مصريون ينتقدون فيديو يتنمر على طفل صغير

الطفل الباكي صاحب الفيديو (يوتيوب)
الطفل الباكي صاحب الفيديو (يوتيوب)
TT

مصريون ينتقدون فيديو يتنمر على طفل صغير

الطفل الباكي صاحب الفيديو (يوتيوب)
الطفل الباكي صاحب الفيديو (يوتيوب)

أثار مقطع مصور لطفل مصري أثناء يومه الدراسي في مدرسته الابتدائية وهو يبكي بسبب رغبته في النوم، انتقادات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعد أن نشر الفيديو بهدف السخرية من بكاء الطفل وحاجته للنوم.
ونشر المجلس القومي للطفولة والأمومة، في الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء) بياناً له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ينتقد تصوير الطفل بتلك الصورة المسيئة.
وذكر في البيان: «يطالب المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتحقيق في واقعة نشر وتصوير طفل أثناء اليوم الدراسي، حيث يظهر الطفل يبكي بسبب رغبته في النوم وذلك بصورة مسيئة، بما يخالف قانون الطفل، والذي يحظر تصوير أو نشر أي مواد إعلامية تحتوي على مشاهد مسيئة للأطفال أو التشهير بهم».
وأضاف البيان: «كما يعد هذا الفيديو المتداول نوعاً من أنواع التنمر الإلكتروني الذي يسيء للأطفال بشكل عام. ويطالب المجلس القومي للطفولة والأمومة بوقف عرض هذا الفيديو في وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمثل انتهاكاً لحقوق الطفل الواردة بالمواثيق الدولية والقوانين الوطنية».
ويظهر الطفل (6 سنوات) في الفيديو وهو يبكي بشدة متوسلا المشرفة على فصله، بأن ينام ربع ساعة فقط، منادياً إياها بعفوية «يا حاجة أنام ربع ساعة بس»، وبعدها ردت عليه المشرفة في محاولة تهدئته بأن موعد رحيله من المدرسة اقترب.
وتداول المستخدمون نشر الفيديو، منتقدين تصنيفه بأنه مادة للسخرية من بكاء الطفل، وأن الطفل يدعى (م.ص) عمره 6 سنوات، أصيب منذ ثلاثة أشهر بكسر في قدمه وظل طريح الفراش لوقت طويل، وما زال يخضع للعلاج.
وهو الأمر الذي أكده والد الطفل، في مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية الخاصة، قائلا: «ابني مش عاوز يروح المدرسة تاني، ومصاب بأزمة نفسية لما عرف إن الناس بتتريق عليه».
ويذكر أنه في بداية الشهر الحالي، أطلقت «يونيسيف مصر»، حملة قومية بالتعاون مع المجلس القومي للأمومة والطفولة، ضد التنمر والعنف بين الأقران، وتفاعل المصريون مع الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #أنا_ضد_التنمر.
ووفقاً لأحدث البيانات العالمية، فإن ما يزيد قليلاً على طالب من كل ثلاثة طلاب ممن تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر إلى خمسة عشر عاماً يتعرض للتنمر من الأقران. وفي حين أن الفتيات والفتيان، على حد سواء، عرضة لخطر التنمر، إلا أن الفتيات يزيد احتمال كونهن ضحايا لصور وأشكال التنمر والإيذاء النفسي، بينما الأولاد يكونون أكثر عرضة لمخاطر العنف الجسدي والتهديدات.
وقد أظهرت دراسة أجراها كل من المجلس القومي للطفولة والأمومة واليونيسيف عام 2015، شملت 3 محافظات مصرية، أن أعلى مستوى من العنف يواجه الأطفال يحدث في المنزل، تليه المدرسة. كما رصدت الدراسة أن من 29 في المائة إلى 47 في المائة من الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر إلى سبعة عشر عاماً قالوا إن العنف الجسدي بين الأقران كان أمراً شائعاً.



إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
TT

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)
الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

الشكل الإنساني بالسترة الحمراء والبنطال الرمادي، يتحرّك وسط الأُطر فيُحرّرها من ثباتها ويمنحها أنفاس الحياة. رسمُ الفنان الأميركي أندرو سكوت ظاهرُه فكرةٌ واحدة، وفي عمقه ولّادٌ وغزير. بطلُه بشريٌ يُطلق سراح المحبوس ويُجرّده من سجّانه؛ وهو هنا إطار اللوحة. ذلك القادر على ضبطها والتحكُّم بمساحتها، ثم إحالتها على قدرها: معانقة الجدار. التحريك الطارئ على المشهد، يُعيد صياغته بمَنْحه تعريفاً جديداً. الحركة والفعل يتلازمان في فنّ أندرو سكوت، على شكل تحوّلات فيزيائية تمسّ بالمادة أو «تعبث» بها لتُطلقها في فضاء أوسع.

صبيُّ الفنان يتحرّك وسط الأُطر فيُحرّرها من ثباتها (أندرو سكوت)

في ثلاثينه (مواليد 1991)، يمتاز أندرو سكوت بفرادة اللمسة لإضفائه تعديلاً على مفهوم الإطار، ومَيْله إلى تفضيل الوسيط المُحطَّم، مثل الزجاج، وما يطمُس الخطّ الفاصل بين الموضوع وحدوده، فإذا بالإطار المكسور يستميل الناظر إليه ويوقظ سؤال الـ«لماذا»؛ جرَّار الأسئلة الأخرى.

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك... يعود إلى «سنّ مبكرة من حياتي حين شغفني الفنّ وكوَّنتُ ذكريات أولى عن الإبداع بحبسي نفسي في غرفتي بعد المدرسة للرسم لساعات». شكَّلت عزلته الإبداعية «لحظات هروب من العالم»، فيُكمل: «بصفتي شخصاً عانيتُ القلق المتواصل، بدا الفنّ منفذاً وتجربة تأمّلية».

يمتاز بفرادة اللمسة لإضفائه تعديلاً على مفهوم الإطار (أندرو سكوت)

لكنَّ الإنجاز الفنّي لم يكن دائماً جزءاً من حياته: «في سنّ الـ13 تقريباً، تضاءل شغفي بالرسم. هجرتُ قلمي حتى سنّ الـ28. طريقي إلى الفنّ طويلة ومتعرّجة. لـ10 سنوات عملتُ في كتابة الإعلانات، وخضتُ تجربة زواج فاشل. أدمنتُ المُخدِّر وواجهتُ تحدّيات أخرى. بُعدي عن الفنّ لـ15 عاماً، شكَّل أسلوبي».

تسلَّل عدم الرضا لتعمُّق المسافة بينه وبين الرسم: «شعرتُ بحكَّة إبداعية، ولم أكن متأكداً من كيفية حكِّها! التبس السبب وراء عجزي عن العودة إلى الرسم. تفشَّى الوباء وفقدتُ وظيفتي، لأقرر، هنا فقط، إحياء شغفي بالإبداع».

شخصيته أقرب إلى الانطوائية، باعترافه، ويفضِّل عدم الخوض في مسارات حياته، وإنْ لمحاولة التعمُّق في قراءة فنّه. ذلك يُفسّر تطلُّعَه إلى شهرته في مواقع التواصل، بأنها «أقرب إلى الشرّ الضروري منه إلى المتعة». فتلك المساحة المُضاءة تُشعره بأنه «فنان بدوام كامل»؛ يُشارك أعماله مع العالم. لكنَّ متعة هذا النشاط ضئيلة.

وماذا عن ذلك الصبي الذي يتراءى حزيناً، رغم ارتكابه فعلاً «حراً» بإخراج الإطار من وظيفته؟ نسأله: مَن هو صبيّك؟ فيجيب: «أمضيتُ فترات من الأحزان والوحدة. لم يحدُث ذلك لسبب. على العكس، أحاطني منزل العائلة بالأمان والدفء. إنها طبيعتي على الأرجح، ميَّالة إلى الكآبة الوجودية. أرسم الطفل ليقيني بأنه لا يزال ثمة واحد في دواخلنا جميعاً. جوابي على (مَن هو صبيُّك؟) يتغيَّر. على الأرجح إنه بعضي».

