الأمن الألماني يحذّر من توسّع نشاط الإرهاب اليميني

متطرفون ارتكبوا 3760 جناية العام الماضي

رجل أمن أمام محكمة في كارلسروه أحيل إليها ستة متهمين بتشكيل منظمة «ثورة كيمنتس» اليمينية أول من أمس (إ.ب.أ)
رجل أمن أمام محكمة في كارلسروه أحيل إليها ستة متهمين بتشكيل منظمة «ثورة كيمنتس» اليمينية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الأمن الألماني يحذّر من توسّع نشاط الإرهاب اليميني

رجل أمن أمام محكمة في كارلسروه أحيل إليها ستة متهمين بتشكيل منظمة «ثورة كيمنتس» اليمينية أول من أمس (إ.ب.أ)
رجل أمن أمام محكمة في كارلسروه أحيل إليها ستة متهمين بتشكيل منظمة «ثورة كيمنتس» اليمينية أول من أمس (إ.ب.أ)

حذّر هيربرت رويل، وزير داخلية ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، من إمكانية انتقال النشاط الإرهابي اليميني في ولاية سكسونيا إلى ولايته.
وقال الوزير في حديث لصحيفة «راينشه بوست» اليومية الواسعة الانتشار، إن المشهد اليميني المتطرف «يزداد راديكالية» في هذه الولاية (نحو 20 مليون نسمة)، رغم سيادة الأحزاب الديمقراطية على العملية السياسية فيها.
وعلى رغم عدم وجود مؤشرات على أعمال إرهابية يعد لها اليمينيون المتطرفون في مدن الولاية، لكن دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) في الولاية ترصد محاولات تشكيل تنظيمات متطرفة على غرار تنظيم «ثورة كيمنتس»، في إشارة إلى المدينة التي شهدت مظاهرات لعنصريين على خلفية حادثة طعن قام بها مهاجران عربيان. وتؤكد الدائرة على أن مراقبة اليمين المتطرف من صلب مهماتها الأساسية خلال هذه الفترة.
وكانت القوى الأمنية اعتقلت 8 أفراد في مدينة كيمنتس قبل أيام بتهمة تشكيل تنظيم إرهابي يميني اسمه «ثورة كيمنتس» والتخطيط لتفجيرات واغتيالات. وذكرت النيابة العامة أن الثمانية من المحسوبين على تجمعات «الهوليغان» و«حليقي الرؤوس» من النازيين، وأنهم أسسوا هذا التنظيم يوم 11 سبتمبر (أيلول) الماضي بعد مشاركتهم في حملات مطاردة وضرب اللاجئين والأجانب في مدينة كيمنتس.
ولا تستبعد دائرة حماية الدستور نشوء تنظيمات مماثلة للتنظيمات اليمينية الإرهابية في سكسونيا (شرق)، مثل «مجموعة فرايتال» و«ثورة كيمنتس»، في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا (غرب).
يُذكر أن تقرير دائرة حماية الدستور لسنة 2017 أحصى 3760 جناية ارتكبها يمينيون متطرفون. ويقل هذا العدد بنسبة 20 في المائة عن الجنايات التي ارتكبها اليمين المتطرف في سنة 2016 (4700)، إلا أن الجنايات هذه المرة كانت أكثر عنفاً وأفضل تنظيماً. ولاحظ الوزير رويل حينها، وهو يستعرض التقرير على الصحافة، أن عنف اليمين المتطرف تضاعف منذ سنة 2015 (4437 جناية)، أي مع سياسة «الأبواب المفتوحة» أمام موجات اللاجئين التي انتهجتها المستشارة أنجيلا ميركل.
ويلحظ التقرير أن التنظيمات اليمنية المتطرفة تطرفت أكثر وصارت تحتضن النازيين الجدد، وصارت أساليبها التنظيمية تشابه أسلوب النازيين، كما أصبحت نشاطاتها أكثر دموية.
إلى ذلك، قال خبير الإرهاب لدى شرطة الولاية فولكمار فولك، إن المد اليميني المتطرف ليس ظاهرة محصورة في شرق ألمانيا، وإن ذلك يمكن أن يحدث في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، وخصوصاً في مدينة دورتموند. وأضاف أن حي دورستفيلد في دورتموند أصبح بؤرة لتجمع اليمنيين المتطرفين في المدينة. وأشار فولكر إلى مظاهرة في دورتموند في نهاية سبتمبر الماضي شارك فيها نحو 100 نازي. وكان المشاركون في المظاهرة من «الشجاعة» بحيث إنهم رددوا شعارات يحاسب عليها القانون مثل «من يحب ألمانيا يعادي السامية» و«الاشتراكية القومية (النازية) الآن!» و«الديمقراطية والشرطة لن تكسرا شبكاتنا».
وقال فولكر إن المشهد النازي في دورتموند يعمل تنظيمياً على غرار نشاط المشهد في كيمنتس. وأشار إلى أن مجموعة «كومبات 18» عادت للنشاط السري في دورتموند بقوة. ورصدت المخابرات الأوروبية تدريباً على الأسلحة أجراه أعضاء المجموعة في غابات تشيكيا.
و«كومبات 18» هي الذراع العسكرية المتطرفة لتنظيم «الدم والشرف» المحظور، المسؤول عن سلسلة هجمات نفذت في بريطانيا سنة 1999. ومعروف أن هذه الهجمات أودت بحياة 3 أشخاص وتسببت بإصابة 79 بجروح مختلفة.
وحمّل فولكر القوى الأمنية الألمانية المسؤولية عن عدم ملاحقة التنظيمات اليمينية المتطرفة بعد ضربها. وقال الخبير في الإرهاب إن القوى الأمنية توقف ملاحقة بقايا هذه التنظيمات بعد تفكيكها بحملات المداهمة، مثلما حصل مع فان توم ف، الذي اعتقل قبل أيام في كيمنتس ضمن خلية «ثورة كيمنتس»، وكان زعيم منظمة «شتورم 34» المحظورة. وتم تفكيك تنظيمات هذه الخلية في مدن ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، مثل دورتموند وهام وآخن، في سنة 2012.
وعند مقارنة الوجوه المشاركة في نشاطات اليمين المتطرف في دورتموند وكيمنتس، يتضح تماثل هذه الوجه. وتعبر هذه الحال، بحسب فولكر، عن العلاقات التنظيمية الوثيقة بين تنظيمات اليمين، كما يمكن رصد أواصر العلاقات التنظيمية بين مختلف الجماعات اليمينية المتطرفة في كولون وهام وآخن أيضاً، بحسب ما قال.



