أمراض القلب والحمل

إرشادات حديثة من الجمعية الأوروبية للقلب

أمراض القلب والحمل
TT

أمراض القلب والحمل

أمراض القلب والحمل

ضمن عدد السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي من مجلة الجمعية الأوروبية للقلب (European Heart Journal)، نشرت الجمعية تحديثها الجديد لإرشادات التعامل الطبي مع حالات أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء الحوامل. وكان آخر إصدار للجمعية حول هذا الأمر قد نشر عام 2012، ولذا يأتي هذا التحديث الجديد في وقت ملائم ليستوعب ما توفر منذ ذلك الحين من دراسات طبية، وتطورات في التعامل العلاجي لتلك الحالات.
ووفق التعريف الطبي، لا تشمل الرعاية الطبية القلبية للحوامل العناية بهن خلال فترة الحمل الفعلي فقط؛ بل تشمل العناية بهن في ذلك الجانب من حين إبداء الرغبة في الحمل للتأكد من ملاءمة الحمل لحالتهن الصحية والأدوية التي يتناولنها، وكذلك متابعة حالة القلب والأوعية الدموية خلال مرحلة الولادة لضمان إتمامها بنجاح، واستمرار متابعة حالة القلب والأوعية الدموية خلال مرحلة الستة أشهر التالية لإتمام عملية الولادة.
تغيرات الحمل
وتمثل فترة الحمل وعملية الولادة حالة صحية فريدة، مطلوب من الجسم فيها أن يتعامل معها بطريقة ملائمة، بمرافقة حصول مجموعة من التغيرات الفسيولوجية والعضوية الواسعة النطاق في أعضاء وأجهزة شتى بجسم الأم. ومعلوم أن هذه التغيرات الفسيولوجية والعضوية تحصل في جسم الحامل، ليتمكن من توفير كل ما يحتاجه الجنين للنمو، وما تحتاجه عملية الحمل للاستمرار بكفاءة وأمان، وصولاً إلى تحقيق عملية الولادة بنجاح، ثم عودة جسم المرأة الحامل إلى الحالة الطبيعية بعد الفراغ من الولادة. وهذه التغيرات الفسيولوجية الوظيفية الواسعة النطاق في جسم الأم تحصل بشكل ديناميكي خلال فترة الحمل ومرحلة الولادة، وتتطلب تقديم متابعة طبية متواصلة حال وجود أي اضطرابات مرضية في القلب والأوعية الدموية لدى الحامل، من أجل ضمان تحقيق نجاح عملية الحمل، وحفظ سلامة صحة الأم، واكتمال نمو الجنين وخروجه بصحة جيدة للحياة.
ونتيجة لحصول تغيرات واسعة في جهاز الدورة الدموية داخل جسم المرأة الحامل بشكل متطور ومختلف خلال مراحل فترات الحمل الثلاث، فإن هذه التغيرات من الممكن أن يتأذى منها جسم المرأة الحامل إذا لم تتم وفق تناغم دائم، لاستيعابها من قبل جهاز القلب والأوعية الدموية لدى الحامل، وكذلك من الممكن أن يتأذى منها جسم المرأة الحامل، إذا لم يتم التعامل الطبي مع حالات الأمراض القلبية التي قد تكون لدى الحامل قبل حملها، أو التي نشأت لديها خلال فترة الحمل.
ووفق ما تشير إليه الإحصائيات الطبية، تنشأ اضطرابات قلبية وعائية جديدة لدى أكثر من 4 في المائة من الحوامل اللواتي لم تكن لديهن قبل الحمل أي اضطرابات مرضية في جهاز القلب والأوعية الدموية.
إرشادات جديدة
وتعتبر الإرشادات الطبية الحديثة، الواقعة في 76 صفحة، شاملة بشكل واف في توضيح أفضل ما تم التوصل إليه في التعامل العلاجي مع حالات أمراض العيوب القلبية الولادية وأمراض الشريان الأبهر الأورطي، وأمراض صمامات القلب، وضعف القلب، وأمراض الشرايين القلبية، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض غشاء التامور المحيط بالقلب، وارتفاع ضغط الدم الرئوي، والالتهابات الميكروبية في صمامات القلب، واضطرابات إيقاع نبض القلب، واضطرابات الكولسترول، وتلقي أدوية زيادة سيولة الدم، وغيرها من الحالات المرضية ذات الصلة بالقلب والأوعية الدموية لدى الحوامل.
