«قمة ترمب» تضع إيران في صلب اجتماع دولي لحظر أسلحة الدمار الشامل

«الشرق الأوسط» تنشر «ورقة مفاهيم» تلوح بالمحاسبة على انتهاك قرارات مجلس الأمن

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة والسفير الإيراني على هامش اجتماع حول الاحتجاجات الإيرانية في يناير الماضي (أ.ب)
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة والسفير الإيراني على هامش اجتماع حول الاحتجاجات الإيرانية في يناير الماضي (أ.ب)
TT

«قمة ترمب» تضع إيران في صلب اجتماع دولي لحظر أسلحة الدمار الشامل

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة والسفير الإيراني على هامش اجتماع حول الاحتجاجات الإيرانية في يناير الماضي (أ.ب)
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة والسفير الإيراني على هامش اجتماع حول الاحتجاجات الإيرانية في يناير الماضي (أ.ب)

وسّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نطاق اجتماع على مستوى القمة لمجلس الأمن كان مقرراً أن يركز على إيران، ودورها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، ليشمل الآن «المكافحة الفورية لانتشار أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها». ورغم أن «ورقة المفاهيم» التي وزعتها البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة على أعضاء المجلس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، لا تذكر إيران بالاسم، فإن واشنطن تسعى بقوة إلى «تزويد الاتفاقات والمعاهدات والأعراف الدولية المرعية بأنياب» ضد استخدام هذه الأسلحة وضد انتشارها.
وكانت الإدارة الأميركية سعت في الأصل إلى عقد اجتماع على هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، خلال الأسبوع المقبل، من أجل التنديد بإيران و«انتهاكاتها للقانون الدولي» ودورها في نشر «الفوضى والإرهاب» في الشرق الأوسط، إذ إن المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي أعلنت أن ترمب سيترأس اجتماعاً في أرفع المنتديات الدولية لصنع القرار من أجل «التعامل مع انتهاكات إيران للقانون الدولي وزعزعتها الاستقرار العام في كل أرجاء منطقة الشرق الأوسط»، غير أنه بدا لاحقاً أن تركيز الاجتماع على إيران يمكن أن يثير مخاوف لدى حلفاء الولايات المتحدة من الخلافات المعروفة مع كل من فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، بعدما أعلن الرئيس ترمب انسحاب بلاده منه من مايو (أيار) الماضي.
وكذلك عبر مسؤولون أميركيون آخرون عن هواجس من استخدام إيران المادة 37 من ميثاق الأمم المتحدة التي تسمح لها بالمشاركة في الاجتماع باعتبارها «طرفاً في نزاع قيد النظر»، مما قد يثير «احتمال مواجهة مزعجة بين الرئيس الأميركي وأي ممثل إيراني».
وقالت هيلي إن «الرئيس ترمب يصر على أنه يجب علينا أن نبدأ في التأكد من أن إيران تعامل بحسب النظام الدولي». ورأى دبلوماسيون أن «هذه الملاحظات من هيلي لم تأتِ من عدم»، إذ إن دبلوماسيين أميركيين أسرّوا لعدد من نظرائهم في دول أجنبية بأن «ترمب سيترأس اجتماعاً يركِّز على إيران في مجلس الأمن».
وأصدرت البعثة الأميركية في 7 سبتمبر (أيلول) الماضي بياناً أفادت فيه بأن الاجتماع سيركز على «نطاق أوسع من القضايا»، بما في ذلك «انتشار أسلحة الدمار الشامل» فضلاً عن نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار. وقلَّل ناطق باسم البعثة الأميركية من التغييرات التي طرأت على الاجتماع، قائلاً: «لم تغير الولايات المتحدة موضوع الاجتماع، بل وسعت الموضوع».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية متطابقة أن الولايات المتحدة بقيادة الرئيس ترمب خلصت في نهاية المطاف إلى عقد اجتماع مجلس الأمن «على مستوى القمة» من أجل «تركيز اهتمام العالم على الحاجة الأساسية إلى المكافحة الفورية لانتشار أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها»، موضحة أن الغاية من الاجتماع هي مناقشة السبل التي تمكن مجلس الأمن من «تطبيق التي اتخذها بناء على القانون الدولي فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، ومكافحة انتشار الأسلحة الأكثر خطورة واستخدامها في العالم».
