فنادق القاهرة الخديوية... روعة المعمار وعبق التاريخ

TT

فنادق القاهرة الخديوية... روعة المعمار وعبق التاريخ

شوارعها المتشابهة وأبنيتها المتميزة وأرصفتها الجديدة ومحلاتها الصاخبة تجعلها قبلة أثيرة لعشاق السياحة الثقافية والتاريخية... إنها «القاهرة الخديوية» التي تتوسط قلب العاصمة المصرية الكبيرة، قطعة من أوروبا تبرز في بلاد الشرق الأوسط بوضوح وروعة، وتعد ملاذاً آمناً للباحثين عن الكتب الثقافية والأدبية والتراثية والموسوعية، بما تضمه من مكتبات ودور نشر عريقة، وهي أيضاً وجهة لراغبي التسوق وشراء التحف والأنتيكات، ومتحف مفتوح لمحبي الإقامة بالفنادق التراثية والكلاسيكية.
تتميز فنادق القاهرة الخديوية بأعدادها الكبيرة وأسعارها المنخفضة، مقارنة بالفنادق العالمية الأخرى التي تقع على أطرافها، والمطلة على مجرى نهر النيل. أحياناً، تحتل فنادق القاهرة التاريخية أدواراً محددة داخل بعض الأبنية التراثية، إضافة إلى مبانٍ كاملة لا يزيد ارتفاعها على 10 طوابق.
ويستطيع نزيل أي من فنادق شارع قصر النيل، أو شارع طلعت حرب، التجوال بسهولة ويسر في معالمها، إلى أطرافها في ميدان التحرير غرباً، أو ميدان الأوبرا والعتبة شرقاً، ومن شارع رمسيس شمالاً حتى باب اللوق والمنيرة جنوباً، وهي بمعمارها التراثي تشبه إلى حد كبير المعمار الأوروبي.
ورغم تقادم مباني المنطقة، التي مر على إنشاء كثير منها قرن كامل تقريباً، فإن خطوط مترو أنفاق القاهرة الكبرى تخترق شوارعها من باطن الأرض، عبر 3 خطوط تسهل للسائحين والزائرين التنقل بسرعة إلى معظم أحياء القاهرة الكبرى.
ومنطقة وسط القاهرة جاذبة للزوار والوافدين والأجانب، بما تضمه من مكاتب خدمية، ومكاتب حجز طيران عربية وأجنبية، ومطاعم شعبية، ومقاهٍ متنوعة تطل على شارع الألفي وسرايا الأزبكية. وبحسب متابعين مصريين، فإن أعمال التطوير الدائمة التي تقوم بها محافظة القاهرة ساهمت بشكل كبير في جذب السائحين للإقامة في فنادق منطقة وسط البلد. فرغم ضيق مساحة تلك الفنادق، التي تستحوذ أحياناً على طابق واحد من طوابق العمارات، فإنها تجذب المئات أسبوعياً، وتُعتبر وجهة مفضلة لديهم، بسبب رخص أسعارها، وتوفرها على كل الخدمات الأساسية التي يحتاجها السائح.
الدكتور حبيب الناصري، أستاذ النقد السينمائي بالمملكة المغربية، عبر عن إعجابه بجمالها وموقعها الاستراتيجي، فهي قريبة من جميع المراكز الثقافية في مصر، وتعبر حسب قوله عن «روح القاهرة التي كنا نراها ونتابعها في الأفلام والمسلسلات، ونعرف من خلالها أسماء الشوارع والأزقة، وخصوصاً الأفلام الكلاسيكية».
ولفت إلى أن «فنادق القاهرة الخديوية، وإن كانت تراثية بطرز معمارها وفخامتها، فإنها مزودة بوسائل تكنولوجية وترفيهية مناسبة، مثل أجهزة التكييف وشبكات الإنترنت وأجهزة التلفزيون، وغيرها». ومن أهم هذه الفنادق:
«كايرو إن»
يطل على ميدان طلعت حرب، ويعتبر من أجمل أماكن الإقامة في وسط القاهرة، بسبب قربه من ميدان التحرير، ومعظم المصالح الحيوية المصرية، مثل نهر النيل والمتحف المصري، والمتنزهات العامة والخاصة، والمراكب النيلية. وشارع طلعت حرب فرصة لمحبي السير في الأماكن التراثية، حيث يضم عدة مبان قديمة بمعمار فريد، مثل عمارة يعقوبيان الشهيرة، التي ظهرت في فيلم سينمائي للنجم عادل إمام، حمل اسمها، منذ أكثر من 10 سنوات.
«كايرو خان»
يقع بشارع 26 يوليو، وتتمتع غرفه بتصميم راقٍ هادئ، وبموقعه القريب جداً من المتحف المصري في ميدان التحرير، كما لا يبعد عن أهرامات الجيزة سوى بمسافة 18 كيلومتراً، وعن مطار القاهرة الدولي بمسافة 24 كيلومتراً.
كوزموبوليتان
أحد أقدم فنادق القاهرة الخديوية، وأكبرها حجماً، تأسس عام 1923 على يد المعماري الإيطالي «ألفونسو ساسوو»، تحت اسم «متروبوليتان»، وهو اسمه الأصلي القديم، لكن بدايته الفعلية كانت في 1928؛ العام الذي شهد افتتاحه.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».