أوروبا تطالب إسرائيل بالتراجع عن قرار هدم خان الأحمر

اعتبرت أنه يقوّض حلّ الدولتين وفرص السلام

أطفال من البدو الفلسطينيين في بلدة خان الأحمر المهددة بالهدم والواقعة قرب مستوطنة «معاليه أدوميم» بين الخليل والقدس أمس (إ.ب.أ)
أطفال من البدو الفلسطينيين في بلدة خان الأحمر المهددة بالهدم والواقعة قرب مستوطنة «معاليه أدوميم» بين الخليل والقدس أمس (إ.ب.أ)
TT

أوروبا تطالب إسرائيل بالتراجع عن قرار هدم خان الأحمر

أطفال من البدو الفلسطينيين في بلدة خان الأحمر المهددة بالهدم والواقعة قرب مستوطنة «معاليه أدوميم» بين الخليل والقدس أمس (إ.ب.أ)
أطفال من البدو الفلسطينيين في بلدة خان الأحمر المهددة بالهدم والواقعة قرب مستوطنة «معاليه أدوميم» بين الخليل والقدس أمس (إ.ب.أ)

طالب المندوبون الدائمون لثماني دول من المجموعة الأوروبية الحالية واللاحقة في مجلس الأمن، إسرائيل، بإعادة النظر في قرارها «الخطير للغاية» بهدم بلدة خان الأحمر البدوية قرب القدس الشرقية، محذرين من أن هذه الخطوة يمكن أن تقوّض حل الدولتين وفرص السلام مع الفلسطينيين.
ويحذّر الفلسطينيون من أن عملية الهدم من شأنها التمهيد لإقامة مشاريع استيطانية تعزل القدس الشرقية عن محيطها، وتقسم الضفة الغربية إلى قسمين، ما يؤدي إلى تدمير خيار حل الدولتين.
وقبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الشهرية في شأن «الحالة في الشرق الأوسط، بما فيها المسألة الفلسطينية»، حضر الأعضاء الحاليون المندوبون الدائمون؛ البريطانية كارين بيرس والفرنسي فرنسوا دولاتر والسويدي أولوف سكوغ والبولندية جوانا فرونيكا والهولندي كاريل فان أوستروم، والعضوان اللاحقان الألماني كريستوف هوسجين والبلجيكي مارك بيكستين دو بيتسويرف. وقال أوستروم باسمهم: «لطالما أكدنا، نحن المجموعة الأوروبية، دائماً موقفنا إزاء سياسة المستوطنات الإسرائيلية، فهي غير قانونية بموجب القانون الدولي، كما جاء في القرار 2334 لعام 2016. وأن أي خطوة تتخذ في هذا الصدد، بما في ذلك هدم أي تجمع فلسطيني ونقل محتمل للسكان، تعد أيضاً خطوة غير قانونية»، لافتاً إلى أن «تجمع خان الأحمر يوجد في منطقة حساسة من المنطقة (ج) ذات الأهمية الاستراتيجية لحفظ سلامة الدولة الفلسطينية في المستقبل».
وذكّر بحكم المحكمة الإسرائيلية العليا التي رفضت في 5 سبتمبر (أيلول) التماس سكان خان الأحمر من البدو الفلسطينيين، وسمحت للسلطات الإسرائيلية بالمضي في هدم التجمع في غضون سبعة أيام. وأشار أولستروم إلى أن السلطات الإسرائيلية يمكن أن تشرع في أي لحظة الآن في عملية الهدم، بما في ذلك المدارس، وطرد السكان من منازلهم، وبينهم العديد من الأطفال. وأضاف أن «تبعات هدم هذا التجمع وترحيل سكانه، بما في ذلك الأطفال، سيكون أمراً خطيراً للغاية سيهدد بشدة جدوى حل الدولتين ويقوّض فرص السلام». ودعا السلطات الإسرائيلية إلى «إعادة النظر في قرار هدم خان الأحمر». وتابع: «إننا أعضاء المجموعة الأوروبية في مجلس الأمن لن نكف عن السعي إلى التفاوض للتوصل إلى حل الدولتين، القدس عاصمة كل منهما». وشدد على الحاجة إلى بذل جهود على الأرض لدعم وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويشمل ذلك دعم العمل الحيوي الذي تقوم به وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (أونروا).
وندد المندوب العماني لدى الأمم المتحدة خليفة الحارثي، الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجموعة العربية، بقرار إسرائيل هدم تجمع خان الأحمر. وقال: «أود القول إننا في المجموعة العربية نرفض وندين الخطط الإسرائيلية الرامية لهدم منازل الفلسطينيين في خان الأحمر. نود أن نعرب عن امتناننا للبيان الذي تلاه السفير الهولندي نيابة عن المجموعة الأوروبية. نحن نقدّر هذه الوقفة المبدئية لأصدقائنا في أوروبا. نعتقد أن إخواننا الفلسطينيين يحتاجون إلى كل أشكال الدعم من المجتمع الدولي في هذه الأيام الصعبة».
أما المراقب الفلسطيني الدائم رياض منصور، فعبّر عن تقدير الفلسطينيين للمجموعة الأوروبية، قائلاً إن موقفها «موقف جيد جداً وجدير بالإشادة». وأمل في أن يأخذ المجتمع الدولي موقفاً مماثلاً لـ«منع إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، من هدم هذا المجتمع. تمنيناً لو كان الموقف الذي عبّرت عنه الدول الأوروبية هو الموقف الذي يعتمده مجلس الأمن، ولكن كلنا يعلم أن هناك دولة واحدة لن تسمح حتى بإصدار بيان بسيط في مجلس الأمن يحترم ويعزز القانون الدولي. على أي حال، سنواصل حشد الدعم للدفاع عن مجتمع خان الأحمر ومنع هدمه».
وجدد المندوب الكويتي لدى الأمم المتحدة عضو مجلس الأمن منصور العتيبي، مطالبة إسرائيل بالالتزام بقرار مجلس الأمن 2334، معلناً أن الوفد الكويتي سيفعل أقصى ما يمكن لضمان أن يحاول مجلس الأمن الضغط على إسرائيل لتنفيذ كل قراراته.
وخلال جلسة مجلس الأمن، قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، إن إسرائيل تواصل أعمال الهدم والمصادرة للمباني المملوكة للفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأشار إلى تدمير ومصادرة 117 مبنى في القدس الشرقية والمنطقة «ج»، ما أدى إلى تشريد 145 فلسطينياً، بينهم 82 طفلاً. وقال إنه «في خان الأحمر - أبو الحلو المجتمع البدوي الذي يضم 181 شخصاً، استحوذت السلطات الإسرائيلية على الأرض، وأعلنت الموقع مؤقتاً منطقة عسكرية مغلقة، قبل الهدم المتوقع للمباني». وكرر أن كل النشاطات الاستيطانية تنتهك القانون الدولي وتعد عقبة كبرى أمام السلام.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.