ووزعت البعثة الأميركية التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في سبتمبر الحالي، على بقية أعضاء المجلس «ورقة مفاهيم» تتضمن خلفية تفيد بأن المجلس «أصدر دورياً قرارات لمكافحة تهديدات أسلحة الدمار الشامل»، مضيفة أنه «في السنوات الماضية، عالجت تحديات محددة لانتشار أسلحة الدمار مما يهدد القاعدة الأساسية للسلم والأمن الدوليين، بما في ذلك البرامج العاملة للأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية والصواريخ الباليستية التي تضع العالم بمجمله في خطر».
وتلفت أيضاً إلى أن مجلس الأمن «اتخذ أيضاً إجراءات للحيلولة دون وقوع أسلحة الدمار الشامل في أيدي دول أخرى أو لاعبين من غير الدول، بما في ذلك الإرهابيون، وساعد بلدان على منع الانتشار عبر حدودها»، مذكرة بأن هذه القرارات «تفرض واجبات قانونية تطلب من الدول التخلي عن أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاقها»، فضلاً عن أنها «توجب على الدول الأعضاء القيام بخطوات محددة لمكافحة انتشار أسلحة الدمار، بما فيها جهود الرصد والردع والمنع والمحاربة ضد التهريب والسمسرة غير المشروعين طبقاً لما هو محدد في القرار 1540».
وتنص الورقة أيضاً على أنه «رغم هذه الواجبات، فإنه كثيراً ما يجري الضرب بها عرض الحائط بلا عقاب»، علماً بأن «كل انتهاك يقوض بشكل بالغ السلم والأمن اللذين صممت قرارات لحمايتهما». وبناء عليه «يجب على مجلس الأمن تحديد السبل لضمان احترام قراراته في شأن تهديدات أسلحة الدمار الشامل». وتؤكد أن «الدول التي تنتهك هذه القرارات يجب أن تُحاسَب»، فضلاً عن أنه «يجب التعامل بجديّة مع عواقب لكل الخروق لمعاهدات واتفاقات منع الانتشار».
وتشدد الورقة على أنه ينبغي لمجلس الأمن أن «يستخدم الأدوات المتوافرة لديه بما فيها العقوبات والضغط السياسي والدبلوماسية - لتزويد الاتفاقات والمعاهدات والأعراف الدولية المرعية بأنياب ضد استخدام أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية وانتشارها».
وحددت الولايات المتحدة المواضيع التي يشملها اجتماع مجلس الأمن في 26 سبتمبر الحالي بأنها تركز على «سبل تطبيق التطبيق الأفضل للعقوبات الموجودة والواجبات والأعراف الدولية في شأن تهديدات أسلحة الدمار الشامل والتي تتجاهلها روتينياً من دول معينة»، و«سبل رفع الثمن على الأنظمة واللاعبين من غير الدول الذين ينتهكون الواجبات والأعراف الدولية» و«سبل تحسين قدرة البلدان على تنفيذ واجباتها وأعرافها بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل»، بالإضافة إلى «الأعمال التي ينبغي للدول الأعضاء القيام بها للجم التزويد غير المشروع بالتكنولوجيا النووية والكيماوية والبيولوجية وذات الصلة بالصواريخ الباليستية إلى اللاعبين الأكثر خطورة في العالم».
ويركز الاجتماع على مستوى القمة على مراجعة عمل مجلس الأمن سابقاً للتعامل مع تهديدات انتشار أسلحة الدمار الشامل ومناقشة ما ينبغي لمجلس الأمن أن يضيفه لمكافحة كل تهديدات منع الانتشار العالمي أسلحة الدمار الشامل. وطبقاً لاجتماع مجلس الأمن عام 2009 حول منع الانتشار الذي استضافه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، «وحدها الدول الأعضاء في مجلس الأمن مدعوة للتحدث في الاجتماع بسبب محددات الوقت والطبيعة العامة للموضوع».



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.