رحلات ترفيهية بمصر للتخفيف عن الأطفال المرضى

تشمل زيارة مواقع أثرية والاستماع للإنشاد الديني والفقرات الموسيقية

عدد من الحضور والمشاركين في قلب القاهرة التاريخية
عدد من الحضور والمشاركين في قلب القاهرة التاريخية
TT

رحلات ترفيهية بمصر للتخفيف عن الأطفال المرضى

عدد من الحضور والمشاركين في قلب القاهرة التاريخية
عدد من الحضور والمشاركين في قلب القاهرة التاريخية

بدأت فرق شعبية مصرية المشاركة في التخفيف عن الأطفال المرضى، وذلك من خلال تقديم عروض فنية منوعة لهم، من بينها مجموعات تقوم بتقديم الإنشاد الديني والفقرات الموسيقية. وفي منطقة بيت السحيمي الواقعة في شارع «المعز لدين الله»، التاريخي، بحي الأزهر في القاهرة القديمة، تجمع عشرات الأطفال مع أسرهم للاستمتاع بالفنون والمشاهد الأثرية.
وتقول سهير عبد القادر التي شاركت في تنظيم جولة الأطفال المرضى في شارع المعز التاريخي: «هؤلاء الأطفال خارجون من المستشفى، منهم من شفي، ومنهم من ما زال يستكمل علاجه، هم وذووهم جاءوا إلى هذه الاحتفالية حتى يشعروا ويلمسوا الأماكن الشعبية والتراثية المصرية التي توجد في بلادهم، وكل هذا حدث بتوجيه مباشر من وزير السياحة هشام زعزوع الذي أكد لنا في وقت سابق أنه يريد أن يشعر هؤلاء الأطفال بعظمة بلادهم وجمالها من خلال الأماكن الأثرية التي لم يسبق لهم زيارتها».
وجرى تنظيم هذه العروض تحت رعاية صندوق التنمية الثقافية لإحياء التراث الشعبي المصري. وأقيم أول عرض هذا الأسبوع في احتفالية كبيرة في شارع المعز لدين الله، وشارك فيه العديد من الأطفال من مرضى السرطان بعد أن وجهت لهم وزارة السياحة الدعوة للترفيه عنهم ومساندتهم في مرضهم، بجانب إعطاء الأولوية لإرسال رسالة للعالم مفادها أن مصر آمنة بعد الاضطرابات السياسية والأمنية التي شهدتها في السنوات الثلاث الماضية منذ أحداث الثورة المصرية الأولى وما تبعها من موجة ثانية في 30 يونيو (حزيران) من العام الماضي، وأن السياحة في مصر تستعيد رونقها ومكانتها من جديد بفضل التحسن الكبير الذي طرا على الوضع الأمني.
وتخلل الاحتفالية العديد من العروض الترفيهية ووصلات الغناء الشعبي والتراثي المصري، بجانب وجود العديد من فرق الإنشاد الديني التي تحرص على المشاركة في هذه الاحتفالات خاصة إذا كانت تقام في شهر رمضان، وهو ما تؤكده سهير عبد القادر قائلة: «لا شك أن وجود هذه الاحتفاليات في الشهر الكريم يضفي عليها طابعا روحانيا خاصا جدا، هذا بجانب إقامتها في إحدى أعرق المناطق الأثرية والتاريخية، وهو شارع المعز الشهير الذي يأتيه السياح من كل مكان ليشاهدوا عظمة بلادنا. لذلك أحرص ويحرص العديد من القائمين على تلك الاحتفالات أن نقيمها في شارع المعز أو في القاهرة التاريخية القديمة عموما، لأنها منطقة جذب سياحي بشكل كبير جدا».
ويقول محمد مجدي أحد الحاضرين في الاحتفالية: «هذا المكان له ميزه خاصة جدا وهي شعورنا بعظمة تاريخنا فيه، فهو بمثابة متحف مفتوح، تعرض فيه آثارنا الإسلامية والحضارية علي مر العصور».
ويعد شارع المعز التراثي من أهم الشوارع التاريخية في مصر، كما كان يعرف باسم «شارع الأعظم»، ثم شارع «القاهرة» وشارع «القصبة»، إلى أن سماه جوهر الصقلي «شارع المعز لدين الله» نسبة إلى القاهرة المعزية آنذاك. كما أنه يحوي العديد من التحف الأثرية التي تنتمي للعصور الوسطي، ومن العصر المملوكي بالذات، مما جعله أحد أهم الشوارع التراثية التي تعد من أهم مناطق الجذب السياحي في مصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».