جهاز «نووي» روسي آمن للكشف عن الحقائب في المطارات

يرصد بدقة التركيبة الكيميائية للمواد الخطرة

جهاز «نووي» روسي آمن للكشف عن الحقائب في المطارات
TT

جهاز «نووي» روسي آمن للكشف عن الحقائب في المطارات

جهاز «نووي» روسي آمن للكشف عن الحقائب في المطارات

تشكل أجهزة الأشعة السينية المستخدمة في المطارات للكشف عن محتوى الحقائب، أحد أهم مقومات منظومة أمن الرحلات الجوية والمطارات، إلا أن ظهورها لم ينه التنافس المستمر ما بين تقنيات حديثة لضمان الأمن، يتم تصميمها وتصنيعها من جانب الشركات الحكومية لصالح الأجهزة الأمنية، ومن جانب آخر تقنيات يجري تصنيعها، بتمويل من عالم الجريمة أحيانا، وتُستخدم للحد من القدرات التقنية المستخدمة في مكافحة الجريمة. ولضمان تفوق التقنيات في مجال الوقاية الأمنية، والكشف المبكر عن الجريمة، لا سيما الأعمال الإرهابية التي تستهدف قطاع النقل الجوي الحساس للغاية، قام علماء روس في مدينة بطرسبرغ بتصنيع جهاز جديد للكشف عن محتوى الحقائب، يعمل وفق قوانين الفيزياء النووية. الجهاز لا يختلف كثيراً عن الأجهزة التي تنتشر في مطارات العالم، وتمر عبرها الحقائب، لتخضع لتفتيش غير يدوي، يعتمد مبدأ الكشف على المحتويات عبر موجات الأشعة السينية، إلا أن الجهاز الجديد أكبر قليلا في الحجم من الحالي، ويعتمد على مبادئ الفيزياء النووية، وتحديداً الجسيمات غير المشحونة، أو النيترونات، التي تقوم فعليا بعملية تفتيش دقيقة على محتويات الحقيبة، وصولا إلى الكشف عن التركيبة الكيميائية لكل محتوياتها. وحسب قول يوري أولشانسكي، مدير مركز «راتيك» العملي التقني في بطرسبرغ، الذي صنع جهاز الكشف الجديد، فإن الجسيمات غير المشحونة يمكنها النفاذ عبر أية أجسام، والتفاعل معها، مما يساعد على تحديد التركيبة الكيميائية لتلك المواد، وأوضح أن «الجهاز يقوم بعملية كشف إشعاعي على الحقيبة التي تثير الشبهات، وذلك عبر ما يسمى حزمة النيترونات الحرارية. ويصدر عن الأجسام داخل الحقيبة التي تتعرض للمسح الضوئي حزم من أشعة غاما الثانوية، يلتقطها جهاز استشعار، ويقوم بتحليلها عبر برنامج خاص». لذلك لا تظهر على شاشة الجهاز الحديث صورة الأجسام داخل الحقيقة، كما في الجهاز القديم، وإنما تظهر قائمة معلومات تتضمن المواصفات الكيميائية للمواد التي تم الكشف عنها.
وأكد القائمون على الابتكار الحديث، أن الجهاز حصل على تقرير دراسة طبية، يؤكد أنه لا يشكل أي خطر على الإنسان بما في ذلك من يقف بالقرب من الجهاز نفسه، فضلا عن أن حزمة النيترونات لا تسبب أي ضرر للمواد داخل الحقيبة، بما في ذلك المواد الأكثر حساسية للضوء.

