تركيا: ارتفاع طفيف لليرة بعد تصريحات أميركية بشأن قضية القس

تراجع ثقة شركات الصناعات التحويلية في الاقتصاد... وتأجيل المشروعات الضخمة

انتعشت الليرة التركية عقب أنباء عن مباحثات محتملة مع الولايات المتحدة حول القس المحتجز (رويترز)
انتعشت الليرة التركية عقب أنباء عن مباحثات محتملة مع الولايات المتحدة حول القس المحتجز (رويترز)
TT

تركيا: ارتفاع طفيف لليرة بعد تصريحات أميركية بشأن قضية القس

انتعشت الليرة التركية عقب أنباء عن مباحثات محتملة مع الولايات المتحدة حول القس المحتجز (رويترز)
انتعشت الليرة التركية عقب أنباء عن مباحثات محتملة مع الولايات المتحدة حول القس المحتجز (رويترز)

أنعشت تصريحات لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن احتمال أن تفرج تركيا عن القس أندرو برانسون الليرة التركية، التي سجلت ارتفاعا أمام الدولار في تعاملات أمس بأكثر من 3 في المائة.
وارتفعت الليرة التركية إلى مستوى 6.0575 ليرة للدولار، مقارنة مع مستواها عند إغلاق يوم الجمعة البالغ 6.2900 ليرة للدولار.. لكن العملة ضعفت في وقت لاحق لتسجل 6.15 ليرة للدولار.
وقال بومبيو إنه يتوقع إجراء مناقشات مع المسؤولين الأتراك هذا الأسبوع بخصوص مصير القس الأميركي أندرو برانسون الذي تسببت محاكمته بتهمة دعم تنظيمات إرهابية في توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوما على تركيا بسبب محاكمتها لبرانسون، وهو قس إنجيلي من نورث كارولاينا يعيش في تركيا منذ أكثر من 20 عاما. ويواجه اتهامات بالإرهاب ينفي ارتكابها.
وتدهورت الليرة التركية لتفقد أكثر من 42 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الجاري، متأثرة بمخاوف من تأثير الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على السياسة النقدية والخلاف الدبلوماسي مع واشنطن.
في الوقت ذاته، قال وزير الخزانة والمالية التركي برات البيراق، إن تركيا لا تعاني مشاكل من ناحية ديون القطاعين العام والخاص. وأضاف، في كلمة خلال مشاركته في مؤتمر «الإصلاحات المالية في الاقتصاد التركي»، نُظّم في نيويورك أمس (الثلاثاء) بالتعاون بين غرفة تجارة الولايات المتحدة واتحاد الغرف والبورصات التركي، أن «تركيا تأتي في مقدمة البلدان المستقرة في منطقتها، رغم أنها تقع في بقعة جغرافية تعتبر من أعقد المناطق في العالم».
وتابع البيراق بأن «حكومات حزب العدالة والتنمية (الحاكم) منذ 2002، وضعت الجانب الاقتصادي في أولوياتها، لكن مع وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة صيف 2016، بدأنا نولي اهتماما أكبر لحماية أمننا القومي». وقال إنه «وعلى الرغم من جميع السلبيات التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة، فإن الاقتصاد التركي حافظ على متانته وصلابته». وأشار إلى أن وزارته ستولي في المرحلة المقبلة اهتماماً بالغاً لتحقيق الانضباط في الميزانية واستقرار الأسعار واستقلالية البنك المركزي.
وعن البرنامج الاقتصادي الجديد الذي أعلنه الأسبوع الماضي، قال البيراق: «نهدف من خلال البرنامج إلى تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد التركي، وتحقيق الاستقرار المالي في البلاد». ولفت إلى تحسن قطاع الصادرات في تركيا، وتراجع الفجوة بين المواد المستوردة والمصدرة.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «ميلليت» القريبة من الحكومة أن تركيا تتجه لتعليق مشروع قناة إسطنبول المائية الذي وصفه الرئيس إردوغان من قبل بـ«المشروع الجنوني».
وأشارت إلى أن أنقرة تعتزم اتخاذ بعض التدابير ضمن «الخطة الاقتصادية الجديدة» التي أعلن عنها وزير الخزانة والمالية برات البيراق، مؤخراً، لتلافي آثار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا منذ فترة.
وأعلن البيراق، الخميس الماضي، برنامجا اقتصاديا متوسط الأجل مدته 3 سنوات، لمواجهة التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي.
وتعتزم الحكومة خفض النفقات، وعدم الشروع في تنفيذ المشروعات الضخمة غير الضرورية في الوقت الراهن، ونتيجة لذلك، فإن المشروعات الضخمة، ومن بينها مشروع قناة إسطنبول، التي لم تطرح أي مناقصة لها، أو طرحت مناقصتها لكن لم يبدأ تنفيذها بعد، سيتم تأجيلها لـ3 سنوات.
وتبلغ تكلفة مشروع قناة إسطنبول، الذي أعلن عنه إردوغان عام 2011، يتوقع أن تبلغ تكلفته المقدرة 20 مليار دولار، حيث يمتد طوله 45 كيلومتراً، وعلى مساحة 453 مليون متر مربع. وكان من المتوقع طرح مشروع القناة إسطنبول للمناقصة في وقت لاحق العام الجاري.
في الوقت نفسه، أظهرت بيانات البنك المركزي التركي أن ثقة الشركات العاملة في قطاع الصناعات التحويلية في تركيا انخفضت 6.8 نقطة إلى مستوى 89.6 نقطة خلال سبتمبر (أيلول) الجاري، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009 وتعزز التوقعات بحدوث تباطؤ اقتصادي حاد.
وبلغ مؤشر الثقة 96.4 نقطة في أغسطس (آب) الماضي، وكانت آخر مرة نزل فيها عن مستوى 90 نقطة في أبريل (نيسان) 2009.
وتباطأ النمو الاقتصادي السنوي في تركيا إلى 5.2 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري، ومن المتوقع أن يهبط في النصف الثاني في ظل أزمة العملة التي تعانيها تركيا.
وأظهرت بيانات منفصلة للبنك المركزي أن معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في قطاع الصناعات التحويلية نزل لأدنى مستوياته في عامين ونصف العام خلال الفترة نفسها، منخفضا إلى 76.2 في المائة في سبتمبر الجاري، من 77.8 في المائة في أغسطس الماضي. ويعتبر هذا المعدل مقياسا لحجم الاستفادة من الطاقة الإنتاجية للاقتصاد.
كانت بيانات قد أظهرت الأسبوع الماضي تباطؤ ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات. وأظهرت بيانات لهيئة الإحصاء التركية الأسبوع الماضي، تراجع مؤشر ثقة المستهلك إلى 59.3 نقطة في سبتمبر الجاري، انخفاضا من 68.3 نقطة في الشهر السابق، ليسجل أدنى مستوى له في ثلاث سنوات.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.