«الدعوة» يتبنى في الوقت الضائع خطة لإعادة دمج ائتلافي العبادي والمالكي

مقرب من رئيس الوزراء: حضر لتهدئة الخواطر فقط

TT

«الدعوة» يتبنى في الوقت الضائع خطة لإعادة دمج ائتلافي العبادي والمالكي

بعد أقل من أسبوع على تسريب رسالة تحمل تواقيع ثلاثة من أبرز قياديي حزب الدعوة تتضمن اتهامات لرئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بمسؤولية التشظي الذي بات يعانيه الحزب؛ عقد الحزب أمس اجتماعاً في بغداد، بحضور الأمين العام للحزب نوري المالكي ورئيس المكتب السياسي فيه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
كانت رسالة الدعاة الثلاثة وجهت اتهامات مباشرة للعبادي بشأن حالة التشظي الذي بات يعانيه الحزب بعد دخوله الانتخابات البرلمانية الأخيرة بقائمتين منفصلتين، «النصر» بزعامة العبادي و«دولة القانون» بزعامة المالكي. الحزب، وفي بيان له، أعلن أنه تم التأكيد في اجتماع أمس على «أهمية تجاوز اختلاف الرأي داخل صفوف الحزب بما يعزز وحدة موقفه السياسي. كما أكد المجتمعون على أهمية تفعيل الدور الوطني للحزب وتوحيد رؤية وبرنامج وجهد الكتلتين النيابيتين (ائتلاف النصر) و(ائتلاف دولة القانون)، وضرورة السعي لتوحيد القائمتين كخطوة على طريق تجميع الكتل النيابية ذات الأهداف والبرامج المشتركة». وأضاف البيان أن المجتمعين «توقفوا عند العقبات التي حالت دون تحقيق تلك الأهداف على مستوى الكتلتين النيابيتين، أو على المستوى الوطني، وتدارسوا سبل تذليل تلك العقبات، ووضعوا الآليات المناسبة لذلك». كما دعوا إلى «أهمية فتح آفاق التعاون مع الكتل السياسية الأخرى من أجل الإسراع في إنجاز التشكيلة الحكومية التي تنسجم مع توصيات المرجعية العليا، ووفق التوقيتات الدستورية».
وفيما تضاربت حظوظ العبادي لجهة إمكانية إعادة طرحه مرشحاً وحيداً للحزب لولاية ثانية، فإن بيان الحزب وتصريحات عدد من القياديين أشارت إلى أن الاجتماع لم يتطرق إلى مناقشة المرشح لرئاسة الوزراء. وأكد السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، أن «حضور العبادي الاجتماع جاء لكونه لا يزال عضواً قيادياً فيه، ولم يفصل منه»، مضيفاً أن «حزب الدعوة لا يمكن أن يمنح العبادي مكافأة».
لكن القيادي في «ائتلاف النصر» علي السنيد، وهو مقرب من العبادي، أكد في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «سبب مشاركة العبادي في اجتماع الدعوة ليس لغرض إعادة دمج الكتلتين (النصر) و(دولة القانون) بكتلة واحدة لصعوبة ذلك، بل من أجل تهدئة الخواطر». وأضاف أن «العبادي قيادي في حزب الدعوة، وبالتالي فإن مشاركته في اجتماع حزبي أمر طبيعي لكن يصعب الحديث عن دمج كتلتي (النصر) و(دولة القانون) لصعوبات معروفة بين الطرفين، لأن الكتلتين، خصوصا (النصر)، ليستا كلهما من حزب الدعوة، بل هناك جهات من أطراف وتوجهات مختلفة». وأوضح السنيد أنه «جرى خلال الفترة الأخيرة المزيد من عمليات التسقيط المقصود، وأهدافه كانت معروفة، ولذلك فإن العبادي حرص على أن يعطي رسالة بأنه يسعى لتجاوز الخلافات من أجل ألا يعطي لأحد ذريعة بأنه من يتحمل المسؤولية».
ولفت السنيد إلى أن «منهج (كتلة النصر) التي يتزعمها العبادي منهج وطني عابر للقومية والمذهبية، وليس منهجاً حزبياً، وبالتالي فإن الكتلة ترفض فرض إرادات عليها من أي طرف كان، وبالتالي فإن الحديث عن الدمج مستبعد تماماً في مثل هذه الظروف». وبشأن فرص العبادي لولاية ثانية في ضوء ما يجري من حديث عن مرشحي تسوية مثل عادل عبد المهدي وشروط المرجعية الدينية، قال السنيد إن «الذي يجري الآن هو في حقيقته عملية بحث عن شروط خيالية للمرشح لرئاسة الوزراء، وهي ليست متوفرة عند أي من المرشحين، مع التأكيد على أن المرجعية أكدت أكثر من مرة أنها لا تتدخل بالتفاصيل، لكن يراد زجها لأغراض معروفة». وتوقع السنيد ارتفاع «حظوظ العبادي ثانية خلال الفترة المقبلة لأنه يمثل الحل الوسط المطلوب بين ما يطرح من شروط، وما حققه في عهده من انتصار على (داعش) وتخطي الطائفية وتجنب الأزمة المالية».
إلى ذلك، قلل قيادي سابق في حزب الدعوة من أهمية الاجتماع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع في الواقع لم يحل مشكلة عدم اندماج العبادي مع (القانون) حسب الاتفاق الذي جرى قبل الانتخابات»، مضيفاً: «كما أن الاجتماع سعى لرأب الصدع بين (القانون) و(النصر) من خلال التحرك والتنسيق معاً من منطلق حرص الحزب على عدم التشظي في المرحلة المقبلة». وبشأن فرص العبادي لولاية ثانية عقب هذا الاجتماع أكد أن «فرصة العبادي باتت ضئيلة في ولاية ثانية بعد شروط المرجعية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم