جدل حول قانون مصري يقصر الالتحاق بنقابة الصحافيين على خريجي الإعلام

المشروع حائر بين القضاء على فوضى المهنة... والعصف بالمواهب

صحافيون مصريون يصوتون في الانتخابات الأخيرة لنقابتهم (غيتي)
صحافيون مصريون يصوتون في الانتخابات الأخيرة لنقابتهم (غيتي)
TT

جدل حول قانون مصري يقصر الالتحاق بنقابة الصحافيين على خريجي الإعلام

صحافيون مصريون يصوتون في الانتخابات الأخيرة لنقابتهم (غيتي)
صحافيون مصريون يصوتون في الانتخابات الأخيرة لنقابتهم (غيتي)

أثار مقترح بقانون يحظر دخول نقابة «الصحافيين» المصرية على غير خريجي كليات الإعلام، حالة من الجدل بين الصحافيين وأعضاء البرلمان، بين مؤيد يرى أنه سوف يحد من حالة الفوضى التي عمت المهنة أخيراً، ومعارض يرى أن القانون سيحرم المهنة من الموهوبين.
ومن المنتظر أن يناقش مجلس النواب المصري (البرلمان) الفترة المقبلة، مقترحاً ينظم عضوية نقابة «الصحافيين»، حيث أعلن علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، اعتزامه تقديم مقترح بمشروع قانون لتعديل البند الرابع من قانون النقابة، الخاص بشروط الانضمام إلى عضويتها، الذي ينص على أن «يكون العضو حاصلاً على مؤهل دراسي عالٍ».
وتبديله «أن يكون حاصلاً على مؤهل دراسي عالٍ من إحدى كليات الصحافة ‏والإعلام الحكومية ذات التخصص أو الكليات الخاصة ذات التخصص أو الكليات الدولية ذات التخصص فقط».
ووفقاً لعابد، فإن التعديل «سوف يساهم في تطوير العمل الصحافي ليكون أكثر حيادية اعتماداً على مبدأ التخصص، وانضمام من لم يدرسوا الإعلام إلى النقابة يتنافى مع مبدأ التخصص»، مضيفاً «ما يحدث الآن يفقد المهنة مصداقيتها، وآن الأوان أن نصحح المسار في ظل ما نشهده من تجاوزات ومغالطات مهنية».
من جانبها، أيدت الكاتبة الصحافية سكينة فؤاد، المقترح، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهنة الصحافة تعاني حالة من التضخم، ووجود مثل هذا القانون سيحد من هذه الحالة، وسيمنح فرص عمل لخريجي كليات الإعلام الذين لا يجدون عملاً حالياً بسبب منافسة غير الدارسين».
بينما رفض الكاتب الصحافي محمد السيد صالح، رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم» السابق، المقترح، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا كلام غير منطقي؛ فالصحافة تحتاج إلى تخصصات أخرى»، ضارباً المثل بالصحافة العلمية والطبية والتكنولوجية، التي أثبتت التجربة أن أفضل من يكتب فيها هم خريجو كليات الطب والعلوم - على حد قوله -، مضيفاً «الزمن تغير، والمهنة تحتاج إلى تخصصات مختلفة».
في حين اتخذ الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، موقفاً وسطاً، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الأفضل أن تحدد نسبة لا تقل عن 75 في المائة لخريجي كلية الإعلام، بينما يسمح لـ25 في المائة من خريجي التخصصات الأخرى بالانضمام للنقابة، وبخاصة أن المصححين اللغويين هم من خريجي كلية دار العلوم مثلاً، والمصممين من خريجي كليات الفنون، وهي وظائف مهمة في الصحافة اليوم».
خروج المقترح من داخل مجلس النواب أثار نوعاً من الحساسية لدى نقابة «الصحافيين»، التي ترى أن أي قانون أو مسألة تتعلق بالصحافيين لا بد أن تصدر من خلالها، وقال الكاتب الصحافي عبد المحسن سلامة، نقيب «الصحافيين» في مصر، قال إن «المقترح مرفوض من حيث المبدأ، لأنه لم يصدر عن نقابة الصحافيين».
