الدمى «تغزو» مدينة الثقافة بمناسبة أيام قرطاج لفنون العرائس

الدمى «تغزو» مدينة الثقافة بمناسبة أيام قرطاج لفنون العرائس
TT

الدمى «تغزو» مدينة الثقافة بمناسبة أيام قرطاج لفنون العرائس

الدمى «تغزو» مدينة الثقافة بمناسبة أيام قرطاج لفنون العرائس

تحلت مدينة الثقافة في تونس خلال اليوم الأول من أشغال الدورة الأولى لأيام قرطاج لفنون العرائس، بمجموعة كبيرة من الدمى والعرائس البهيجة الألوان وتزينت بحلل بديعة جلبت انتباه الصغار والكبار أيضا باعتبار أن برمجة هذه الدورة حملت كذلك قصصا لفائدة كبار السن حتى لا تكون التظاهرة موجهة للصغار.
الدورة الأولى انطلقت يوم أمس السبت 22 سبتمبر (أيلول) الحالي بعرض إيطالي يحمل عنوان «خاتمة جيا» للمخرج «فابيو أومودي»، وهذا العمل الموجه للكهول، وكان مسبوقا بكرنفال عرائسي «ضخم» ضم نحو 150 دمية من مختلف الأحجام وست فرق فلكلورية.
وتتواصل عروض أيام قرطاج لفنون العرائس إلى غاية يوم 29 من هذا الشهر ومن المنتظر مشاركة 24 دولة عربية وأجنبية ستقدم 24 عرضا مسرحيا عرائسيا في مختلف المواضيع الاجتماعية والإنسانية. وتركز هذه الدورة على التقاطع الإبداعي مع عدد من الفنون الأخرى على غرار الرقص والمسرح والفنون التشكيلية. وتشارك تونس في هذه التظاهرة الإبداعية بـ15 عرضا عرائسيا، من ضمنها 4 عروض من إنتاج المركز الوطني لفن العرائس.
وتبحث هذه الأيام التطورات والرهانات الحالية لفنون العرائس، وذلك بمشاركة أساتذة باحثين من تونس وخارجها، سيناقشون تطور فنون العرائس عبر العصور ومكانة الفنان المختص في الفضاء العمومي والمحافظة على التراث والحقوق الفكرية وحقوق المؤلف ضمن فنون العرائس.
وفي هذا الشأن، أكدت حبيبة الجندوبي مديرة هذه الدورة على مشاركة عدد من الدول من بينها مصر ولبنان والكويت ومالي وبوركينا فاسو وكوريا الجنوبية وكندا ومن بين عناوين العروض المنتظرة، «أنا سندريلا» و«العجوز» من تونس «كان في مكان» من مصر و«الصداقة» من مالي و«يوميات ماما غالية» من الكويت. وتتوزع العروض على مدينة الثقافة ودار الثقافة ابن رشيق ومسرح السنديانة بالمدينة العتيقة وفضاء الطاهر الحداد والمركز الوطني لفن العرائس وكلها موجودة وسط العاصمة التونسية، علاوة على ولايات - محافظة - أريانة وبن عروس ومنوبة القريبة من العاصمة.
وتمت برمجة مجموعة من الورشات التكوينية في اختصاصات متنوعة، من بينها «ورشة إعادة الرسكلة والتدوير» و«ورشة عرائس الأطفال» و«سينما الرسوم المتحركة» و«نحت الدمى الضخمة» ودمية «أمّك طنقو» التونسية لحما ودما، إلى جانب ورشة عمل حول «روح المبادرة الاقتصادية والإبداع الثقافي: قطاع فن العرائس مثالا»، التي تنظم بالتعاون مع برنامج أوروبا المبدعة بتونس.
أما المعارض العرائسية المبرمجة ضمن هذه الدورة، فيؤثثها المركز الوطني لفن العرائس ومراكز فنون درامية ومعاهد عليا، إلى جانب شركات إنتاج مسرحية خاصة. وتهدف هذه المعارض إلى تطوير تجربة فنون العرائس في تونس من خلال عرض تنوعها وتطورها من حيث الشكل والتقنية، بالإضافة إلى تقديم لمحة عامة وتوثيقية عن التراث الفني العرائسي.
وكان المركز الوطني لفن العرائس في تونس قد قدم في شهر فبراير (شباط) الماضي بمناسبة احتفاله بمرور 25 سنة على تأسيسه، مسرحية «أنا سندريلا» العرائسية وتروي حكاية سلمى بنت النجّار التي تحب حكاية سندريلا وتعشقها عشقا إلى حد أنها صارت تعيش في زهد عن حياتها الشخصية وفي عزلة تامة عن واقعها وأصدقائها.
كانت سلمى تحلم أن تكون سندريلا وأن تعيش ما عاشته بكل تفاصيله، تماما كما جاء في الحكاية، ولكن ذلك بعيد المنال عنها. وأمام عزلتها وابتعادها عن حياتها الطبيعية يقرّر أصدقاؤها تمكينها من عيش حلمها وتحقيق رغبتها فيلجأون إلى كاتب حكاية سندريلا ويطلبون منه أن يدخل سلمى إلى الحكاية وأن يمكنها من عيش حياة سندريلا لكنها عاشت أحداثا مختلفة تماما عن حياة بطلتها المفضلة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».