حكومة روحاني تطلق حملة لتحسين الريـال قبل العقوبات النفطية

طهران ألزمت وسائل الإعلام بنشر تقارير مكثفة عن انخفاض سعر الدولار

إيرانيون يجتمعون أمام محل صرافة بشارع فردوسي وسط طهران أول من أمس (أرنا)
إيرانيون يجتمعون أمام محل صرافة بشارع فردوسي وسط طهران أول من أمس (أرنا)
TT

حكومة روحاني تطلق حملة لتحسين الريـال قبل العقوبات النفطية

إيرانيون يجتمعون أمام محل صرافة بشارع فردوسي وسط طهران أول من أمس (أرنا)
إيرانيون يجتمعون أمام محل صرافة بشارع فردوسي وسط طهران أول من أمس (أرنا)

«بيع الدولار مقابل 60 ألف ريال في مشهد»، «الناس تبيع دولاراتها مقابل 50 ألف ريال في عبادان»، «31 شخصاً أصيبوا بنوبة قلبية بعد انهيار سعر الدولار»، «الحكومة تقول إنها تنوي خفض أسعار الدولار أكثر»، «السعر الواقعي للدولار عند 15 ألف ريال»... هذا جزء يسير من تقارير تداولت الاثنين الماضي في وسائل الإعلام الإيرانية رافقها كمّ هائل من الصور تظهر حالة الفزع بين حشود من الإيرانيين في أسواق المال حاولوا التخلص من الدولار في ظل تراجع الأسعار.
الدولار كان قد وصل في ظل صمت الحكومة إلى أرقام قياسية، تحت وطأة المخاوف من الدفعة الثانية من العقوبات الأميركية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، التي تطال مبيعات النفط الإيرانية بشكل أساسي، ليسجل في الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) 193000 ريال، وهو مستوى تاريخي لم يسبق أن جرَّبه من قبل. الاثنين، انهارت أسعار العملة الأجنبية، لا سيما الدولار في الأسواق الإيرانية دون سابق إنذار، ومن دون وجود تطور يترك أثره على السوق، وهو سيناريو مشابهة لتطورات السوق الإيرانية في 2009. حينذاك لجأت حكومة محمود أحمدي نجاد إلى رفع أسعار الدولار لسد عجز الموازنة العامة وتوفير مبالغ الدعم النقدي.
ولوحظ أن الانهيار حدث على الورق، وعلى مستوى الإشاعات بطبيعة الحال، ذلك أن التقارير الصادرة عن تحسن الريال الإيراني لم تكن مرفقة باستنادات واقعية، مما دفع المحللين لاعتبارها «مجرد إشاعات لتوجيه السوق».
علاوة إلى ذلك، فإن حجم ونوعية التقارير التي أعقبت الإعلان عن تراجع الدولار، يوم الاثنين، كانت بمثابة «تسونامي» خبري منسِّق ضرب وكالات الأنباء الإيرانية على اختلاف التوجهات.
كان ذلك لافتاً في النصوص الخبرية والتحليلية التي تشير إلى تفجُّر فقاعة الدولار والمزيد من الانهيار في سطوته على الساحة الاقتصادية الإيرانية، مما عزز قناعات سابقة بتورط أصابع حكومية في «دراما» الريال الإيراني منذ شهور، التي أدت إلى فقدان 70 في المائة من قيمته.
أمس، كسر الرئيس الإيراني حسن روحاني صمته وقال رداً على ما جرى تداوله حول تورط الحكومة في تدهور أسعار العملة إنها «كذبة وتهمة».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن توجيهات من أجهزة رسمية «ألزمت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء بنشر محدد وأخبار بعينها حول تحسُّن العملة الإيرانية».
وقال مصدر مطلع إن الحكومة «قدّمت مِنَحاً مالية لبعض وكالات الأنباء لقاء الانخراط في حملتها الإعلامية»، دون التطرق للتفاصيل.
