عباس: القضية الفلسطينية تمر بأصعب مراحلها

أصر على استبعاد واشنطن من عملية السلام وليفني حاولت إقناعه باستئناف الحوار

مصافحة بين الرئيسين المصري والفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
مصافحة بين الرئيسين المصري والفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس: القضية الفلسطينية تمر بأصعب مراحلها

مصافحة بين الرئيسين المصري والفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
مصافحة بين الرئيسين المصري والفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن القضية الفلسطينية تمر في هذه المرحلة بأصعب الظروف، متعهداً بمواجهة ذلك بمزيد من الصمود.
وأضاف عباس أثناء لقائه وفداً من أعضاء الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأميركية، قبل يوم من إلقائه خطابه في الأمم المتحدة: «قضيتنا الآن تمر بأصعب الظروف، ولكننا لن نيأس، وسنصمد حتى تحقيق أهدافنا وثوابتنا الوطنية، المتمثلة بالحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
وأكد عباس أنه يريد الوصول إلى ذلك عبر صنع السلام، لكن بعد عقد مؤتمر دولي بديلاً لرعاية الولايات المتحدة. وقال: «الإدارة الأميركية بقراراتها المتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وإزاحة ملف اللاجئين مِن على طاولة المفاوضات، وقطع المساعدات عن وكالة (الأونروا)، أخرجت نفسها كوسيط وحيد للعملية السياسية، وبالتالي أصبحت هناك ضرورة لعقد مؤتمر دولي السلام، ينتج عنه تشكيل آلية دولية لرعايته».
وأكد الرئيس الفلسطيني أنه سيواصل جهوده من أجل إقامة الدولة، وكذلك مواجهة «الإجراءات الإسرائيلية الخطيرة، المتمثلة بمواصلة سياسة الاستيطان واستمرار الاعتداءات التي تستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني»، مضيفاً: «هذه الإجراءات لا يمكن السكوت عنها، وسنواصل جهودنا على المستويات كافة، واتخاذ القرارات من أجل حماية شعبنا والحفاظ على حقوقه التي كفلها القانون الدولي».
وحذَّر عباس من خطورة المس بالمسجد الأقصى، قائلاً إن أي قرارات تحاول المسَّ بمكانته الدينية، ستجر المنطقة إلى مزيد من التوتر وتدهور الأوضاع.
وفيما يتعلق بملف المصالحة الوطنية، أكَّد عباس حرص القيادة الفلسطينية على تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام «لمواجهة المخاطر المحدقة بقضيتنا الوطنية». وقال إن «الطريق لتحقيق المصالحة واضح، وهو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة في 17/ 10/ 2017، الذي ينص على تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها بشكل كامل في قطاع غزة، والذهاب لإجراء الانتخابات العامة بأسرع وقت، وذلك لتوحيد شطري الوطن وإنهاء الانقسام».
وجاءت تصريحات عباس التي انتقد فيها سياسات الولايات المتحدة، بعد ساعات من محاولات رئيسة المعارضة الإسرائيلية، تسيبي ليفني، إقناعه باستئناف الحوار مع الإدارة الأميركية.
وكانت ليفني التقت عباس على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، وأبلغته بأن خطورة الوضع تتطلب ضرورة عودة الحوار بين السلطة والولايات المتحدة.
وقالت ليفني إن الهدف من اللقاء هو منع تدهور الوضع الأمني وتحقيق آمال مستقبلية، وليس التطرق إلى المفاوضات التي جرت في الماضي.
ورفضت ليفني أي خطوات فلسطينية أحادية، قائلة لعباس إنها قد تؤدي «إلى تدهور الوضع، وفقدان السيطرة، وخسارة حل الدولتين».
وأكد مكتب ليفني أنها قالت لأبو مازن، إن عليه العمل للتوصل إلى حل «قبل أن تصبح غزة (حماسستان) بشكل رسمي»، وإن عليه العودة إلى المحادثات مع الولايات المتحدة «قبل خسارة حل الدولتين».
وأكدت ليفني أن الحل في غزة عالق، ولن ينجح إلا عبر إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على (القطاع)، وليس عبر منح شرعية لمنظمة إرهابية، متطرفة، وعنيفة مثل حماس» على حد قولها.
وناشدت ليفني أبو مازن العودة إلى المحادثات مع الولايات المتحدة على أساس حل الدولتين القوميتين، قائلة: «إنه يجب العودة إلى الحوار مع الولايات المتحدة على أساس حل الدولتين: دولة فلسطينية منزوعة السلاح إلى جانب إسرائيل، حتى مع العقوبات والتقليصات في المساعدات الأميركية للفلسطينيين، حتى وإن كان لديكم نوع من القلق والإحباط، حتى وإن لا توافق على كل الشروط».
وادعت ليفني أن المعارضة الإسرائيلية ومعظم الإسرائيليين، يؤيدون حل الدولتين، لكنهم «يعارضون أية خطوة أحادية الجانب تُتخَذ ضد إسرائيل في المنتديات الدولية. وقالت أيضاً نرفض تمويل عائلات الإرهابيين والتوجه إلى المحاكم الجنائية في لاهاي، لأنهما يؤديان إلى خسارة الثقة ويعززان التطرف».
ولقاء عباس مع ليفني، كان جزءاً من سلسلة لقاءات مكثفة ينوي عباس إجراءها قبل خطابه المرتقب اليوم في الأمم المتحدة.
ويسعى عباس لدق ناقوس الخطر في خطابه المقرر اليوم، وإعطاء العالم فرصة أخيرة من أجل إنقاذ حل الدولتين أو مواجهة خيارات صعبة.
ويوجد على طاولة عباس فكرة إقامة دولة فلسطينية تحت الاحتلال، والتخلص من الاتفاقات مع إسرائيل، وصولاً إلى إلغاء اتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بإسرائيل أو تعليقه، إلى حين تعترف بالدولة الفلسطينية.
وأكدت الرئاسة الفلسطينية أن خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، يشكل مفترق طرق ويمهد لمرحلة جديدة، بل إنه قد يكون الفرصة الأخيرة لإحلال السلام.
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن خطاب عباس، سيتضمن رؤية استراتيجية وطنية شاملة، ستترك أثرها العميق على مجريات الأحداث هنا وفي الإقليم والعالم.
وجدد أبو ردينة التأكيد على أنه «دون القدس والمقدسات لن يكون هناك سلام عادل ودائم في المنطقة، كما أنه دون القدس لن يكون هناك حل، والمنطقة ستبقى في دائرة عدم الاستقرار والحروب بلا نهاية».
وقال إن «الشعب الفلسطيني سيبقى صامدا على أرضه، وسيبقى متمسكاً بها، وسيُسقِط بصموده كل المؤامرات، ومن أي جهة جاءت»، مضيفاً أن الكل الفلسطيني مطالَب في هذه المرحلة الخطيرة بتحمل المسؤولية الوطنية... «خاصةً من خلال رؤيتنا للمخططات والمشاريع الرامية إلى تقسيم المنطقة العربية وتدميرها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».