وتنص المادة 6 من قانون نقابة الصحافيين في مصر لسنة 1970 على أنه «يعتبر صحافياً مشتغلا كل من باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل فيها، وكان يتقاضى عن ذلك أجراً ثابتاً بشرط ألا يباشر مهنة أخرى، إضافة إلى المحرر المترجم، والمحرر المراجع، والمحرر الرسام، والمحرر المصور، والمحرر الخطاط، بشرط أن تنطبق عليهم أحكام المادتين الخامسة والسابعة من هذا القانون عند القيد، والمراسل إذا كان يتقاضى مرتباً ثابتاً، سواء كان يعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو في الخارج بشرط ألا يباشر مهنة أخرى غير إعلامية، وتنطبق عليه المادتان الخامسة والسابعة عند القيد».
وأكدت سكينة، أن «المقترح كان لا بد أن يصدر من نقابة الصحافيين، بعد دراسة إيجابياته وسلبياته»؛ لكنها مع تطبيق مثل هذا المقترح للحد من التضخم في المهنة، وقالت «الصحافة مهنة ليست سهلة، ولا بد من دراستها وتملك أدواتها، مثلها مثل الطب والمحاماة، لكنها للأسف بسبب الأوضاع الحالية تحولت إلى مهنة من لا مهنة له؛ مما أثر على مصداقيتها وأدائها، ولا بد من وضع حد لذلك».
ورفضت سكينة من يعتبرون الصحافة موهبة، وقالت «من لديه موهبة في الكتابة فليكتب كقارئ، ويترك تطوير المهنة للدارسين، أو يصقل موهبته بالدراسة، وبخاصة مع تطور الصحافة مما يتطلب مزيداً من الدراسة والتخصص».
في الوقت الذي قال صالح، إن «مشاهير الصحافة مصرياً وعربياً ليسوا من خريجي كليات الإعلام، وبعض العاملين فيها في الوطن العربي غير متفرغين أيضاً».
واتفق معه الكاتب الصحافي أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصحافة مهنة مختلفة تعتمد على الموهبة، والكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، الذي لا يختلف أحد على إسهاماته في المهنة، كان حاصلاً على الثانوية العامة، ولم يدرس الإعلام، لكنه كان يجيد الإنجليزية ويعتمد مبدأ التوثيق»، مشيراً إلى أن «الصحافة في كل أنحاء العالم لا تشترط على من يعمل فيها أن يكون دارساً للإعلام».
عربياً، فإن أشهر الصحافيين لم يتخرجوا في كلية الإعلام مثل الكاتب الفلسطيني عدنان كنفاني، الذي درس هندسة الميكانيكا، والكاتب الصحافي جهاد الخازن وهو خريج علوم سياسية... ويشار إلى أن قوانين نقابات وهيئات الصحافة عربياً لم تحوِ شرطاً للتخصص لعضويتها، وكان الشرط الأهم هو أن يكون العضو يعمل في الصحافة، وإن منحت مميزات للمتخصصين عند العضوية.
ففي السعودية، فإن قانون هيئة الصحافيين السعوديين يمنح العضوية لكل من يمارس عملاً صحافياً، بشرط أن يكون سعودياً متفرغاً، أو مراسلاً أو مدير مكتب معتمداً بموجب اتفاق خطي لأي من الوسائل الإعلامية المحلية وغير المحلية، نظير راتب ثابت ولا يمارس مهنة أخرى، وأن تتوافر في الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها جميع شروط المهنة الصحافية وفنون التحرير الصحافي، وعلى رأسها الخبر، كما يسمح القانون لغير المتفرغين بالعضوية إذا كانوا يمارسون المهنة بشكل جزئي.
وينص قانون النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين على أن العضو العامل هو الذي يمارس عملاً صحافياً ويباشره بصورة فعلية ومنتظمة ودائمة في مؤسسة صحافية أو بصورة مستقلة في مؤسسات عدة. وتمنح جمعية الصحافيين الكويتية العضوية لكل من يمارس عملاً صحافياً داخل الكويت. وتعرف جمعية الصحافيين بالإمارات العضو بأنه كل صحافي باشر عملاً صحافياً احترافياً بصفة أساسية ومنتظمة في صحيفة يومية أو دورية تصدر في الإمارات عن إحدى المؤسسات الصحافية المرخصة.
من جهته، أكد هيكل «لا بد من إعادة النظر في هذا المقترح قبل تقديمه لمجلس النواب؛ لأن تطبيقه عملياً مستحيل»، مشيراً إلى أن «عرض المقترح بشكله الحالي على البرلمان يجعل من الصعب تمريره والموافقة عليه».