وفي السياق ذاته، قال مسؤول في موقع إخباري مقرَّب من الإصلاحيين (طلب عدم نشر اسمه) إن «ما قمنا به يشبه إلى حد كبير ما قامت به القنوات التلفزيونية في ميدان التحرير إبان الثورة المصرية؛ تضخيم الحدث وأخذه بالاتجاه الذي تريده الجهات التي طلبت منا»، مضيفاً أن المِنَح المالية الحكومية «جاءت في سياق اتفاق قانوني لرعاية الإعلانات» وشرح أن «الحكومة أنفقت مبالغ كبيرة من أجل إطلاق الحملة».
وقال الخبير الاقتصادي حميد باب الحوائجي عبر سلسلة تغريدات في شبكة «تويتر»: «نحن أمام خطة متقنة لخلق موجة لصالح الحكومة والمؤسسات الرسمية»، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى إلى سد عجزها من الموازنة العامة عبر هذا الطريق. وأضاف: «إنها تعمل أولاً على رفع سعر الدولار عبر صمتها لمدة أشهر، لكي تبيع مخزونها من الدولار بأسعار مرتفعة، ثم تعمل على خفض سريع لسعر الدولار لكي تشتري الدولار الذي باعته بأسعار رخيصة».
ويمثل باب الحوائجي نموذجاً من فريق كبير من المحللين الاقتصاديين الذين يؤكدون أن الحكومة باعت نحو 5 مليارات دولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بمعدل سعر 140 ألف ريال، ونظراً للفارق بین السعر المعتمد في المبيعات والسعر المعتمد في الموازنة العامة (نحو 40 ألف ريال)، فإن ذلك يعني أنها ربحت 500 ألف مليار ريال خلال هذه الفترة. وهي اليوم تعمل على خفض الأسعار لتمتص هذا الكم في خزانتها مرة أخرى.
وفيما تقود «ماكينة» وكالات الأنباء حملة مكثفة لرسم صورة مفادها أن أسعار الدولار تشهد انهياراً، فإن أرض الواقع لا يؤكد ذلك، إذ تشير مواقع مستقلة لتحويل العملة في إيران، إلى أن العملة الأجنبية فقدت يوم الاثنين 20 في المائة من قيمته، وليس 50 في المائة كما تزعم الوكالات.
بدوره، يشير خبير موقع «اقتصاد أونلاين»، أحد أهم المواقع المختصة بالاقتصاد إلى أن «ما تحاول ترسيخه وكالات الأنباء مجرد إشاعات لا تستند إلى الواقع ولا إلى قوانين الاقتصاد»، ويتابع بالقول إن «النكتة المضحكة هي أن أسعار الدولار انخفضت في هذه المواقع دون أن تنخفض معها أسعار العملات الأخرى».
من جهة ثانية، أثارت خطة الحكومة ردود فعل مختلفة في الشارع. ففي حين شهد الشارع تدفق المئات من الناس إلى محلات بيع الدولار، مساء الاثنين، فإن شبكات التواصل الاجتماعي سجلت امتعاضاً شعبياً من خطوة الحكومة التي وصفها البعض بـ«الخبيثة».
وبحسب قنوات تلفزيونية، فإن هناك مطالبات بترجمة انخفاض أسعار الدولار على صعيد أسعار البضائع التي كانت قد شهدت ارتفاعاً وصل إلى 300 في المائة بداعي ارتفاع سعر الدولار.
وأشار مغردون إلى أن الحكومة «متهمة بالتلاعب في سعر العملة وغش الناس بغية سد عجز الميزانية، وستبقى في موقف المتهم ما دامت لم تترجم انخفاض الأسعار على أرض سوق البضائع».
أما أسعار العملة، فقد اتجهت أمس على خلاف مسار أول من أمس (الثلاثاء)؛ فبعد تراجع موجة الهلع، وبعد قرار البرلمان بمنع تداول العملة، إلا عبر شركات الصرافة الرسمية، سجلت أسعار الدولار ارتفاعاً ليستقر عند 14500 تومان للدولار الواحد.
وكانت اللجنة العليا للتنسيق الاقتصادي أقرت في اجتماع ترأسه حسن روحاني، أول من أمس، قانوناً يفتح الباب على منح المستثمرين الأجانب إقامة خمس سنوات.



تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)
موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية بغداد إلى حماية حقوق المواطنين التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، إن أنقرة تتابع من كثب أنباء عن عمليات نقل جماعي للكرد من إقليم كردستان شمال العراق إلى كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وتحذر من العبث بالتركيبة الديموغرافية في المحافظة.

وتابع كيتشالي أنه «رغم البيانات المتعلقة بالانتماء العرقي لم يتم جمعها في التعداد السكاني، فإن التنقل السكاني المكثف قد تسبب بحق في إثارة قلق التركمان والعرب».

وعد ما جرى يمثل «مخالفة ستؤدي إلى فرض أمر واقع يتمثل في ضم جماعات ليست من كركوك إلى سكان المحافظة، وسيؤثر ذلك على الانتخابات المزمع إجراؤها في المستقبل».

المتحدث باسم الخارجية التركية أونجو كيتشالي (الخارجية التركية)

وشهد العراق تعداداً سكانياً، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، لأول مرة منذ 37 عاماً، وشمل جميع محافظات البلاد، بطريقة إلكترونية، وبمشاركة 120 ألف موظف، وسط فرض حظر للتجوال ودون تضمين أسئلة تتعلق بالانتماء العرقي والطائفي، لتجنب حدوث أي انقسام داخل المجتمع المكوّن من مكونات مختلفة، وفقاً للحكومة العراقية.

وشدد كيتشالي على أن تركيا بجميع مؤسساتها تقف إلى جانب التركمان العراقيين، وتحمي حقوقهم ومصالحهم، مضيفاً أنه «في هذا السياق، فإن سلام وأمن مواطني التركمان، الذين يشكلون جسر الصداقة بين العراق وتركيا ولديهم كثافة سكانية كبيرة في العراق، يشكلان أولوية بالنسبة لتركيا، كما أن كركوك تعد من بين الأولويات الرئيسية في العلاقات مع هذا البلد».

وقال: «نتوقع من السلطات العراقية ألا تسمح للمواطنين التركمان، الذين تعرضوا لمذابح واضطهاد لا حصر لها في القرن الماضي، بأن يقعوا ضحايا مرة أخرى بسبب هذه التطورات الأخيرة في نطاق التعداد السكاني».

وأضاف: «حساسيتنا الأساسية هي أنه لا يجوز العبث بالتركيبة الديموغرافية التي تشكلت في كركوك عبر التاريخ، وأن يستمر الشعب في العيش كما اتفقت عليه مكونات المحافظة».

السلطات العراقية قالت إن التعداد السكاني يهدف إلى أغراض اقتصادية (إ.ب.أ)

كان رئيس الجبهة التركمانية العراقية، حسن توران، قد صرح الأربعاء الماضي، بأن 260 ألف شخص وفدوا من خارج كركوك وتم إدراجهم في سجلات المحافظة، بهدف تغيير التركيبة السكانية قبيل إجراء التعداد السكاني العام.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن توران أنهم رصدوا استقدام أعداد كبيرة من العائلات الكردية من محافظتي أربيل والسليمانية إلى مدينة كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني، وطالب بتأجيل إعلان نتائج تعداد كركوك لحين فحص سجلات تعداد 1957 الخاص بمدينة كركوك.

بدوره، أكد محافظ كركوك، ريبوار طه، أن «مخاوف أشخاص وجهات (لم يسمها) حول التعداد لا مبرر لها»، وقال في مؤتمر صحافي، إن التعداد يهدف «لأغراض اقتصادية وسيحدد السكان الحقيقيين، مما يساهم في تحسين الموازنة»، على حد قوله.