رصد دقيق
وقال يوري تشايف، الخبير في مجال الأمن في المطارات وعلى الطائرات، في حديث لصحيفة «إزفتسيتا»، إنه لا يمكن التفريق بين مسحوق الغسيل وعلبة فيها ماد الهيكسوجين المتفجرة، حين يتم عرضها على شاشة جهاز الكشف بواسطة الأشعة السينية، وأضاف: «حتى موظف الأمن الذي يتمتع بخبرة واسعة قد لا يتمكن من تحديد ما إذا كان الجسم الذي يراه على الشاشة لوح صابون أو لوح ديناميت»، ولهذا يضطر عناصر الأمن عادة إلى كشف إضافي يدوي على الحقائب، إن اشتبهوا بجسم ما داخلها. فضلا عن ذلك فإن عدم قدرة أجهزة الكشف عبر الأشعة السينية على تحديد طبيعة السائل داخل أي قارورة في الحقيبة، سبب رئيسي لحظر حمل السوائل في الحقائب اليدوية، التي يحملها الراكب معه على متن الطائرة.
أما الجهاز الجديد فهو قادر على تحديد التركيبة الكيميائية لكل تلك المواد، دون الحاجة إلى تدخل يدوي من جانب عناصر الأمن. كما يسمح بعملية تفتيش دقيقة وسريعة، تختصر الكثير من الوقت للمسافرين وعناصر الأمن على حد سواء.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»
TT

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»

تخمينات جديدة: سلاح غامض وراء «متلازمة هافانا»

قبل عامين، خلص محللو المخابرات الأميركية، بلغة حاسمة واستثنائية، إلى أن المرض الغامض، الموهن للإنسان، المعروف باسم «متلازمة هافانا» (Havana syndrome) لم يكن نتيجة عمل لعدو أجنبي يوظف نوعاً من أسلحة الطاقة، كما كتب شين هاريس (*).

استنتاجات متناقضة

وقد حطم هذا الاكتشاف الذي طال انتظاره، نظرية بديلة تبناها الدبلوماسيون وضباط الاستخبارات الأميركيون الآخرون، الذين قالوا إنهم كانوا ضحايا لحملة سرية متعمدة من قِبل عدو للولايات المتحدة، ربما روسيا، تركتهم معاقين، ويعانون آلاماً مزمنة، ومن مبالغ طائلة للفواتير الطبية. ويبدو أن تقرير الاستخبارات، الذي كتبته وكالة المخابرات المركزية (CIA) بشكل رئيسي، قد أغلق الكتاب حول متلازمة هافانا.

ولكن تبين أن الأمر لم يكن كذلك. فقد ظهرت معلومات جديدة دفعت البعض في مؤسسات الاستخبارات إلى تعديل استنتاجاتهم السابقة. وأعاد تقرير جديد فتح احتمال أن يكون سلاح غامض استخدمه خصم أجنبي هو السبب في متلازمة هافانا. وفي البيت الأبيض، أصبح كبار المسؤولين في إدارة بايدن أكثر اقتناعاً من زملائهم في وكالات الاستخبارات بأن متلازمة هافانا ربما كانت نتيجة لهجوم متعمد من قِبل عدو أميركي.

وستكون العواقب الجيوسياسية عميقة، خصوصاً مع استعداد الرئيس الجديد لتولي منصبه: فإذا ثبتت مسؤولية روسيا، أو أي دولة أخرى، عن الهجمات العنيفة على أفراد الحكومة الأميركية، فمن المرجح أن تشعر واشنطن بأنها مضطرة إلى الرد بقوة.

أعراض «متلازمة هافانا» الصادمة

وبدءاً من نحو عقد من الزمان، أبلغ عدد صغير من الأميركيين، معظمهم من الموظفين الفيدراليين وكثير منهم يعملون في الاستخبارات، عن تجارب مماثلة في هافانا. ففي لحظة، سمعوا رنيناً مؤلماً في آذانهم، تلاه ضغط شديد على رؤوسهم، ودوار مُربك، الذي غالباً ما يتبعه غثيان. كما أصيب بعض الضحايا بمشاكل طويلة الأمد في التعب أو الحركة. وفي وقت لاحق، أبلغ مسؤولون آخرون عن أعراض مماثلة أثناء وجودهم في روسيا ودول أجنبية أخرى. وخلص الكثير منهم إلى أنهم كانوا ضحية لهجوم متعمد بنوع من الأسلحة الصوتية.

