معمل تحميض يدوي يقاوم إمكانيات الكاميرات الديجيتال في مصر

«سينما تك» يعيد إحياء أفلام الـ8 والـ16 مللي

كاميرات قديمة نادرة
كاميرات قديمة نادرة
TT

معمل تحميض يدوي يقاوم إمكانيات الكاميرات الديجيتال في مصر

كاميرات قديمة نادرة
كاميرات قديمة نادرة

في الطابق الخامس من أحد العقارات التراثية بشارع «عدلي»، بالقاهرة الخديوية، تجد مركز «سينما تك»، واحد من دور العرض المميزة لعرض الأفلام التجريبية والروائية الأوروبية، بعيدا عن السينما الأميركية التقليدية، إضافة إلى تنظيم ورش في مجال السينما، مع إتاحة فرصة تأجير كاميرات الفيديو التي تستخدم أفلام الـ8 مللي والـ16مللي، بنوعيها الأبيض والأسود والألوان، التي توقف استخدمها في مصر منذ سنوات.
في معمل التحميض اليدوي الخاص بالمركز التقت «الشرق الأوسط» بماجد نادر، خريج معهد الفنون السينمائية قسم إخراج، والمسؤول عن المعمل، الذي أكد امتلاك المركز لعدد من الكاميرات تعود إلى فترة الستينات من القرن الماضي، ومن طراز «كانون»، و«نيزوا»، و«منولتا»، وماركات روسية أخرى، وهي كاميرات لم تعد مستخدمة، ولا يوجد لها مثيل في مصر إلا لدى بائعي «الأنتيكات».
كان استخدام تلك الكاميرات يكاد ينحصر بشكل أساسي في إنتاج التقارير الإخبارية، ونقل الأحداث السريعة، لذلك كانت أخف وزنا، وأقل حجما من غيرها، كما يملك المركز أيضا جهاز عرض خاص لها.
يشير «ماجد» إلى أن معمل «سينما تك» يعد المعمل الوحيد في مصر، وواحد من 30 معملاً فقط على مستوى العالم، ما زال يملك كاميرات وإمكانية تحميض أفلام الخام، والتي توقف استخدمها تماما في مصر، وكان آخر فيلم أنتج بتلك التقنية منذ 5 سنوات، وهو «مصور قتيل» إخراج كريم العدل.
لكن في السينما العالمية يختلف الأمر، إذ يلجأ عدد من المخرجين إلى تصوير أعمالهم باستخدام أفلام 8 مللي و16 مللي، حتى أن شركات مثل «كوداك»، و«أغفا»، و«وان»، وغيرها ما زالت تنتج ذلك النوع من الأفلام، وإن كان على نطاق محدود، في حين توقفت مصر تماما عن استيراد الفيلم الخام، وأغلقت المعامل المتخصصة في تحميضه.
يقول «ماجد» إنه تعلم تقنية استخدام الفيلم الخام وتحميضه على يد خبراء من اليونان وألمانيا، فيما ساهم المركز في إنتاج أكثر من 50 فيلما قصيرا باستخدام الفيلم الخام، كنتاج للورش التدريبية التي عقدها المركز خلال عامين من تأسيسه.
ويستغرق تحميض علبة الفيلم الخام الواحدة ما يقرب من 40 دقيقة، بواسطة كيماويات خاصة يتم استيراد بعضها، وتركيب البعض الآخر، ويكفي لتران من تلك الكيماويات، لتحميض من 6 إلى 8 أفلام 16 مللي، ومن 10 إلى 12 فيلم 8 مللي، في حين نجد أن علبة الفيلم الواحدة تصل مدة التصوير بها إلى أربعة دقائق فقط.
يقول ماجد إن ما يميز التصوير بالفيلم الخام عن الكاميرات الرقمية، هو أن ألوانها أكثر تشبعا، وعندها قدرة أكبر على قراءة التفاصيل، لكنها في الوقت نفسه لا تكون بمثل حدة وسطوع التصوير الديجيتال، وتزيد من تكلفة الإنتاج، بسبب خضوع أسعار الخامات لسعر الدولار، وضرورة تحميضها في معامل خارج مصر.
لكن ما زالت الأفلام الخام تستخدم في عدد محدود من الأعمال الفنية داخل مصر، كما يؤكد ماجد، مثل الإعلانات، ومشاهد محددة بداخل الأفلام السينمائية، ويخضع ذلك أولا وأخيرا إلى طبيعة الموضوع الذي يتم تناوله، ورغبة المخرج وإمكانيات الإنتاج، في حين تلجأ عدد من الإعلانات لإضافة تأثيرات تشبه الفيلم الخام على الصورة، للحد من نقاء صورة الديجيتال، لأغراض فنية.
يحتوى المركز أيضا على «سكنر» - ماسحة ضوئية - خاصة لتحويل فيديوهات الأفلام الخام إلى الديجيتال، يلجأ إليها أصحاب الفيديوهات المنزلية، التي تم التقاطها خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
وأدى التحول من استخدام كاميرات الفيلم الخام إلى الكاميرات الديجيتال إلى تغير كبير في صناعة السينما، ففي حين أن الفيلم الخام كان مقيدا بعدم الإكثار في إعادة المشاهد التمثيلية، لتفادي إهدار الفيلم الخام، يستطيع مخرجو الأفلام الديجيتال إعادة التصوير أكثر من مرة دون وقوع خسائر مادية.
إلى ذلك، فإن الخيارات خلال مرحلة المونتاج أيضا محدودة للفيلم الخام، كما يقول ماجد: «كانت المدة الزمنية للفيلم الواحد قبل المونتاج لا تتعدى 160 دقيقة، لإنتاج فيلم نهائي لا يتعدى 120 دقيقة، بعكس المادة غير المحدودة التي تتيحها الكاميرات الديجيتال اليوم.


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.