البندقية... مدينة الماء هل تقع ضحيّة جمالها؟

تراقب بقلق تدهور حال معالمها الفريدة وتضاؤل سكّانها الأصليين

البندقية... مدينة الماء هل تقع ضحيّة جمالها؟
TT

البندقية... مدينة الماء هل تقع ضحيّة جمالها؟

البندقية... مدينة الماء هل تقع ضحيّة جمالها؟

الجميلة بين المدائن الجميلة تقع هي أيضا ضحيّة جمالها وتهافت الملايين على كنوزها الفنيّة ومفاتنها العمرانية التي استحوذت منذ قرون على أفئدة الكتّاب والفنّانين الذين كانوا يتردّدون عليه بانتظام أو يقرّرون الإقامة فيها ما تبقّى لهم من الحياة.
البندقية ترزح منذ سنوات تحت وطأة الأعداد المتزايدة من السيّاح والزوّار الذين تعجز عن استيعابهم وتوفير المرافق اللازمة لاستقبالهم وتقديم الخدمات الأساسية لهم. وهي تراقب بقلق كيف تتدهور معالمها الفريدة، ويتضاءل عدد سكّانها الأصليين سنة غبّ السنة، يهجرون المدينة الرائعة التي شهدوا النّور بين جدرانها، التي تختزن صفوة الفنون، هربا من الضوضاء والزحمة الخانقة التي جعلت من العيش فيها كابوسا لا يطاق.
بعد الإجراءات الجذرية التي اتخذتها البلدية في السنوات الأخيرة للحدّ من عدد الزوار الذين يسمح لهم بالدخول إليها بشكل متزامن، عبر بوابات حديدية تنظّم تدفقهم على مداخل الوسط التاريخي، وخفض عدد السّفن السّياحية الضخمة التي تدخل إلى مينائها الصغير، ها هي اليوم تعتزم تغريم الزوّار الذين يفترشون الشّوارع والحدائق والسّاحات العامة ويتناولون طعامهم فيها مبلغا يصل إلى 500 دولار.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن يئست السّلطات المحلية من معالجة هذه الأزمة التي تهدّد تراث المدينة الفني الذي حذّرت منظمة اليونيسكو بسحبه من قائمة التراث العالمي وقطع المساعدات التي تحصل عليها البلدية من أجل صيانته والاعتناء به. ويُقدَّر عدد السّيّاح الذين يزورون البندقية سنويّا بما يزيد عن 30 مليوناً، بينما لا يزيد عدد السكّان في الوسط التاريخي عن 50 ألفا والمدينة بكل أحيائها عن ربع المليون. وتجدر الإشارة إلى أنّ مدنا سياحية أخرى في أوروبا، مثل العاصمة الهولندية أمستردام أو البلجيكية بروكسل، تواجه المشكلة نفسها، لكن ليس بقدر الخطورة التي تعاني منها البندقية.
وتتضارب الآراء في المجلس البلدي بين المعتدلين الذين يدعون إلى عدم المبالغة والتروّي لإيجاد حلول مبتكرة وطويلة الأمد، والمتشدّدين الذين يطالبون بإجراءات جذرية لا تعالج فقط مشكلة تدفق السيّاح والخطر الذين يشكلونه على معالم المدينة، بل تستعيد سكّانها الأصليين الذين يضطرون لهجرتها بمعدّل ألف ساكن كل سنة. ومن المنتظر، في حال إقرار هذه الإجراءات، أن تُطبَّق أيضا على جزيرتي مورانو وبورانو الشهيرتين بالصّناعات الزّجاجية المعروفة، وعلى شاطئ الليدو الذي يستضيف كل عام المهرجان العالمي للسينما.
وما يزيد من خطورة هذا الوضع في البندقية مقارنة بغيرها من المدن، أنّها مهدّدة منذ عقود بحركة المياه التي تُعرف باسم Acqua Alta، التي عجزت كل المشاريع حتى الآن عن حماية المباني من تآكل طبقاتها السفلى بسبب المدّ الذي يضربها بانتظام وغالبا ما يُغرقها.
وقد اقترح البعض مؤخرا توزيع قسم من التراث الفني الذي تزخر به المدينة بوفرة لا مثيل لها، على مدن ومناطق إيطالية أخرى، ريثما يتمّ التوصل إلى حلّ للتخفيف من تهافت الزوار عليها، ما أثار موجة عارمة من السّخط والانتقادات بين غالبية السكان، مقابل ترحيب البعض بهذه الفكرة التي من شأنها أن توفّر موردا ماليا يساعد على صيانة تراث المدينة وترميمه.
وتدعو حركة من المقيمين الدائمين الذين يعترضون على إجراءات الحد من تدفّق السيّاح وتقييد حركاتهم في المدينة، إلى إلغاء هذه الإجراءات ووقف الإنفاق العام على المحاولات اليائسة من أجل إنقاذ مدينة أجمل ما فيها هو اليقين بأنّها بُنيت على الماء، وفي الماء سيكون هلاكها.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.