مقالات ذات صلة

وفاة «أيقونة التعليق العربي» ميمي الشربيني

رياضة عربية المعلق التلفزيوني الشهير ميمي الشربيني (وسائل إعلام مصرية)

وفاة «أيقونة التعليق العربي» ميمي الشربيني

نعى النادي الأهلي أكثر الأندية المصرية تتويجاً بالألقاب في كرة القدم وفاة لاعبه السابق والمعلق التلفزيوني الشهير ميمي الشربيني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الصحافية الإيطالية سيسيليا سالا متفاعلة عند وصولها إلى منزلها في روما بعد إطلاق سراحها من الاحتجاز بإيران يوم 8 يناير 2025 (رويترز)

صحافية إيطالية كانت معتقلة بإيران تشيد بدور ماسك في إطلاق سراحها

قالت صحافية إيطالية، كانت محتجزة في إيران، إن اتصال صديقها بإيلون ماسك ربما كان عاملاً «جوهرياً» في إطلاق سراحها.

«الشرق الأوسط» (روما)
خاص مدير القنوات في «MBC» علي جابر يروي لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل عودته من المرض والغيبوبة (علي جابر)

خاص علي جابر «العائد من الموت» يروي ما رأى على «الضفة الأخرى»

جراحة فاشلة في العنق، ساقٌ مكسورة، نزيف في الأمعاء، ذبحات قلبيّة متتالية، ودخول في الغيبوبة... هكذا أمضى علي جابر عام 2024 ليختمه إنساناً جديداً عائداً من الموت

كريستين حبيب (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

الإعلام الأميركي يستعد لـ«الجولة» الثانية من «النزال» مع ترمب

سيتوجّب على الإعلام الأميركي التعامل مجدّداً مع رئيس خارج عن المألوف ومثير للانقسام ساهم في توسيع جمهور الوسائل الإخبارية... وفي تنامي التهديدات لحرّية الإعلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية 2024، حيث احتلّت إسرائيل المرتبة الثانية في سجن الصحافيين، بعد الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟
TT

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟

يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعاً في استراتيجية تسويق الأخبار عبر «الهاشتاغ» التي كانت فعالة لسنوات، وذلك عقب إعلان «ميتا» تراجع الاعتماد على «الهاشتاغ» لتحقيق التفاعل والوصول، وتحديداً على «إنستغرام»، التي هي المنصة الأكثر استخداماً للهاشتاغات منذ إطلاقها. وتبع هذه الخطوة إعلان تطبيق «إكس» (تويتر سابقاً) عبر مالكه إيلون ماسك «انعدام جدوى استخدام الهاشتاغ (الكلمات المفتاحية) في العام الجديد»، مما أثار تساؤلات حول تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل بمنصات التواصل الاجتماعي.

للتذكير، «الهاشتاغ» هو كلمة أو عبارة مسبوقة برمز #، تُستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي لتصنيف المحتوى، مما يسهل على المستخدمين العثور على المنشورات المتعلقة بموضوع معين. لسنوات عديدة كان لـ«الهاشتاغ» دور بارز في تحقيق معدلات الوصول والتفاعل مع المنشورات، ومنها الأخبار. ووفق بيانات صدرت عن «شبكة موارد التعلم بكاليفورنيا» (CLRN) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «لا يزال نحو 95 في المائة من مستخدمي (إنستغرام) يعتمدون على الهاشتاغات لاكتشاف محتوى جديد».

الدكتور حسن مصطفى، خبير التسويق الرقمي والإعلام الجديد في الإمارات العربية المتحدة، قال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً إن «الهاشتاغ كان في السابق أداة قوية لتنظيم المحتوى وجذب الجمهور المستهدف. ولكن مع تراجع دعمه من قبل منصات مثل (إنستغرام) و(إكس) من المتوقع أن ينخفض دوره كعامل رئيس في زيادة الوصول». وذكر أن السبب يكمن في «تغيير خوارزميات هذه المنصات التي تركز بشكل أكبر على جودة المحتوى وتفاعله بدلاً من الاعتماد على الكلمات المفتاحية أو الهاشتاغات».