محللون: روسيا بحاجة إلى الأسد «لتبقى في سوريا» لكن خياراتها محدودة

سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة (أ.ف.ب)
سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة (أ.ف.ب)
TT

محللون: روسيا بحاجة إلى الأسد «لتبقى في سوريا» لكن خياراتها محدودة

سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة (أ.ف.ب)
سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة (أ.ف.ب)

يرى محللون أن روسيا لن تسمح بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد أو بخسارة قاعدتيها العسكريتين في سوريا، لكن خياراتها وقدرتها العسكرية على مساعدة حليف بات في موقع ضعيف، محدودة.

وعلى غرار طهران الداعمة أيضاً للأسد، ودمشق نفسها، فوجئت موسكو بالهجوم الخاطف الذي شنّته «هيئة تحرير الشام» والفصائل المسلحة المتحالفة معها، ومكّنها من السيطرة على حلب وحماة، وصولاً إلى تهديد مدينة حمص الاستراتيجية على طريق دمشق.

وما يضعف الدور الروسي، الذي شكّل دعامة أساسية للأسد في النزاع الذي اندلع عام 2011، إذ سمح للقوات الحكومية بترجيح الكفة لصالحها في الميدان، أن إيران التي تؤمن دعماً على الأرض، باتت هي أيضاً في وضع صعب.

وتوضح نيكول غراجيفسكي، من معهد «كارنيغي» للدراسات، أن تقدّم الفصائل المسلحة «لا يعكس تشتّت الاهتمام الروسي، بل تدهور القوى الخارجية الميدانية الداعمة» للأسد، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وجعلت موسكو من سوريا نقطة ارتكاز لنفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي تحتفظ فيها منذ عام 1971 بقاعدة بحرية في ميناء طرطوس (غرب) على البحر المتوسط، تعدّ مركزاً أساسياً لإمداد وإصلاح السفن الروسية في البحر المتوسط، ويمكنها التوجه منه إلى البحر الأسود دون المرور عبر مضيقي تركيا.

كما أن لروسيا منذ 2015 قاعدة جوية رئيسية في مطار حميميم قرب مدينة اللاذقية الساحلية.

«ثغرات في الاستراتيجية»

يقول المدير الأكاديمي لمعهد المتوسط للدراسات الاستراتيجية، بيار رازو، إن روسيا كانت لديها في سوريا في نهاية يوليو (تموز)، «22 طائرة مقاتلة، ونحو 15 مروحية هجومية ومسيّرات، مع مجموع 4 آلاف عسكري و3 آلاف من المرتزقة»، وذلك بعد إرسال تعزيزات إلى أوكرانيا حيث تشنّ موسكو حرباً منذ فبراير (شباط) 2022.

