ابتكارات حديثة لمستقبل إنتاج الغذاء

«زراعة رقمية» لمقاومة التغيرات المناخية وبروتينات مستدامة من اليابسة والمياه

الزراعة العمودية إحدى طرق جني المحاصيل في المناطق الحضرية
الزراعة العمودية إحدى طرق جني المحاصيل في المناطق الحضرية
TT

ابتكارات حديثة لمستقبل إنتاج الغذاء

الزراعة العمودية إحدى طرق جني المحاصيل في المناطق الحضرية
الزراعة العمودية إحدى طرق جني المحاصيل في المناطق الحضرية

ينعقد في الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي مؤتمر علمي في مدينة كولون الألمانية تحت شعار «ثورة في إنتاج الغذاء والكتلة الحيوية» يشارك فيه 56 باحثا لمناقشة مستقبل إنتاج الغذاء، إضافة إلى ممثلي شركات بارزة في هذا المجال.

«زراعة رقمية»
وستتطرق تقارير المؤتمر إلى مسائل، مثل هل سيتطور التحويل الرقمي في الزراعة، أو الزراعة المائية، والحضرية، وإنتاج المحاصيل، أم سيلعب إنتاج البروتين المستدام دورا أساسيا في جلب مزيد من التجديد إلى المستهلكين؟
> التحويل الرقمي في الزراعة يمثل واحدا من المجالات الواعدة حيث تسرع النباتات في النمو والتزهير، ما يساعد المزارعين على تحقيق كفاءة عالية وحماية لمحاصيلهم من التغيرات المناخية غير المتوقعة. وتعتبر الهند مثالا عظيما في الابتكار المزدهر للنظام البيئي.
> تطوير الكائنات الدقيقة كمحفزات حيوية وعوامل سيطرة حيوية ومغذيات زراعية يجد اهتماما متزايدا، وقد نما بصورة سريعة في العقدين الأخيرين، وسوف تتم مناقشة الحلول الأساسية حول قدرة الكائنات الدقيقة لأغراض التحفيز الحيوي وكيفية إيصالها إلى الحقول. كما سيناقش المؤتمر عملية دمج الجذريات الفطرية «Mycorrhizae» والمحفزات الحيوية والتحديات التي تواجه استخدامها أيضا.
> الزراعة العمودية والزراعة الحضرية سوف يلعبان دورا جوهريا في مستقبل الإنتاج الغذائي في المساحات المحمية. واليابان كانت من بين الدول التي طورت استخدام الزراعة العمودية في الحقول على مدى واسع.

تطوير إنتاج الغذاء
> البيوت الزجاجية المضاءة بالمصابيح الموفرة للطاقة LED (الصمامات الباعثة للضوء)، وتحلية مياه البحر، إضافة إلى التقنيات الشمسية ودورات الكتلة الحيوية المغلقة «Closed biomass cycle» ستفتح آفاقا جديدة كليا لإنتاج الغذاء تحت أشد الظروف قسوة. وقد نجحت بعض الشركات في تسويق مثل هذه التقنيات، إضافة إلى إمكانية إنتاج الغذاء في الصحراء، أو نجاح الاختبارات في إنتاج الغذاء تحت تأثير منشطات التربة المستحصلة من القمر أو المريخ.
> تعد النباتات المعدلة وراثيا ذات أهمية كبيرة في الأمن الغذائي مستقبلا حيث إن التغيرات المناخية ستؤدي إلى ظروف أشد قسوة وتصبح الحالة صعبة على المزارعين لحماية محاصيلهم. وتناقش التقارير جوانب، مثل؛ ما التقدم العالمي الحاصل في مجال المحاصيل المعدلة وراثيا؟ وهل يزيد التخليق الضوئي المطور من إنتاج المحاصيل؟ وهل يمكن تطوير المحاصيل المعدلة وراثيا في تربية الأشجار وتطوير الخضراوات؟
> رفع مستوى الحشرات المستدامة، والبروتينات الشمسية واللحوم والبروتينات المصنعة سوف يكون مهما. هناك كثير من هذه المنتجات في الأسواق التجارية في الوقت الحاضر. وكثير منها طور الإنتاج مثل البرغر النباتي المصنع واللحوم المصنعة من الخلايا والحشرات المعروفة سابقا كمصدر للبروتين.
إن الزراعة العضوية وطرق الإنتاج الصغيرة ستكون لها فائدة كبيرة جدا من هذه التطورات الحديثة، بزيادة القدرة وفي ذات الوقت احترام المبادئ الأولية والنظريات.
> يمكن أن توفر المحيطات الكثير، بالإضافة إلى تربية الأسماك، حيث إننا لا نستفيد منها سوى بالقليل. كما أن المفاهيم الحديثة للزراعة تذيب الحواجز بين اليابسة والمحيط. والزراعة المائية «hydroponics» وتربية الأحياء المائية «aquaculture» والطاقة الشمسية كلها أمثلة لمنصات الوحدات الطافية لإنتاج الغذاء. وسوف تتم مناقشة دور الطحالب في الغذاء والتغذية بصورة تفصيلية.
> التكنولوجيا الحيوية الحديثة والطرق الكيميائية تمكن معامل التكرير الحيوية في إنتاج البروتينات والنكهات والألياف والمواد الكيميائية والبلاستيك بكفاءة من الكتل الحيوية المختلفة. وطرق التكرير الحيوي والتكنولوجيا الحيوية هي مستقبل تصنيع مثل هذه المنتجات.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً