جبل الشعانبي.. المسرح الأهم في المواجهات بين القوات التونسية والجماعات المسلحة

شهد أسوأ عمليتين ضد الجيش تزامنتا مع ذكرى غزوة بدر

جبل الشعانبي.. المسرح الأهم في المواجهات بين القوات التونسية والجماعات المسلحة
TT

جبل الشعانبي.. المسرح الأهم في المواجهات بين القوات التونسية والجماعات المسلحة

جبل الشعانبي.. المسرح الأهم في المواجهات بين القوات التونسية والجماعات المسلحة

منذ أكثر من سنة تحول جبل «الشعانبي» إلى النقطة الأكثر سخونة في المواجهات الدائرة بين قوات الجيش والأمن التونسية والجماعات الإسلامية المسلحة التي تصفها السلطات التونسية بـ«الإرهابية». ويلتقط التونسيون كل الأخبار الواردة من جبل «الشعانبي» باهتمام كبير. وغالبا ما اهتزوا للأحداث التي جدت هناك وأصابهم الفزع من هول بعضها. فجبل «الشعانبي» كان مسرحا لأهم وأعنف المواجهات بين قوات الجيش والأمن. وجاءت العملية الأخيرة، مساء أول من أمس الأربعاء، في جبل «الشعانبي» لتؤكد حقيقة المواجهات الجارية منذ أكثر من سنتين في أماكن متفرقة من البلاد، حيث كانت حصيلتها هي الأثقل، وأودت بحياة 14 عسكريا وجرح أكثر من عشرين إصابات ثلاثة منهم خطيرة.
وقبل سنة وتحديدا يوم 29 يوليو (تموز) 2013 كان جبل الشعانبي مسرحا لعملية لا تقل دموية عن العملية الأخيرة، حيث اهتز التونسيون يومها لخبر تعرض دورية عسكرية إلى كمين أودى بحياة ثمانية عسكريين وقع التنكيل بجثث عدد منهم والاستيلاء على أسلحتهم وعتادهم، وكانت تونس حينها لا تزال تحت وقع الصدمة بعد اغتيال النائب محمد البراهمي زعيم التيار الشعبي (حزب قومي) في 25 يوليو 2013.
ويتساءل التونسيون عن أبعاد عملية أول من أمس تماما مثل عملية 29 يونيو (حزيران) 2013 في نفس التوقيت والمكان تقريبا، حيث تزامنتا مع ذكرى غزوة بدر في شهر رمضان الكريم، كما يتساءلون ما إذا كان هذا التزامن والتشابه يحملان دلالات معينة كان يجب على السلطات التونسية الانتباه إليها لتفادي مثل هذه العمليات خاصة أن العديد من الجهات تحدثت في الأيام الأخيرة عن احتمال قيام الجماعات المسلحة بعمليات إرهابية في هذه الفترة تحديدا خلال شهر رمضان المعظم.
يقع جبل الشعانبي على الحدود التونسية – الجزائرية، ويبعد 300 كم جنوب غرب العاصمة التونسية، ويتبع محافظة القصرين، وبه أعلى قمة في تونس، إذ يبلغ ارتفاعها 1544 مترا. وتغطي الجبل غابات شاسعة من شجر الصنوبر الحلبي والعديد من النباتات الأخرى الطبيعية، وتعيش فيه أنواع عديدة من الحيوانات بعضها نادر ومهدد بالانقراض. كما أنه يشكل قبلة في بعض الأوقات للطيور المهاجرة.
وكان الجبل يعد قبل أن تلجأ إليه المجموعات المسلحة وتتخفى وراء مسالكه الوعرة وأشجاره الكثيفة وأنفاقه، وانطلاق ملاحقتها من قبل القوات الأمنية والعسكرية، المتنفس الوحيد لأهالي مدينة القصرين وأريافها، حيث أنشأت به حديقة وطنية ومتنزهات تؤمها العائلات للراحة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة. وقد حرم أهالي القصرين من هذا المتنفس خاصة بعد إعلان جبل «الشعانبي» بالإضافة إلى مجموعة من الجبال القريبة منه منطقة عسكرية مغلقة، حيث أصدر الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي في 11 أبريل (نيسان) قرارا جمهوريا يقضي بـإعلان منطقة جبل الشعانبي وبعض المناطق المتاخمة لها على غرار جبال السمامة والسلوم والمغيلة منطقة عمليات عسكرية مغلقة يخضع الدخول إليها لترخيص مسبق من السلطات العسكرية، وفق بيان أصدرته رئاسة الجمهورية التونسية.
شهد جبل الشعانبي انفجار أول الألغام في تونس، وذلك في الليلة الفاصلة بين 29 و30 أبريل الماضي 2013 مما تسبب في إصابة ثلاثة عسكريين بجروح، وتوالت بعد ذلك عمليات تفجير الألغام حيث انفجر في السادس من مايو (أيار) 2013 لغم أدى إلى إصابة جنديين بجروح، كما انفجر في السادس من يونيو 2013 لغم في مسلك قريب من الجبل في منطقة آهلة بالسكان أودى بحياة جنديين اثنين وجرح اثنين آخرين كانوا على متن عربة عسكرية، كما انفجر في 14 يونيو من السنة ذاتها لغم وضع تحت سيارة عسكرية وأصاب ثلاثة عسكريين بجروح. وفي 24 يونيو 2013، أعلنت السلطات التونسية عن اكتشاف قوات خاصة من الجيش عن نفق في جبل الشعانبي يمتد على عشرة كيلومترات، مرجحة أن الجماعات المسلحة كانت تستخدمه. ومنذ الثاني من أغسطس 2013 أخذت المواجهات في جبل الشعانبي منعرجا جديدا وذلك ببدء الجيش التونسي في استعمال المدفعية الثقيلة والطائرات الحربية من نوع «إف 5» في قصف مواقع في الجبل يعتقد أن الجماعات المسلحة تتحصن بها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».