وظيفة في ملاذ للقطط بجزيرة يونانية تجذب قرابة 40 ألف متقدم

ينتمون إلى أكثر من 90 دولة

جانب من ملاذ القطط في جزيرة سيرو اليونانية (واشنطن بوست)
جانب من ملاذ القطط في جزيرة سيرو اليونانية (واشنطن بوست)
TT

وظيفة في ملاذ للقطط بجزيرة يونانية تجذب قرابة 40 ألف متقدم

جانب من ملاذ القطط في جزيرة سيرو اليونانية (واشنطن بوست)
جانب من ملاذ القطط في جزيرة سيرو اليونانية (واشنطن بوست)

بدأ الأمر عام 2010 عندما ولدت قطة في حديقة منزل جوان وريتشارد باول في جزيرة سيروس اليونانية. وضعت القطة هرتين صغيرتين، وكانت إحداهما مريضة. وتولت أسرة باول العناية بالقطة وطفليها وأطلقوا على الأم اسم «بيبر»، أما الصغيرتان فأصبحتا «تايني» و«نينجا». وانضم الثلاثي إلى قطتين كان الزوجان قد أحضراها إلى سيروس عندما نقلا إقامتهما إلى الجزيرة قادمين من الدنمارك، موطن جوان الأصلي. ونظر الزوجان للأمر باعتباره مجرد توسع في أسرتهما المكونة من شخصين.
اليوم، أصبح لديهما عدد قليل من القطط، لكنه لم يكن بعدد يمثل عائقاً أمام خطتهما للانتقال إلى نيويورك، حيث عمل ريتشارد في الأمم المتحدة.
واستمرت أسرة باول في العثور على قطط مصابة وأخرى مريضة وأخرى صغيرة للغاية، وسرعان ما تحول الفدان الذي يملكه الزوجان على الجزيرة إلى ملاذ للقطط أطلقا عليه «مخلوقات الله الصغيرة» («غودز ليتل بيبول»). وأكد الزوجان أن الاسم لم يقصد به إعلان معتقد ديني بعينه، وإنما يعكس فلسفة تدور حول فكرة أن القطط تمثل أفرادا على القدر نفسه من الأهمية مثل البشر ولها الحق في الحرية والاهتمام بها. ومع ارتفاع أعداد القطط الموجودة داخل الأرض التي يملكها آل باول إلى ما يفوق 60، حسبما ذكر الزوجان، تولدت لديهما قناعة بأن المساحة تعوق إمكانية مزيد من التوسع في نشاطهما. ورغب الزوجان في إنجاز خطوة انتقالهما إلى نيويورك، حيث خطط ريتشارد لبناء ملاذ آخر للقطط خارج المدينة. وعليه، طرحت جوان في الخامس من أغسطس (آب) منشوراً عبر «فيسبوك» تفتح باب تقديم سير ذاتية للالتحاق بوظيفة متواضعة الأجر في ملاذ «غودز ليتل بيبل».
وكانت أسرة باول قد نشرت إعلاناً مشابهاً منذ سنوات قلائل وتلقت استجابات معدودة. هذه المرة، كانا يأملان في تلقي 25 سيرة ذاتية، أو ربما 50 على الأكثر.
إلا أنه في غضون ستة أسابيع، تلقيا ما يقرب من 40.000 سيرة ذاتية للالتحاق بالوظيفة. وفي كل يوم من أغسطس، تلقت جوان باول ما بين 1.000 و1.600 سيرة ذاتية عبر البريد الإلكتروني. واستمرت في تحديث منشورها عبر «فيسبوك»، مشددة على أن الوظيفة حقيقية، وموضحة أن المنزل الصغير الذي سيجري توفيره للشخص الذي سيتولى رعاية القطط لن يتسع لأسرة صغيرة أو لحيوانات أليفة يحملها الموظف الجديد معه، وأن الوظيفة ستتضمن تنظيف فضلات القطط واتخاذ قرارات «تدمي القلب» بخصوص القطط شديدة المرض أو المصابة بجروح خطيرة.
ومع هذا، استمرت طلبات التقدم للوظيفة في التدفق، وجاءت من أشخاص ينتمون لأكثر من 90 دولة. وكانت بعض الطلبات عبارة عن خطابات مرسلة من لاجئين رغبوا في العمل وإرسال أموال لأسرهم في الوطن، وبعضها كانت من سيدات يسعين للفرار من علاقات يتعرضن خلالها لانتهاكات واعتداءات، حسبما ذكرت جوان باول. وأضافت أن كثيرا من الطلبات كانت من أفراد حاولوا إدارة ملاذات للقطط خاصة بهم.
واستعان آل باول بستة من أصدقائهم لمعاونتهم في مراجعة سيل طلبات العمل الذي انهمر عليهما، وأكدا أنه أصابهما بذهول. ومع أن الوظيفة في جزيرة رائعة وتتضمن كثيرا من القطط، أكدت جوان باول أنها ليست «وظيفة الأحلام» مثلما ذكرت كثير من العناوين التي تناولت القصة، ذلك أن الوظيفة تتضمن كثيرا من الجهد في إطعام القطط والعناية بها وتمريضها وحملها إلى الطبيب البيطري لفحصها ونشر صور للقطط عبر «فيسبوك» وتجميع التبرعات. وشددت على أن هذه المهام لا تترك متسعاً للنوم.
الطريف أن قصة الوظيفة انتشرت في دوائر كثيرة، وتعقد أسرة باول محادثات مع منتجين لتحويل الأمر لفيلم سينمائي. من ناحيته، أعرب ريتشارد باول عن اعتقاده بأن السر وراء الاستجابة الهائلة لطلب التوظيف ليس التغطية الإعلامية الواسعة، ولا حتى افتتان رواد الإنترنت بالقطط، وإنما له صلة بالإنسانية.
وقال: «هذا أكبر من كونه مجرد وظيفة على جزيرة يونانية، وإنما أمنية دفينة لدى أشخاص بأن يعودوا إلى مستوى من الإنسانية في وقت تتردى الأوضاع حولنا إلى مستوى مروع من اللاإنسانية... يرغب الناس في رؤية مستقبل يمكن العمل على إنجازه».

- خدمة {واشنطن بوست}


مقالات ذات صلة

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

يوميات الشرق طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تشعر فعلاً بالألم (غيتي)

الكركند والسرطانات «تتألم»... ودعوة إلى «طهوها إنسانياً»

دعا علماء إلى اتّباع طرق إنسانية للتعامل مع السرطانات والكركند والمحاريات الأخرى داخل المطبخ، بعدما كشفوا للمرّة الأولى عن أنّ القشريات تشعر فعلاً بالألم.

«الشرق الأوسط» (غوتنبرغ)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».