السلطات العراقية تنفي تقريراً حقوقياً عن عمليات «اختفاء قسري»

TT

السلطات العراقية تنفي تقريراً حقوقياً عن عمليات «اختفاء قسري»

جددت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اتهاماتها للسلطات العراقية بالإخفاء والاعتقال التعسفي لعشرات المواطنين من السنة العراقيين، وقال تقرير نشرته أول من أمس، إن «قوات الجيش والأمن العراقية أخفت عشرات الأشخاص، أغلبهم من الذكور السنة العرب، منهم أطفال في سن التاسعة في إطار عمليات مكافحة الإرهاب».
وهذا التقرير الثاني الذي تنشره المنظمة الحقوقية في غضون شهر، بعد أن نشرت نهاية أغسطس (آب) الماضي تقريرا مماثلا تحدثت فيه عن عشرات عمليات الاعتقال وعمليات الاختفاء القسري.
وفيما لم ترد السلطات العراقية على تقرير أغسطس (آب) الماضي، رد مركز الإعلام الأمني التابع لقيادة العمليات المشتركة أول من أمس، على التقرير الجديد واتهم القائمين عليه بـ«الادعاء وعدم المصداقية».
ووثق التقرير الجديد للمنظمة الذي يغطي الفترة من عام 2014 وحتى2017. الصادر في 76 صفحة، «إخفاء 74 رجلا و4 أطفال آخرين كانوا محتجزين لدى الجيش العراقي والقوى الأمنية العراقية بين أبريل (نيسان) 2014 وأكتوبر (تشرين الأول) 2017 ثم أُخفوا قسرا». ويقول التقرير بأن «السلطات العراقية لم تستجب لأي طلب من الأسَر أو هيومن رايتس ووتش للمعلومات حول المخفيين».
ونقل التقرير عن نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، لما فقيه، قولها: «في مختلف أنحاء العراق، تتوق الأسر التي أُخفي آباؤها، أزواجها، وأطفالها بعد أن احتجزتهم القوات العراقية إلى إيجاد أحبتها. رغم البحث والطلبات المقدمة إلى السلطات العراقية لسنوات، لم تقدّم الحكومة أي جواب حول مكانهم أو ما إذا كانوا لا يزالون أحياء».
من جهته، اعتبر مركز الإعلام الأمني التابع لقيادة العمليات المشتركة أن تقارير المنظمة بشأن السجون السرية «لم تكن مهنية ولا تحمل شيئا من المصداقية بعد ادعائها أن هناك إخفاء قسريا لما سمتهم العرب السنة»، وذكر في بيان أن «هذه التسمية مرفوضة جدا لأنها نوع من تكريس الطائفية المقيتة»، مضيفا أن «هذه المنظمة ولأكثر من مرة تعتمد على جهة واحدة دون أخذ رأي الجهات المختصة وتأتي بشهادات غير صحيحة». ويلفت إلى أن «جميع صنوف الأجهزة الأمنية تضع معايير حقوق الإنسان في التعامل مع الملقى القبض عليهم ولا تلقي القبض إلا بعد صدور مذكرة قبض قضائية وأن هناك إجراءات بحق المخالفين لهذه المسألة». نافيا اعتقال السلطات العراقية لأطفال كما ورد في تقرير المنظمة.
من جانبه، يرى عضو مفوضية حقوق الإنسان المستقلة في العراق علي البياتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن مجمل الأرقام المتداولة عن حالات الإخفاء القسري للأشخاص أنه يجب التعامل معه عبر فترات مختلفة، وإذا «تحدثنا عن إجمالي عدد المختفين قبل وبعد 2003. فالتقديرات الدولية تشير إلى ما بين 250 ألفا إلى مليون شخص، بينهم أكثر من 30 ألفا بعد ذلك العام». ويؤكد البياتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أعداد المختفين بعد 2014. سواء على يد «داعش» والجماعات الإرهابية أو مختلف الفصائل المسلحة يتراوح بين 5 - 12 ألف حالة، وهؤلاء يتوزعون بين اختفائهم في مقابر جماعية أو سجون سرية، لدينا 120 مقبرة جماعية بعد 2014 لم يكشف عن ضحاياها حتى الآن أغلبها في محافظات كركوك ونينوى والأنبار».
ويرى البياتي أن المشكلة في معالجة ملف الاختفاء القسري هي «عدم وجود قانون لمفوضية حقوق الإنسان، وهي بالتالي مرتبطة بالادعاء العام، والأخير يرفض في أحيان كثيرة الأدلة والمستندات التي تقدم إليه، علما بأن بعض الهيئات الحقوقية في العالم لها حق المحاسبة والمحاكمة، لكننا لا نستطيع سوى تقديم الشكوى، وتسلمنا منذ 2014 أكثر من 3 آلاف شكوى من أناس اختفى أبناؤهم في الموصل والأنبار ومناطق مختلفة».
المرصد العراقي لحقوق الإنسان أثار قبل أسابيع ملف الاختفاء القسري، بعد أن ظل على امتداد السنوات الماضية يصدر تقارير بهذا الشأن من دون أن يلمس أي تجاوب يذكر من السلطات الرسمية لمعالجة هذا الأمر، كما يقول رئيس المركز مصطفى سعدون لـ«الشرق الأوسط». ويؤكد سعدون أن «السلطات العراقية لا تكترث بمصير المختفين قسرياً وأنهم ازدادوا خلال السنوات الأخيرة التي شهدت حرباً شرسة ضد تنظيم (داعش) في مناطق غربي وشمالي العراق».
وبشأن عدم تحرك الادعاء العراقي في ملف حقوق الإنسان والمغيبين تحديدا، يقول مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن «الادعاء العام مشلول بشكل متعمد بسبب أوضاع حكم القانون في البلد وسيطرة حكم القوة وحكم النفوذ بدل حكم القانون». ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه أن «مدة حسم قضايا انتهاكات حقوق الإنسان تمتد لسنوات طويلة، ولا يوجد أي التزام بموضوع السقوف الزمنية للحسم». ويؤكد أن «شكاوى الانتهاكات تستمر سنوات عدة بعد أن يسمح بتحريكها، لكن معظمها تسوف وتهمل وتضيع في الأدراج». ويعتقد المصدر القضائي أن «قضايا انتهاكات حقوق الإنسان تواجه تحديا مشابها لما تواجهه قضايا الفساد».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.