رغم سطوع الحزن، يتلألأ الأمل ويعمُّ في كل مرة يُكسَر الإطار لتخرج منه فكرة مضيئة. يؤيّد أندرو سكوت هذه النظرة. فالأُطر المكسورة تُشبه مرايا حياته. لسنوات ارتمى في الفخّ، ثم تحرَّر: فخّ العادة السيئة، الكسل، التأجيل، العجز، والتخبُّط. كسرُه الإطار إعلانٌ لحرّيته.

لعلَّ إعلان الحرّية هذا يشكّل إيماناً بالنهايات السعيدة ويجترح مَخرجاً من خلال الفنّ. فأندرو سكوت يفضِّل فناً على هيئة إنسانية، لا يركُن إلى الأفراح حسراً، لاستحالة ثبات الحالة النفسية والظرف الخارجي على الوضع المُبهج. يقول: «أحب تصوير الحالة الإنسانية، بنهاياتها الحلوة والمريرة. ليست كل الأشياء سعيدة، وليست أيضاً حزينة. أمام واقعَي الحزن والسعادة، يعكُس فنّي النضال والأمل».

وتُفسِّر فتنتُه بالتحوّلات البصرية ضمن الحبكة، إخراجَ الإطار من دوره الكلاسيكي. فالتفاعل مع الأُطر من منطلق إخضاعها للتحوّل البصري النهائي ضمن حبكة الموضوع، ولَّده «بشكل طبيعي» التفكير بمعرضه الفردي. يقول: «لطالما فتنتني المنعطفات البصرية في الحبكة. لم يتأثر أسلوبي بفنانين آخرين. أمضيتُ معظم حياتي خارج عالم الفنّ، ولم أكُن على دراية بعدد من فناني اليوم المعاصرين. بالطبع، اكتشفتُ منذ ذلك الحين فنانين يتّبعون طرقاً مماثلة. يحلو لي التصديق بأنني في طليعة مُبتكري هذا الأسلوب».

فنُّ أندرو سكوت تجسيد لرحلته العاطفية وتأثُّر أعماله بالواقع. يبدو مثيراً سؤاله عن أعمال ثلاثة مفضَّلة تتصدَّر القائمة طوال تلك الرحلة، فيُعدِّد: «(دَفْع)، أو (بوش) بالإنجليزية؛ وهي الأكثر تردّداً في ذهني على مستوى عميق. لقد أرخت ظلالاً على أعمال أخرى قدّمتها. أعتقد أنها تُجسّد الدَفْع اللا متناهي الذي نختبره نحن البشر خلال محاولتنا الاستمرار في هذا العالم».

يرسم الطفل ليقينه بأنه لا يزال ثمة واحد في دواخلنا (أندرو سكوت)

من المفضَّل أيضاً، «المقلاع»: «هي من الأعمال الأولى التي غمرها الضوء، ولها أمتنُّ. لقد شكَّلت تلك القطعة المُبكِرة كثيراً من نجاحي. أحبُّ رمزية المقلاع، فهي اختزال للبراءة والخطيئة في الوقت عينه».

ثالث المفضَّل هي «الغمّيضة»، أو «الاختباء والبحث»: «قريبة وعزيزة على قلبي لتحلّيها بالمرح. أراها تُجسّد نقاء الطفولة وعجائبها. إنها أيضاً اكتشاف مثير للاهتمام لشكل الإطار. فهو يرتكز عادةً، ببساطة، على مستوى واحد، وإنما هنا ينحني باتجاه الزاوية. أودُّ اكتشاف مزيد من الأفكار القابلة للتلاعب بالأشكال مثل هذه الفكرة».

هل تتأكّد، بهذا التفضيل، «مَهمَّة» الفنّ المتمثّلة بـ«حَمْل الرسالة»؟ رغم أنّ أندرو سكوت لا يعتقد بوجود قواعد عالمية في الفنّ، وإنما آراء شخصية فقط، يقول: «بالنسبة إليّ، الرسالة هي الأهم. ربما أكثر أهمية من مهارة الفنان. لطالما فضَّلتُ المفهوم والمعنى على الجمالية عندما يتعلّق الأمر بجودة الخطوط والألوان. أريد للمُشاهد أن يُشارك رسائلَه مع أعمالي. وبدلاً من قيادة الجمهور، أفضّل إحاطة فنّي بالغموض، مما يتيح لكل فرد تفسيره على طريقته».