مشاورات حكومية جديدة للخروج من حالة الجمود

مؤشرات لتنازل {التيار} عن منصب نائب رئيس الوزراء لصالح {القوات}

الحريري استقبل أمس رئيس «القوات» سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام (دالاتي ونهرا)
الحريري استقبل أمس رئيس «القوات» سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام (دالاتي ونهرا)
TT

مشاورات حكومية جديدة للخروج من حالة الجمود

الحريري استقبل أمس رئيس «القوات» سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام (دالاتي ونهرا)
الحريري استقبل أمس رئيس «القوات» سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام (دالاتي ونهرا)

أعاد الرئيس المكلّف سعد الحريري، تحريك المياه الراكدة على صعيد تشكيل الحكومة، عبر إطلاقه حركة مشاورات جديدة، للخروج من حالة الجمود، وحثّ الأطراف على تقديم تنازلات تسمح بولادة الحكومة، وتخرج البلاد من حالة التدهور السياسي والاقتصادي وتحلل مؤسسات الدولة.
وبدأ الحريري مشاوراته باجتماع مطوّل عقده ظهر أمس مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وعضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، لحلّ ما يعرف بالعقدتين المسيحية والدرزية.
ويأتي التحرّك الجديد للحريري، بمثابة محاولة لوضع القيادات اللبنانية أمام مسؤولياتها، وإطلاعهم على تبعات الفراغ الحكومي، وأفادت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات، بأن الرئيس المكلّف «ينطلق من معطيات جديدة لديه، ربما تسهم في تدوير الزوايا، وتدفع الأطراف إلى تقديم بعض التنازلات». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «ينطلق من الوضع الاقتصادي الضاغط، والاستنزاف الناجم عن الفراغ الحكومي، الذي يساهم في إضعاف الدولة والعهد ويهدد بانهيار اقتصادي، وصولاً إلى الثغرات الأمنية التي تجلّت مؤخراً بإشكالات المطار».
وكانت الهيئات الاقتصادية أطلقت في اليومين الماضيين صرخة حمّلت فيها القيادات السياسية، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وحذّرت من تداعيات سلبية جداً على الوضع الاقتصادي في ظلّ استمرار الفراغ، وأوضحت المصادر المواكبة لحركة الاتصالات، أن الحريري «سيضع كلّ الأطراف أمام مسؤولياتهم حيال تلاشي الدولة، وتداعي مؤسساتها وإداراتها، الذي يترجم أحياناً بتشنّجات على الأرض». وكشفت عن «توفّر معطيات جديدة تؤشر إلى خرقٍ محتمل في جدار أزمة الحكومة، يتمثّل بتنازل العونيين (فريق رئيس الجمهورية السياسي والتيار الوطني الحرّ برئاسة جبران باسيل) عن منصب نائب رئيس الحكومة، وإسناده إلى القوات اللبنانية».
وكان الحريري استقبل في دارته في «بيت الوسط» ظهر أمس، رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يرافقه وزير الإعلام ملحم الرياشي في حضور وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس الخوري، وتناول اللقاء آخر المستجدات السياسية، لا سيما الاتصالات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة.
ولم تتوفّر أي معطيات عن النتائج التي انتهي إليها اجتماع «بيت الوسط»، لكنّ رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور، أشار إلى أن لقاء الحريري - جعجع «حدّد ما يمكن أن تقبله أو ترفضه (القوات اللبنانية) في الصيغة الحكومية الجديدة»، موضحاً أن الحريري «باتت لديه كلّ المعطيات المتعلّقة بمطالبنا، وهو سيبحثها مع رئيس الجمهورية (ميشال عون) عند لقائه للتفاوض معه على تركيبة حكومية».
وصرح شارل جبور لـ«الشرق الأوسط»، بأن «البلد مقبل على حركة مشاورات جديدة، وجوجلة أفكار مطروحة»، مؤكداً أن القوات اللبنانية «قدمت تنازلات كبيرة في المرحلة الماضية، وهي ليست بودار التنازل إلى حدّ إلغاء نفسها وتمثيلها الشعبي والنيابي، في مقابل إمعان الطرف الآخر (وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل) بالعرقلة، وبحثه عن عقد تعرقل كل المساعي الصادقة لإخراج الحكومة من أزمتها».
وأمام إصرار التيار الوطني الحرّ وفريق رئيس الجمهورية، على عدم إعطاء القوات اللبنانية حقيبة سيادية، أو حقائب خدماتية مهمّة بينها وزارة الطاقة، والعودة إلى الحديث عن منحها ثلاث وزارات فقط، أكد شارل جبور أن «كتلة الجمهورية القوية عادت إلى مطلبها الأساسي وهو التمسّك بخمس وزارات، وحقّها الطبيعي يكون بثلث الوزراء المسيحيين». وعمّا يسرّب عن إمكانية منح «القوات» ثلاث حقائب وزارية، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس الحكومة إسناد إليه وزير دولة، أوضح جبور أن «هذا الطرح غير رسمي، وتبلغناه عبر الإعلام، ونحن ننتظر الطرح الذي سيقدمه الطرف الآخر (عون وفريقه) لنحدد موقفنا منه».
من جهته، دعا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، إلى «مساعدة الرئيس الحريري للوصول إلى الحلول الصحيحة، حتى تكون لدينا فعليا حكومة وطنية بالمعنى الحقيقي قادرة على أن تنتشل البلد من هذه الأمراض الطائفية والمذهبية والمصلحية المقيتة والتي اضطررنا معها خلال هذه الفترة التي نعيشها». وقال: «إنني أقترح أن تكون هناك حكومة أقطاب مصّغرة لكي نخرج من الأزمة التي وصلت إليها البلاد». وأكد السنيورة أن «قوة رئيس الجمهورية تأتي أساساً من طريق احترام الدستور ومن كونه يمثل الحكم بين جميع القوى السياسية في البلاد، وأن يكون هو فوق كل السلطات والقادر على جمع كل اللبنانيين».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.