تصدّع الإجماع

ظهرت العلامات المبكرة لتفكك الإجماع بشأن متلازمة هافانا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما اجتمع نصف دزينة من الضحايا - جميعهم من أفراد الاستخبارات الحاليين أو السابقين - في غرفة العمليات بالبيت الأبيض بدعوة من كبار الموظفين في مجلس الأمن القومي.

كان المسؤولون الذين استضافوا الاجتماع قد قرأوا المعلومات الاستخباراتية نفسها التي دعمت التقييم السابق، الذي نُشر في عام 2023، واعتقدوا أن مؤلفيه كانوا متسرعين للغاية في استبعاد هجوم متعمد. كما شعروا بأن الضحايا تعرضوا للتشهير والتضليل ولم يحصلوا على الرعاية الطبية الكافية لأمراضهم؛ ما تسبب في توقف بعضهم عن العمل، كما أخبرني الكثير من الأشخاص الذين حضروا الاجتماع.

وفي إشارة إلى الاحترام، دعا المضيفون رجلاً، يُعدّ أول ضحية معروفة لمتلازمة هافانا، للجلوس على كرسي على رأس طاولة مؤتمرات غرفة العمليات، التي عادةً ما تكون محجوزة للرئيس.

كان الغرض الظاهري من الاجتماع هو المساعدة في كتابة دليل لإدارة ترمب القادمة حول حالات «الحوادث الصحية الشاذة»، وهو «الوصف المهدئ» الذي تبناه مجتمع الاستخبارات للمتلازمة. لكن المسؤولين كان لديهم أيضاً تحديثات للمشاركة بها مع الحضور.

معلومات استخبارية جديدة

قال ماهر بيطار، وهو مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي (NSC) مسؤول عن شؤون الاستخبارات، للحاضرين، وفقاً لبعض الأشخاص الذين كانوا حاضرين، إن المعلومات الاستخباراتية الجديدة تقوض تقييم عام 2023 وستجعل الضحايا يشعرون «بأنهم بريئون».

وشدد الحاضرون على أن بيطار لم يكشف أبداً عن أي معلومات سرية، ولم يحدد بالضبط ما هي المعلومات الاستخباراتية الجديدة التي تم اكتشافها. كما لم يذكر مسؤولو البيت الأبيض صراحةً أن قوة أجنبية مسؤولة عن متلازمة هافانا. لكن الضحايا شعروا بأن فريق الرئيس يعتقد أن هذه هي الحال على الأرجح، وأنهم يعتزمون دفع وكالات الاستخبارات لإعادة النظر في موقفها.

وأشاد مارك بوليمروبولوس، ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الذي أصيب في موسكو عام 2017، الذي حضر الاجتماع، بمجلس الأمن القومي باعتباره «بطلاً قديماً» للضحايا، بإصرار أعضائه.

سلاح طاقة كهرومغناطيسة

وكان جزء مما أدى إلى الاستنتاج الحاسم الذي توصلت إليه مؤسسات الاستخبارات في وقت سابق بشأن متلازمة هافانا هو الافتراض بأن وجود سلاح طاقة - وهو جهاز يمكن أن يسبب نوع الإصابات التي عانى منها ضحايا متلازمة هافانا - غير معقول ولا تدعمه الأدلة. لكن المسؤولين والضحايا المجتمعين في غرفة العمليات نظروا فيما إذا كان هذا الافتراض صحيحاً حقاً.

اقترحت لجنة مستقلة من الخبراء، شكَّلتها مؤسسات الاستخبارات، أن سلاح الطاقة يمكن أن يستخدم «طاقة كهرومغناطيسية نبضية، خصوصاً في نطاق الترددات الراديوية» للتسبب في هذه الأعراض.

لطالما اعتقد بعض مسؤولي مجلس الأمن القومي أن رأي الخبراء لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام. وكان طغى عليه بشكل غير ملائم التقرير الذي قادته وكالة المخابرات المركزية. لقد تم إطلاعي على تقرير المخابرات هذا عندما تم إصداره في عام 2023، وفي ذلك الوقت أذهلني مدى وضوح أحكام المحللين.

