات الإعلانية التي تقوم على الترويج لمنتجات معينة. كما أننا شهدنا آلاف الأمتار المربعة منها والتي تم استخدامها في موسم الانتخابات النيابية في مايو (أيار) الماضي. كل ذلك جعلنا نفكر بطريقة نستفيد منها بيئياً وإنسانياً، فشكّلنا فريق عمل على الأرض لأشهر متتالية ليتسلم هذه الملصقات ونعطيها بدورنا لمصانع خاصة قامت بقولبتها على شكل حقيبة مدرسية».
ومع بداية العام الدراسي الجديد ستُوزَّع هذه الحقائب ويبلغ عددها نحو 4000 قطعة على 35 مدرسة حكومية، تطال مختلف المناطق اللبنانية وبينها عكار وطرابلس وبعبدا والشوف وبيروت وضواحيها. وستشكل هذه الحقائب بداية لمشاريع مشابهة تحضر لها جمعية «أكت» في الأيام المقبلة.
وتشير عبد الحق إلى أن وزارة التربية كانت أول الداعمين لهذه المبادرة، فوافقت على تنفيذها بدعم مادي ومعنوي تلقته الجمعية من السفارة البريطانية. والأهم أن توليفة صناعة هذه الحقائب ومتانتها تستوفي الشروط المطلوبة التي تفرضها الوزارة على القرطاسية واللوازم المدرسية التي تنتمي إليها هذه الحقائب.
وبذلك سيحمل التلامذة حقائب مدرسية خارجة عن المألوف ولا بأس إذا كانت الرسومات والصور المطبوعة عليها تتألف من إعلانات لمسحوق غسيل وسيارة موديل 2018 أو وجوه مرشحين للانتخابات النيابية الفائتة.
وتسعى جمعية «أكت» من خلال مشاريعها هذه إلى تحويل المخاطر البيئية المحتملة إلى فرص إنسانية مبتكرة، لتلبية حاجات التلاميذ لا سيما أنها ستوزَّع عليهم مجاناً. وتشمل هذه المبادرة أعمار تلامذة تتراوح ما بين 10 و16 عاماً التي تسجل عادةً في صفوف المرحلة الدراسية المتوسطة.
وسيواكب هذه المبادرة تنظيم حملات توعوية في عدد من المدارس في مناطق تحددها وزارة التربية بهدف التعريف بكيفية الحفاظ على البيئة. وستُترجم بعروض مباشرة وأفلام تصويرية تحكي عن أهمية إعادة استعمال المواد غير القابلة للتدوير والتي تؤلف نسبة لا يستهان بها من النفايات في لبنان.
ومع إعادة استعمال اللوحات الإعلانية تقلل جمعية «أكت» من أثرها البيئي الذي تتركه على الطبيعة بشكل أو بآخر. وبهذه الطريقة المبتكرة تعمل على دعم العائلات والمؤسسات في سعيها لتأمين حق التعليم للأطفال. وتوضح عبد الحق: «نسعى إلى التعاون مع جهات حكومية وخاصة، ودائماً تحت رعاية وزارة التربية لتحويل الإعلانات الانتخابية إلى فرصة لخدمة المجتمع والبيئة».
ولن يقتصر عدد الحقائب التي سيتم توزيعها على المدارس على العدد المذكور (4000 حقيبة)، إذ تعمل «أكت» على صناعة حقائب إضافية ستوزَّع على مدارس حكومية أخرى تمتد من مدينة البترون شمالاً وصولاً إلى مدينة بيروت وضواحيها.
يُذكر أن اللوحات الإعلانية التي استُخدمت في هذا الإطار تم جمعها من بيروت ومناطق أخرى غابت عنها محافظة الجنوب. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان يستهلك نحو 100 ألف متر مربع من المساحات الخاصة باللوحات الإعلانية المصنوعة من مادة بلاستيكية سميكة غير قابلة للتدوير (فليكسيبل)، تُطبع عليها الصور وتُعلَّق على أعمدة كبيرة تُعرف باللغة الإعلانية «يونيبول» بقياس 14×48 قدماً المتبعة دولياً وعالمياً في عالم الإعلانات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».