المعماري التشيلي سميلجان راديش يصمم المعرض الصيفي لغاليري السيربنتاين اللندني

وصفت أعماله بأنها «هياكل هشة» بسبب استخدامه لبقايا المواد والأشجار والصخور

يبدو الجناح كأنه بيضة قديمة متشققة أو سفينة فضائية هبطت متحطمة على الأرض
يبدو الجناح كأنه بيضة قديمة متشققة أو سفينة فضائية هبطت متحطمة على الأرض
TT

المعماري التشيلي سميلجان راديش يصمم المعرض الصيفي لغاليري السيربنتاين اللندني

يبدو الجناح كأنه بيضة قديمة متشققة أو سفينة فضائية هبطت متحطمة على الأرض
يبدو الجناح كأنه بيضة قديمة متشققة أو سفينة فضائية هبطت متحطمة على الأرض

بإمكان الجالس في الجناح المصمم على شكل اسطوانة، والتي تشبه كعكة الدونت، أن يتابع المشهد من خلال الفتحات المحفورة في الجدران. وتحت الهيكل يوجد العشب مع صخور مسطحة، إضافة إلى صخور ضخمة أخرى وضعت بشكل رأسي لتستخدم كمنصات تحمل الأسطوانة. يبدو، من ناحية، وكأننا نجلس على بيضة قديمة متشققة، ومن ناحية أخرى، يبدو الجناح وكأنه سفينة فضائية مستديرة هبطت متحطمة على الأرض.
هذا هو معرض «السيربنتاين» الصيفي الرابع عشر، الذي يقام هذا العام احتفاء بالمعماري التشيلي سميلجان راديش الذي تراوحت أعماله ما بين الهياكل التقليدية إلى التجريبية.
تقول جوليا بيتون - جونس، المديرة المشرفة على غاليري السيربنتاين، «وصف الجناح بأنه بيضة أو دونت أو شيء سقط من السماء وهذا خلال الأيام الثلاثة الأولى التي افتتح فيها فقط»، مضيفة أن «الإنجليز يدخلون إلى قلبهم كل ما يستطيعون إدخاله بطريقتهم الخاصة، ولذلك فإن سميلجان دخل قلوبهم بالتأكيد».
كثيرا ما وصفت أعمال راديش بأنها «هياكل هشة» بسبب استخدامه بقايا المواد والأشجار والصخور. وتظهر الهشاشة في هذا الهيكل في المواد المستخدمة: البلاستيك والفايبر غلاس والورق المعجن والخشب المثبت بهيكل من الصلب. ويستخدم في الهياكل الهشة أشياء يمكن العثور عليها بالقرب من المكان: البلاستيك والحجر والصفيح وكل ما هو متاح غير ذلك. ويشرح راديش «هذه الطريقة مفيدة جدا لي».
وعند الليل يظهر أثر «عصر الفضاء» على «العصر الحجري» في الجناح. للجناح الأبيض شبه الشفاف ضوء متعرج بلون أصفر كهرماني في الداخل يجعله يتوهج كاليراعة في ظلام الحديقة. ويجذب الضوء المارة بالقرب منه كما تجذب المصابيح الفراشات. وتخيل راديش أثر عمله وهو يشع.
قال الناقد المعماري فابريزيو غالانت مرة «الطريقة التي ينفذ بها سميلجان أعماله المعمارية تذكر بالعملية الفنية للكتابة. إذ يكمن الأسلوب الأدبي في تصاميم راديش في المقدرة على دمج المعمار مع مجموعة من إشارات وعناصر الإلهام النابعة من مجالات في غاية الاختلاف».
وتبدو الجدران الداخلية في جناح راديش كالجلد. وتبدو قطع من النسيج المجعد وكأنها خيطت مع بعضها البعض على الرغم من أنها ملصقة على الجدار. كما تعطي الأرضية المصممة من الخشب الرمادي مسحة مستقبلية.
المقاعد والطاولات المنثورة هي من تصميم المعماري والمصمم الفنلندي الفو آلتو، في أواسط الثلاثينات من عمره. هناك شيء مهم جدا وهو العلاقة مع الطبيعة. وكنت أفكر في هذا المبنى من نوع «فولي» المصمم خصيصا للديكور والعلاقة مع ما حوله. إذا نظرت إلى مبنى من هذا النوع فهو يبدو دائما كحطام: أنت ترى الماضي والمستقبل والزمن الذي يذوب ثم تضفي الوقت عليه. أشار راديش إلى قصة أوسكار وايلد «المارد الأناني» كمصدر إلهام له.
ونجح راديش في دمج هذه العناصر المتنوعة من الإبداع بصورة رائعة في هذا العمل. وإضافة إلى العرض سيكون الموقع مكانا لمجموعة من النشاطات الحية، ويشمل ذلك على قراءات شعرية وحفلات موسيقية وعرض أفلام في الأمسيات، تستمر حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ويشمل برنامج هذا العام قطعة فنية صوتية «انس النسيان» «فورغيت أمنيسيا» لفنان التركيبات هارون ميرزا مع مارك فيل وأوكيونغ لي ونهاية عطلة أسبوع مع الفيلم التشيلي «بيعة لراوول رويز».
يعد راديش وهو في التاسعة والأربعين من عمره أصغر معماري تعهد له مثل هذه الأعمال. وتبلغ مساحة الأرض المقام عليها المعرض 541 مترا مربعا فهي ليست صغيرة. إنه حدث عام وينتظر بشوق بالفعل: خيار معماري للمعماري نفسه، وهذا يعني الكثير للحديقة أيضا. «هي ليست مجرد قطعة من العشب بل حديقة جميلة. أنجز العمل خلال ستة أشهر ولحسن الحظ لدينا فريق عمل جيد. أصبح كل شيء ممكنا في النهاية»، قالت جوليا بيتون - جونس.
يقام جناح «السيربنتاين 2014» في موقع الغاليري في حدائق كينغستون «كينغستون غاردنز» ويستمر حتى 19 أكتوبر 2014.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».