في تجربتي، يتردد المحللون في استخلاص استنتاجات قاطعة ويحاولون ترك بعض المجال للمناورة. كان المحللون في هذه الحالة أكثر صراحة من أي شخص سمعته من قبل.

ومع ذلك، فقد سمحوا بأن تظل مؤسسات الاستخبارات منفتحة على الأفكار والأدلة الجديدة التي قد تظهر. على سبيل المثال، إذا شوهد عدو أجنبي يحرز تقدماً في تطوير سلاح طاقة، أو التكنولوجيا لبناء سلاح، فقد يغير ذلك تفكير المحللين.

تصورات جديدة

ويبدو أن هذا قد حدث. اليوم، أصدر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية Office of the Director of National Intelligence تحديثاً لتقرير عام 2023. ولا تقول وكالات الاستخبارات إن جهة أجنبية هي المسؤولة عن متلازمة هافانا. لكنها لم تعد واثقة من عدم مسؤولية أي جهة أجنبية.

وصرح مسؤول استخباراتي للصحافيين بأن اثنتين من وكالات الاستخبارات «غيرتا حكمهما الآن لتعكسا احتمالاً أكبر» بأن عدداً صغيراً من الحالات كانت بالفعل «ناجمة عن جهة فاعلة أجنبية». وقد فحصت الوكالتان معلومات جديدة تفيد بأن «جهات فاعلة أجنبية» - لم تذكَرا أياً منها - «تحرز تقدماً في البحث العلمي وتطوير الأسلحة».

قررت إحدى هاتين الوكالتين الاستخباريتين - مرة أخرى، لم يسمّها - أن فرص استخدام جهة فاعلة أجنبية سلاحاً جديداً، أو نموذجاً أولياً، لإيذاء عدد صغير من موظفي الحكومة الأميركية أو أفراد أسرهم «متساوية تقريباً» مع احتمالات عدم قيام جهة فاعلة أخرى بذلك. حددت الوكالة الأخرى «فرصة متساوية تقريباً» بأن جهة فاعلة أجنبية طورت سلاحاً يمكن أن يلحق الأذى بالناس، لكنها قررت أن أي جهاز من هذا القبيل من غير المرجح أن يتم استخدامه حتى الآن.

قد يبدو هذا التغيير خفياً، لكنه مهم. إن الانتقال من الموقف السابق الذي يقول إنه لم يكن هناك سلاح، ولم تكن هناك حملة متعمدة تستهدف أفراداً أميركيين، إلى احتمالات 50-50 لحدوث هذه الأشياء، هو تطور ملحوظ وإن كان ضيقاً.

إلا أن خمساً من الوكالات السبع التي ساهمت في التقرير الأول لم تغير موقفها؛ لذا فإن التحول يعكس رأي الأقلية. وقد أخبرتني مصادر قريبة من القضية بأن إحدى الوكالات التي غيَّرت موقفها هي وكالة الأمن القومي National Security Agency؛ ما يشير إلى أن الاتصالات التي تم اعتراضها ربما كشفت عن شيء عن جهود البحث التي يبذلها «الفاعل الأجنبي».

إن موظفي البيت الأبيض وعدداً قليلاً من وكالات الاستخبارات ليسوا الوحيدين الذين يعتقدون أن قصة متلازمة هافانا هي أكبر مما كان متصوراً في السابق. في الشهر الماضي، أصدر النائب الجمهوري ريك كروفورد تقريراً آخر في أعقاب تحقيق أجرته لجنة الاستخبارات في مجلس النواب. وقال التقرير إن استنتاج وكالات الاستخبارات بأن «الأعداء الأجانب ليسوا مسؤولين عن استهداف أفراد أميركيين مشكوك فيه في أحسن الأحوال ومضلل في أسوأ الأحوال».

* «ذا أتلانتيك أونلاين» - خدمات «تريبيون ميديا»

حقائق

2 من 7

وكالات استخبارات أميركية تشير إلى احتمال استخدام سلاح غامض