«الخبيث» يغيب سيناترا الفرنسي عن 94 عاماً

شارل أزنافور... اعتز بأصوله الأرمنية... وتألق في آلاف الأغاني والأعمال السينمائية

شارل أزنافور في جولته الغنائية عام 2011 (أ.ف.ب)
شارل أزنافور في جولته الغنائية عام 2011 (أ.ف.ب)
TT

«الخبيث» يغيب سيناترا الفرنسي عن 94 عاماً

شارل أزنافور في جولته الغنائية عام 2011 (أ.ف.ب)
شارل أزنافور في جولته الغنائية عام 2011 (أ.ف.ب)

انطفأ في باريس، أمس، المغني الفرنسي الأرمني الأصل شارل أزنافور عن 94 عاماً. وواصل أزنافور الغناء والوقوف على المسرح رغم إصابته بالمرض الخبيث قبل ربع قرن، وكان يخطط لمنهاج حفلاته وجولاته الغنائية لسنتين تاليتين.
في العام الماضي، طبعوا لأزنافور نجمة على رصيف المشاهير في هوليوود، فقد كان ممثلاً أيضاً. وحملت نجمته الرقم «2618».
وُلِد أزنافور في حي سان جيرمان في باريس. كان والداه يمران بالعاصمة الفرنسية على أمل الحصول على تأشيرة هجرة إلى أميركا. اختارا للطفل اسم شاهنور فاريناغ أزنافوريان لكن القابلة لم تعرف كيف تكتبه، وقررت أن تعطي له اسماً فرنسياً إضافيا: شارل. وبهذا الاسم كبر الطفل وصار الأرمني الأكثر شهرة في العالم. ولدى استقلال أرمينيا، منحته جنسيتها وعينته سفيراً لها في سويسرا، البلد الذي يقيم فيه مثل عشرات الفنانين والرياضيين الفرنسيين المستائين من الضرائب الباهظة.
بدأ أزنافور حياته الفنية ببيع ألحانه لمغنين فرنسيين في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي ومن بينهم إديت بياف وموريس شيفالييه وشارل ترونيه. واكتشف موهبته في كتابة الأغاني وهو يغني في النوادي الليلية مع صديقه بيير روش حيث كان روش يعزف على البيانو بينما يشدو أزنافور.
ومثل كبار الفنانين، كان أزنافور يكتب كلمات أغنياته وأحياناً يلحنها بنفسه. وقف على المسرح، للمرة الأولى، وأدى أغنية من تأليفه بعنوان: «كما يقولون». وعندما نزل وجد مثاله الأعلى المغني شارل ترينيه ينتظره في الصالة. انتحى به جانباً وقال له: «أشعر بغيرة شديدة. إنها أغنية كنت أتمنى أن أكتبها أنا. لكن الناس بعد خمسين سنة سيذكرونك، ولن يذكروني». كانت تلك نبوءة خائبة، إذ لم ينسَ الفرنسيون شارل الأول، بعد نصف قرن وأكثر على الحادثة، ولا شارل الثاني.
وبعد الحرب العالمية الثانية، سمعَتْ بياف عن الثنائي واصطحبتهما معها في جولة في الولايات المتحدة وكندا حيث ألَّف أزنافور بعضاً من أشهر أغانيه.
وإلى ذلك، يروي الممثل جان كلود بريالي، في مذكراته، أنه تعرف على أزنافور يوم كان هذا الأخير تحت حماية إديت بياف. وكان معروفاً عن النجمة الساطعة أنها تختار فنانين شباباً مغمورين تعشقهم وتدفع بهم إلى النور. وهي قد أحبت أزنافور كثيراً وبادلها الحب، لكنه كان من القلائل الذين عاندوا فراشها. وكانت تسميه «صغيري العبقري الأحمق». أحمق لأنه صمد أمام غوايتها. كتب لها أغنية بعنوان: «أكره أيام الأحد» ولم تنل رضاها. فما كان منه سوى تقديم الأغنية إلى جولييت غريكو فحققت نجاحاً كبيراً. ولم تغفر له بياف تلك «الخيانة»، وظلَّت تشيع أن أزنافور منح «أغنيتها» لأخرى.
لم يكن أزنافور يكره أيام الأحد بل كان يشتغل حتى في أيام الراحة. وبهذا وصل رصيده إلى أكثر من 1200 أغنية. وبيع من أسطواناته 180 مليوناً، فضلاً عن جولاته ومشاركاته المسرحية والسينمائية، وكثيراً ما كان يُوصَف بفرانك سيناترا فرنسا. وغنى بالفرنسية والإسبانية والإنجليزية والإيطالية والألمانية. وهو معروف بأغانٍ شهيرة مثل «لا بوهيم» و«لا ماما» «أموني موا»، وبالتزامه بقضية أرمينيا.
أتى النجاح الفعلي متأخرا لهذا الفنان في سن السادسة والثلاثين. وكان يحلو له القول «لستُ عجوزا لكنني متقدم بالسن. والأمران ليسا شيئاً واحداً». وخاض غمار السينما أيضاً، ومثَّل في نحو 80 فيلماً مع مخرجين كبار، منهم فرنسوا تروفو وكلود شابرول. وقدم حفلات في أعرق قاعات العالم رغم بداياته الصعبة والانتقادات اللاذعة لقصر قامته وصوته المحدود.
كسب كثيراً وطاردته دائرة الضرائب بتهمة التهرُّب، ونجحت في استصدار مذكرة دولية لتسليمه. ووقف أزنافور في المحكمة ليقول إن على فرنسا أن تشكره على المليارات التي دخلت إلى خزانتها بفضل مبيعات أسطواناته في الخارج. «هل تعرف يا سيادة القاضي أنني الفنان الوحيد في العالم الذي غنى على مسارح 78 بلداً؟».
في 1977 صدر حكم بتغريم أزنافور ثلاثة ملايين فرنك، أيام الفرنكات، مع الحبس لمدة سنة. ونشر المغني قصيدة في الصحف، كانت رسالة موجهة إلى الرئيس جيسكار ديستان، يعترض فيها على مجازاته بالملايين وبالسجن بعد أن خدم فرنسا والثقافة الفرنسية. وانتهت القضية بالبراءة. وها هو يفارق الحياة دون أن يفي بوعده لجمهور كان ينتظره في جولة غنائية شاء القدر ألا تتحقق.
يُذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان من أشد المعجبين بأزنافور وغنى كثيراً من أغانيه خلال حفلات الكاريوكي التي كان يحضرها وهو طالب حسبما قال أحد زملائه.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.