أوقاف مصر تحكم قبضتها على المنابر وتهدد المخالفين

إيقاف داعية خالف تعليمات خطبة «الجمعة الموحدة»

TT

أوقاف مصر تحكم قبضتها على المنابر وتهدد المخالفين

أحكمت وزارة الأوقاف المصرية قبضتها على منابر المساجد، وعممت إجراءات مشددة أمس، عقب إيقاف داعية ومنعه من صعود المنبر لمخالفته تعليمات وزارة الأوقاف الخاصة بخطبة الجمعة (الموحدة). وقال مصدر في الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد) إن «الإجراءات تهدف إلى السيطرة على المنابر، وضبط الخطاب الديني بعيداً عن التشدد».
وقررت الأوقاف إلغاء تصريح الداعية محمد سعيد رسلان ومنعه من صعود المنبر أو إلقاء أي دروس دينية بالمساجد لمخالفته التعليمات، وأشار المصدر إلى أن آراءه الأخيرة حول بعض القضايا كانت سبب الاستبعاد ومنها «يوم عاشوراء».
وأكدت الأوقاف في بيان لها، أنه «لا أحد فوق القانون أو فوق المحاسبة، وأنها لن تسمح لأحد كائناً من كان بالتجاوز في حق المنبر أو مخالفة تعليمات الوزارة، أو الخروج على المنهج الوسطي، أو اتخاذ المسجد لنشر أفكار لا تتسق وصحيح الإسلام ومنهجه السمح الرشيد». وذكرت الوزارة ببيانها الذي أصدرته في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، أنها «لن تسمح لأي شخص أو حزب أو جماعة باختطاف المنبر أو الخطاب الديني وتوظيفه لصالح جماعة أو آيديولوجيات منحرفة عن صحيح الإسلام».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أبدى أكثر من مرة في أكثر من مناسبة، استياءه من وتيرة إصلاح الخطاب الديني... وتؤكد الأوقاف أنها تسيطر على نحو أكثر من 198 ألف مسجد في مختلف أنحاء البلاد؛ لكن هذا الرقم بعيد عن الزوايا التي تُقدر بالآلاف، وهي تابعة لجماعات تصف الحكومة المصرية بعضها بأنها تنظيمات إرهابية، ويسيطر عليها دعاة «متشددون»، فضلاً عن مساجد «الجمعية الشرعية»، و«الجماعة الإسلامية».
والشيخ رسلان، يلقي الخطب والدروس منذ أكثر من عشر سنوات بمسجد في قرية «سبك الأحد» بمحافظة المنوفية بدلتا مصر، وعُرف بمعاداة «الإخوان»، التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً... ويصف الجماعة في خطبه بـ«خوارج العصر».
وبينما سيطرت حالة من الحزن على تلاميذ الشيخ رسلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس، وقال أحد الشباب، إن «قرار الأوقاف ليس له فائدة، والشيخ مستمر في نشر علمه، ولن يستطيع أحد وقف هذا العلم النافع، الذي استطاع أن ينتشر في العالم أجمع».
لكن الشيخ سامح عبد الحميد، وصف قرار وزارة الأوقاف بمنع صعود رسلان على المنبر بـ«القرار الصائب». وقال، أمس، إن «رسلان يستغل المنبر في بث روح البغضاء والكراهية، ويخرج عن موضوع الخطبة لإثارة الضغائن».
وخاضت السلطات المصرية معارك سابقة لإحكام سيطرتها على منابر المساجد، ووضعت قانوناً للخطابة الذي قصر الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين فقط، فضلاً عن وضع عقوبات بالحبس والغرامة لكل من يخالف ذلك، كما تم توحيد خطبة الجمعة لضبط المنابر، وتفعيل قرار منع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات، أو وضع صناديق لهذا الغرض داخل المساجد أو في محيطها.
من جانب آخر، قرر وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، إعفاء أي قيادة مهما كان مستواها الوظيفي بالوزارة أو المديريات من عملها القيادي فوراً، إذا ثبت تمكينها لشخص غير مصرح له بالخطابة، من صعود المنبر أو تقصيرها في العمل على منعه. مؤكداً أن «الحفاظ على المنبر ونشر صحيح الدين، قضية أمن ديني وأمن قومي، وأنه لا تسامح مع من يخالف التعليمات الصادرة من الوزارة بشأنهما، في ظل إعلاء شأن القانون ودولة القانون».
وفي أغسطس (آب) الماضي، دفعت وزارة الأوقاف ببعض مفتشيها ممن يحملون «الضبطية القضائية» لإحكام سيطرتها على المساجد، وعدم استغلالها سياسيا من قبل عناصر تابعة لجماعة «الإخوان» في القاهرة ومحافظات مصر، ولمواجهة ترويج أي شائعات أو فتن. وفي أبريل (نيسان) عام 2017 اشترطت السلطات المصرية على أئمة وخطباء المساجد عدم الانتماء لأي تنظيم أو جماعة، للبقاء في مناصبهم واعتلاء المنابر.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.