لكنه لفت إلى أن هذه القوات موزعة على المناطق الساحلية، وعند الحدود التركية قرب كوباني وجرابلس والقامشلي، وكذلك في الرقة (شمال) وتدمر قرب دمشق.

وإن أرادت روسيا التصدي للفصائل، «سيتحتم عليها سحب قوات من بعض المواقع الأساسية التي لا ترغب في تركها للأميركيين أو الإيرانيين أو الأكراد» الذين يملك كل منهم قوات على الأرض.

على الأرض، بدأت الفصائل المسلحة، من خلال المناطق التي سيطرت عليها خلال الأيام الماضية، تقطع الطريق بين القاعدتين الروسيتين ومناطق انتشار القوات السورية.

ويقول ديفيد ريغوليه روز، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية: «بدأ الروس يخشون على قاعدتيهما اللتين يريدون الاحتفاظ بهما بأي ثمن».

وتواجه موسكو صعوبة في سوريا منذ أن باشرت هجومها على أوكرانيا، ولا يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع جنود أو أسلحة في تصرف الأسد دون إبطاء هجومه على أوكرانيا. وتؤكد غراجيفسكي أن «الثغرات في استراتيجية موسكو باتت جلية».

دبلوماسية وصفقات

يبقى لروسيا المرتزقة، ويمكنها على هذا الصعيد تعبئة قوة «أفريكا كوربس» التي تضم مجموعات عسكرية خاصة روسية تنشط في القارة الأفريقية منذ أن تم تفكيك قوة «فاغنر».

وأشار ليام كار، من معهد المشروع الأميركي لأبحاث السياسة العامة، نقلاً عن مصادر عدّة، إلى أنه كان هناك 1800 من المرتزقة الروس مؤخراً في ليبيا.

ويرى أنهم «في أفضل موقع للانضمام سريعاً إلى سوريا دون الاقتطاع من العناصر في أوكرانيا أو الساحل»، مشدداً على أنهم مجهزون بمدفعية ودبابات من طراز «تي 72».

لكن الكرملين يراهن على الدبلوماسية. فقد أجرى بوتين، الأربعاء، محادثات مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان الذي يُبقي على وجود عسكري في شمال سوريا ويدعم بعض الفصائل المسلحة.

وأعلن الكرملين أن الرئيسين سيبقيان على تواصل من أجل «نزع فتيل الأزمة»، وأنهما «شددا على الأهمية المحورية لتنسيق وثيق بين روسيا وتركيا وإيران لإعادة الوضع في سوريا إلى طبيعته».

ويرى رازو أن «الخيارات الروسية على المدى القريب محدودة، الكرملين يراهن على الردع ويعد خيارات، لكن تطبيق كل شيء يستغرق وقتاً، ولا بد له بالتالي من كسب الوقت».

ويعدّ ريغوليه روز أن موسكو وأنقرة تتبعان «منطقاً دبلوماسياً تعاقدياً»، موضحاً أن «إردوغان لا يدعو إلى سقوط الأسد» في مواقفه الرسمية، «لكن السؤال المطروح يقضي بمعرفة إن كان بإمكانه ضبط» الفصائل المدعومة من أنقرة والمشاركة في الهجوم.

موسكو لرعاياها: غادروا سوريا

يؤكد بعض المحللين أن موسكو تدفع باتجاه عقد قمة سورية تركية. ويقول المحلل السياسي الروسي كونستانتين كالاتشيف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «روسيا غير مستعدة لأن تخسر. الأسد بإمكانه أن يخسر، لكن روسيا لا. قد يكون من الأسهل على الروس إبرام اتفاق ما مع تركيا».

في هذه الأثناء، دعت موسكو رعاياها، الجمعة، إلى مغادرة سوريا، وأبدى مدوّنون مؤيدون للحرب في أوكرانيا تشاؤمهم.

وعدّ المدوّن المعروف باسم «فايتر بومبر» (500 ألف مشترك) أن «الأولوية هي لحماية... طرطوس من هجمات المسيرات ومنع السيطرة على مدينة اللاذقية الساحلية» في شمال سوريا، وذلك «حتى لو اضطررنا إلى التخلي مؤقتاً عن باقي الأراضي»، وفق قوله.

وأضاف: «من المؤكد أننا لا نملك المبادرة».