مؤسسات كبرى تتوقع اشتعال أسعار النفط... و«برنت» يبلغ أعلى مستوى في 4 سنوات

تزايد احتمالات تكبيل أميركا لصادرات الخام الإيراني

مؤسسات كبرى تتوقع اشتعال أسعار النفط... و«برنت» يبلغ أعلى مستوى في 4 سنوات
TT

مؤسسات كبرى تتوقع اشتعال أسعار النفط... و«برنت» يبلغ أعلى مستوى في 4 سنوات

مؤسسات كبرى تتوقع اشتعال أسعار النفط... و«برنت» يبلغ أعلى مستوى في 4 سنوات

في وقت يشهد عقوبات نفطية وشيكة على إيران، وتحركات من جانب منظمة «أوبك» لتقليل الامتثال في اتفاق خفض إنتاج النفط، رفعت مؤسسات مالية متخصصة توقعاتها لأسعار النفط، خلال الفترة المقبلة.
ووصل سعر برميل النفط، أمس (الاثنين)، إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، إذ بلغ نحو 81 دولاراً بعد قرار «تحالف أوبك+»، المشكّل من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشريكاتها بقيادة روسيا، عدم زيادة الإنتاج على الرغم من ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وبذلك تجاوز أعلى مستوى بلغه منذ نحو 4 سنوات وكان 80,50 دولار.
ورفع «بنك أوف أميركا ميريل لينش» توقعاته لسعر خام برنت في العام القادم بفعل ما قال إنه تراجُع أكبر في صادرات إيران عن تكهناته السابقة نظراً إلى موقف أكثر تشدداً من جانب الولايات المتحدة. وزاد البنك توقعه لسعر برنت في 2019 إلى 80 دولاراً للبرميل من 75 دولاراً.
وقال في مذكرة بحثية: «توقعاتنا السابقة انطوت على فقد للمعروض الإيراني لا يزيد على 500 ألف برميل يومياً. أصبحنا نفترض الآن خفضاً قدره مليون برميل يومياً». وأضاف: «العامل الإيراني قد يهيمن على السوق في المدى القريب ويتسبب في طفرة، لكن بواعث القلق بشأن طلب الأسواق الناشئة قد تعود».
يأتي هذا بينما قال مسؤول تنفيذي كبير في «ترايفجورا لتجارة السلع الأولية»، أمس (الاثنين)، إن إيران ستصدّر كميات أقل بكثير من النفط مقارنةً مع التوقعات الأولية عندما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعيد فرض العقوبات على طهران وأن ذلك سيعزز الأسعار.
وقال بين لوكوك، المدير المشارك لتداول النفط في «ترافيجورا»، متحدثاً للصحافيين: «أعتقد أنه عندما أُعلنت العقوبات للمرة الأولى قبل عدة أشهر، كان الناس يقدّرون الخفض بين 300 و700 ألف (برميل يومياً)... أعتقد أن التوقعات تحركت إلى خفض أكثر بكثير من مليون برميل يومياً، وربما 1.5 مليون برميل يومياً».
ويتعرض المشترون في أنحاء آسيا لضغوط أميركية من أجل تقليص وارداتهم من النفط الإيراني مع استهداف واشنطن وقف صادرات ثالث أكبر مصدّر في «أوبك»، لإجبار طهران على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي.
لكن لوكوك أضاف أن الشركات الصينية ستواصل استيراد النفط الإيراني بينما سيخفض المشترون التقليديون الكميات، لكن من المستبعد أن يتوقفوا تماماً.
وقال على هامش مؤتمر «البترول لآسيا والمحيط الهادي» في سنغافورة: «تصدير (النفط الإيراني) لن يتوقف تماماً، لكنه سيقل كثيراً عن ذي قبل. ومن المرجح أن يصبح أقل كثيراً مما توقعه معظم الناس عندما أُعلنت العقوبات، والنتيجة أسعار (النفط) المرتفعة». وأوضح أن المشترين يفضّلون النفط العراقي والمكسيكي كبديل للخام الإيراني.
كان لوكوك قد قال في وقت سابق خلال المؤتمر إنه يتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى 90 دولاراً للبرميل بحلول عيد الميلاد، و100 دولار للبرميل بحلول العام الجديد من نحو 80 دولاراً للبرميل من خام برنت حالياً وذلك بفعل قوة الطلب العالمي.
وقال لوكوك، الذي ترقّى في يوليو (تموز) من منصبه السابق كمدير مشارك لقسم المخاطر، إن تراجع إنتاج فنزويلا والطلب العالمي القوي على النفط من المرجح أن يعززا أسعار النفط أيضاً.
وقال إن زيادة الطاقة التكريرية في آسيا ستزيد الطلب على النفط الخام هي الأخرى. وأضاف: «هذه أوقات مثيرة في ظل بدء تشغيل عدد من مصافي التكرير الجديدة والتغييرات الحاصلة بسوق النفط الخام في أنحاء العالم، لذا من المفترض حقاً أن نشهد تقلبات زائدة في المستقبل». وتابع أن العام الحالي انطوى على تحديات للصناعة لكن العام القادم يبدو باعثاً على التفاؤل أكثر.
لكن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قال إن أسعار النفط المرتفعة غير مفيدة لأي طرف، وذلك بعد أن استبعدت «أوبك» وحلفاؤها من منتجي النفط غير الأعضاء في المنظمة أي زيادة فورية في إنتاج الخام.
وقال نوفاك خلال مقابلة سُجلت معه في الجزائر التي استضافت اجتماع «أوبك» والمنتجين المستقلين يوم الأحد: «على جميع الدول أن تستهدف شيئاً واحداً: توازن العرض والطلب. أسعار النفط المرتفعة ليست مفيدة لأي أحد».
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، بشكل منفصل للقناة التلفزيونية ذاتها متحدثاً من خلال مترجم، إن أسعار النفط «متوازنة على نحو جيد للغاية»، مضيفاً: «نتوقع فائضاً في المعروض في 2019، ربما نُضطر عندها إلى معاودة الخفض».
من جانبه قال مسؤول نفطي كويتي كبير، أمس (الاثنين)، إن أسعار النفط العالمية ستكون جيدة للمنتجين والمستهلكين عند نحو 70 دولاراً للبرميل، حيث ستسمح باستثمارات النفط والغاز دون الإضرار بالطلب.
وقال نزار العدساني الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية خلال مؤتمر البترول لآسيا والمحيط الهادي: «نحتاج إلى تحقيق توازن بحيث لا تضر الأسعار المرتفعة بالطلب... وفي ذات الوقت تشجّع أيضاً على الاستثمار... لذا أعتقد أن أسعاراً عند نحو 70 دولاراً ستكون مقبولة للموردين والمستهلكين على حد سواء».
وفي ذات السياق، ترى شركة «يونيبك» الصينية إن الطلب العالمي على النفط سيصل إلى 104.4 مليون برميل يومياً في 2035 بزيادة عن المستوى الحالي الذي يقل قليلاً عن 100 مليون برميل يومياً، في الوقت الذي تحدّ فيه التكنولوجيا الجديدة بشكل تدريجي من استخدام النفط.
وقال تشين بو، رئيس «يونيبك» خلال مؤتمر البترول السنوي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك) في سنغافورة، أمس (الاثنين)، إن تحسن كفاءة الطاقة والتغيرات التكنولوجية بما في ذلك ظهور الطاقة المتجددة يعني أن الطلب العالمي على النفط سيتباطأ خلال السنوات المقبلة ويصل إلى 104.4 مليون برميل يومياً في 2035.


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.