كما يُعتبر جانب «الرعاية القلبية للحوامل» (Antenatal Cardiac Care) أحد جوانب طب القلب الآخذة في التطور، ذلك أن تقرير الإرشادات أشار إلى وجود حالة من عدم الوضوح حول مدى انتشار أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الحوامل، ومعدل الإصابات بها خلال فترة الحمل في المناطق المختلفة من العالم، وأيضاً أشار إلى أن أوساط طب القلب تلحظ أنه لا تتوفر دراسات طبية من النوعية العالية الجودة، حول أفضل الطرق للتعامل العلاجي مع تلك الحالات القلبية والوعائية المرضية لدى الحوامل، وخاصة نوعية الدراسات الاستشرافية المستقبلية أو الدراسات العشوائية (Prospective Or Randomized Studies)، وهو الأمر الذي فرض على واضعي هذه الإرشادات الطبية أن تكون توصياتهم في بعض الجوانب ذات «مستوى سي» (Evidence Level C) في قوة الأدلة العلمية التي تُبنى عليها التوصيات الطبية العلاجية لها.
ولذا قال التقرير إن: «هناك حاجة ملحّة لتحسين المعرفة الحالية حول أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الحوامل، عبر إجراء دراسات طبية، ومتابعة البيانات الطبية للحالات تلك» في المجتمعات المختلفة. وأضاف أن: «المعرفة بالمخاطر المرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية أثناء الحمل، وكيفية إدارة التعامل العلاجي للنسوة الحوامل اللواتي يُعانين من أمراض قلبية وعائية قبل الحمل، هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى تقديم المشورة لهن قبل الحمل، ذلك أن جميع التدابير العلاجية لا تقتصر على الأم فحسب؛ بل الجنين أيضاً، ما يُوجب تقديم العلاج الأمثل لكليهما». وأوضح: «يمكن أن يتسبب العلاج الملائم للأم بضرر محتمل على الجنين. ومن ناحية أخرى، قد تؤدي العلاجات الملائمة لحماية الطفل إلى نتيجة غير ملائمة لصحة الأم الحامل».
توصيات فحوصات الحوامل
ولإيضاح درجة أهمية أمراض القلب والأوعية الدموية عند معاناة الحوامل منها، أشار التقرير إلى أن كلا من: متلازمة موت البالغين المفاجئ (Sudden Adult Death Syndrome)، واعتلال عضلة القلب الحاد (Peripartum Cardiomyopathy)، وتسلخ الأبهر (Aortic Dissection)، ونوبة الجلطة القلبية (Myocardial Infarction)، هي أكثر الأسباب شيوعاً لوفيات الأمهات الحوامل، وذلك وفق نتائج دراسات تم إجراؤها في بريطانيا. بينما في مناطق أخرى من العالم، قد تكون الأسباب الأعلى شيوعاً لوفيات الأمهات الحوامل مرتبطة إما باضطرابات في عملية الحمل نفسها، وإما بحالات مرضية أخرى في القلب، وخاصة صمامات القلب والعيوب الولادية لدى الأمهات التي لم تتم معالجتها، بالإضافة إلى حالات مرضية لا تتوفر معالجتها بالشكل الملائم في أعضاء أخرى من جسم الأم الحامل.
ومن أبرز ما تضمنته إرشادات جمعية القلب الأوروبية للعناية بأمراض القلب لدى الحوامل: ضرورة إجراء تقييم للحالة الصحية والمخاطر المحتملة للحمل لدى جميع النساء اللواتي لديهن أحد أنواع أمراض القلب والأوعية الدموية ولديهن الرغبة في الحمل، وذلك قبل حصول الحمل. ويُنصح بإجراء فحص تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية، كما يُنصح بأن تتم المتابعة خلال فترة الحمل للحوامل اللواتي لديهن خطورة قلبية وعائية عالية في مراكز طبية متخصصة، وبالتعاون بين أطباء الولادة وأطباء القلب. ولا يُنصح بالحمل في حالة النساء اللواتي لديهن ارتفاع في ضغط الدم الرئوي (Pulmonary Arterial Hypertension)، أو ضعف شديد أو متوسط في قوة القلب، أو توسع في الشريان الأورطي الأبهر، أو ضيق شديد في الصمام المايترالي أو الصمام الأورطي، أو عيوب خلقية ولادية لدى الأم الحامل تتسبب في ازرقاق الدم، وحالات أخرى لا مجال للاستطراد في ذكرها.
ويُنصح بالولادة المهبلية الطبيعية بالعموم، ويتم اللجوء إلى الولادة القيصرية في حالات الحوامل اللواتي يأتيهن المخاض وهن يتناولن علاجات زيادة سيولة الدم التي يتم تناولها عبر الفم، أو لديهن حالات مرضية شديدة في الصمامات القلبية، أو ضعف شديد في قوة القلب، أو ارتفاع شديد في ضغط الدم الرئوي، أو أي حالات أخرى تعيق سلامة إتمام الولادة. وأيضاً ضرورة مراجعة جميع الأدوية التي تستخدم في معالجة أمراض القلب والأوعية الدموية، والتأكد من ملاءمة تناولها مع حالة الحمل.



دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.