موسيقار عالمي يلوّن سماء الرياض بعروض الليزر في اليوم الوطني

الفرنسي جار لـ«الشرق الأوسط»: سأعكس على اللون الأخضر واقع التغيّر والشغف

تجهيزات المسرح في الرياض قبل الحفل (تصوير: بشير صالح)
تجهيزات المسرح في الرياض قبل الحفل (تصوير: بشير صالح)
TT

موسيقار عالمي يلوّن سماء الرياض بعروض الليزر في اليوم الوطني

تجهيزات المسرح في الرياض قبل الحفل (تصوير: بشير صالح)
تجهيزات المسرح في الرياض قبل الحفل (تصوير: بشير صالح)

يسعى الموسيقار الفرنسي العالمي جان ميشال جار، على أن يضفي على احتفال السعوديين باليوم الوطني السعودي عروضا مميزة بالليزر والبروجيكتور المرئية، لإيجاد أصوات إلكترونية، تمزج الصوت مع الضوء، بوساطة نبائط إلكترونية، تحتوي على صمامات تفريغ أو ترانزستورات، بواسطة برامج حاسوبية «vsti» وتربط بين الآلة الموسيقية والحاسب بواسطة تقنية «midi».
ويستخدم المؤلف الموسيقي العالمي جار على المسرح، آلة معقدة تسمى (synthesizer) تعمل على إيجاد وتجميع أنواع كثيرة من الأصوات، يشابه بعضها الأصوات البشرية والأدوات الموسيقية التقليدية، مع إنتاج أصوات أصلية.
وعن العرض الذي سيقدمه الليلة على المسرح، قال جار لـ«الشرق الأوسط» سأضع في الاعتبار كل ما يستحق اليوم الوطني من احترام وعكس لواقع التغير والشغف لمستقبل مبهر، من خلال رسمة جرافيك موسيقية إلكترونية خضراء اللون، مع بعض الألوان المحفزة للمسرح، بشكل عالمي مع مراعاة الخصوصية السعودية تعكس كل ذلك، وتحمل كل المضامين الجميلة المعبرة.
وأرسل الموسيقي العالمي الفرنسي، رسالة إيجابية إلى المستقبل الباهر للمملكة، داعيا الشباب السعودي، بأن يتخذوا الطريق إلى المستقبل بقوة وتفاؤل كبيرين، لتحقيق كل الأحلام الجميلة، وحماية فنهم وثقافتهم وتقاليدهم، بأفضل ما لديهم في عالم التكنولوجيا الحديثة.
وأضاف «أجد الآن هناك فرصة كبيرة لخلق علاقة كبيرة، تمكننا من تطوير التكنولوجيا الحديثة وربطها بصورة مباشرة مع عناصر الطبيعة والبيئة، ويبدو لي واضحا أن المملكة استوعبت ذلك جيدا وهي تعمل بأقصى جهد لإحداث نهضة تنموية مدنية مجتمعية تصطحب معها كل تلك العناصر المهمة في بناء الإنسان المواكب للتسارع التكنولوجي المذهل».
وأضاف جار «يبدو لي أنه لم تعد الرياض، تنظر إلى النفط كسلعة اقتصادية مهمة بقدر أنها أصبحت من الماضي، وحان دور التنوع والتفرد والاستعانة بمصادر خلاقة أخرى لا تقل أهمية من حيث قدرتها في إحداث الاختلاف والتميز وبناء الإنسان، والآن الرياض تركز على تفجير الطاقات الشبابية والمصادر الجديدة الكامنة».
وتابع جار «هذا ما يلهمني، ويمدني بقوة خارقة لتأليف، ما يمكن أن يعبر عن هذا الواقع الجديد الابتكار على مسرحي وأنا أؤدي عرضا على مسرحي في مشاركتي اليوم الأحد في إحياء ليلة العيد الوطني السعودي، خاصة أن هذا يأتي في وقت تحظى فيه السعودية بقوة شبابية كبيرة خلاقة، تتعاطى مع التكنولوجيا الحديثة».
وأكد جار، أن الرؤية السعودية 2030 غنية بعناصر التغيير فعلا، ويمكن أن توفر بيئة خصبة للإلهام الإنساني والفني والموسيقي، مبديا ثقته وإيمانه في أن القوة الشبابية السعودية الحالية، قادرة بالفعل في المساهمة بقوة في تشكيل الوجه الجديد للمملكة.
ويعتقد جار أن الفن والفنانين السعوديين بالتعاون مع نظرائهم في العالم، باستطاعتهم المساهمة في خلق علاقة بين الإبداع والابتكار وريادة العمل لصنع الثقافة، وبالتالي تفتح نافذة كبيرة على الفن والموسيقى وخلق بعثات للفن.
وقال جار «هذا سبب كافٍ يجعلني الآن بين المجتمع السعودية أشاركهم مناسبة اليوم الوطني، بما لدي من أفكار موسيقية إلكترونية ابتكارية تعبر عما يحدث حاليا في السعودية، وأنا حقيقة سعيد أيما سعادة أن أكون جزءا من هذا الحدث الكبير».
ولفت جار إلى أن الألوان الخضراء، التي زينت المكان والمسرح في شمال الرياض، ترسم لوحات معبرة عن الحدث والرؤية السعودية بروح شبابية تبعث برسالة احترام للوطن والمواطن، وللتقاليد ولليوم الوطني السعودي، كما أنها تعكس رسالة عالمية حول بيئة التغير والاختلاف والحداثة.
وقال جار «كنت لوقت قريب في السعودية لبعض الوقت، وحقيقة أذهلتني دهشة غير طبيعية، وأنا أرى الطريقة التي تعمل عليها السعودية في إحداث حجم كبير من التغيير المهم، الذي حصل في هذه البلاد على كافة الصعد».
وتابع «هذا زمن مهم للغاية للسعودية، تصنع فيه شيئا مختلفا، لأنها صممت الرؤية 2030 ببرامج طموحة جدا، قادرة على خلق طفرة حقيقية في التغيير الإيجابي الذي يتطلع له المجتمع السعودي».
وأنا كسفير النوايا الحسنة، لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، أثق تمام الثقة، أنه أصبح المجال واسعا، لعمل شيء من أجل تعزيز التعليم والتنوع الثقافي والبيئة.
يعتبر جار، أشهر عازف كيبورد ومؤلف موسيقى إلكترونية عالمي، وهو سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، وبدأ الإنتاج عام 1972. حيث كان قد نال عدة جوائز، من بينها نيشان جوقة الشرف من رتبة ضابط عام 2011 وجائزة ستيغر عام 2013. ومن مقطوعاته الموسيقية المشهورة «أكسجين music forever».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».