مصطفى توقع أيضاً أن «يظل الهاشتاغ أداة ثانوية لتنظيم المحتوى بدلاً من كونه محركاً رئيساً للوصول، مع استمرار أهميته في بعض المنصات مثل (تيك توك) و(لينكد إن)، حيث لا يزال يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الاستكشاف». وأضاف أن «التسويق بالمحتوى الجيّد يعتبر من أفضل طرق الوصول والتفاعل المستدام، وما زالت عبارة المحتوى هو الملك Content is The King تشكل حقيقة ماثلة». ومن ثم، نَصَح الناشرين «بضرورة الاعتماد في الوصول للجمهور المستهدف على تحسين جودة المحتوى، من خلال تلبية احتياجات الجمهور، ليضمن بذلك تفاعلاً، كما أنه سيحصل على أولوية في الخوارزميات».

مصطفى لفت أيضاً إلى أهمية التوجه نحو الفيديوهات القصيرة والمحتوى التفاعلي، موضحاً أن «(تيك توك) و(ريلز إنستغرام) أثبتا فعالية الفيديوهات القصيرة في الوصول لجمهور أوسع». ولضمان استمرارية معدلات الوصول للأخبار، رأى أن على الناشرين الاهتمام بـ«تحسين استراتيجيات تحسين محركات البحث (SEO)، وكذلك التعاون مع المؤثرين، فضلاً عن تفعيل أداة الإعلانات المدفوعة... التي هي من العوامل المهمة في الوصول بشكل أسرع وأكثر استهدافاً».

جدير بالذكر أن منصات مثل «تيك توك» لا تزال تولي أهمية لـ«الهاشتاغ». ووفقاً لبيانات صدرت عن «جمعية التسويق الأميركية» (American Marketing Association)، في أغسطس (آب) الماضي، فإن المنشورات التي تحتوي على 3 - 5 علامات تصنيف على الأقل إلى تحقيق انتشار أكبر. وأردفت أن «استخدام هاشتاغ مثل #fyp (صفحة For You) جمع ما يقرب من 35 تريليون مشاهدة... ثم إن استخدام الهاشتاغ على «فيسبوك» أقل أهمية، وقد يحمل آثاراً تفاعلية متفاوتة مما يستلزم اتباع نهج حذر واستراتيجي».

من جهته، في لقاء لـ«الشرق الأوسط» مع معتز نادي، الصحافي المصري والمدرب المتخصص في الإعلام الرقمي، قال نادي إن «ثمة تغييرات حثيثة تطغى على سوق الإعلام الرقمي وفضاء التواصل الاجتماعي، من ثم على الناشرين سرعة مجاراة التحديثات، لأن هذا من الأمور الحيوية التي يجب أن يلم بها الناشرون لضمان فعالية وصول المحتوى الذي يقدمونه إلى الجمهور المستهدف».

وعدّ نادي تحقيق التفاعل والوصول للأخبار مهمة تتطلب التكيف والتطوير، مضيفاً أنه «يجب أن يولي الناشرون أهمية لتطوير القوالب التي تضمن الانتشار مثل الفيديو على (تيك توك)، واتجاه الفئات الأصغر سناً إليه للبحث عن المعلومة وفقاً لتقارير معهد رويترز للصحافة قبل نحو سنتين، مما يعني أنه على وسائل الإعلام ومديري المحتوى على المنصات إدراك أهمية تلك المنصات بالتطور الدائم دون التوقف عند فكرة الهاشتاغات».

وأشار نادي إلى إمكانية تحسين معدلات الوصول من خلال «فن اختيار الكلمات في العناوين بما يتناسب مع العبارات المتداولة لضمان الوصول لأكبر قدر ممكن من الجمهور عند البحث عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي». ومن ثم شدد على أهمية «الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التي باتت المنصات تعتمد عليها، مثل (فيسبوك) و(واتساب) و(إكس)، لا سيما أن هذا الاتجاه سيشكل لغة خوارزميات المستقبل في نشر المحتوى».