ترمب يؤكد دعمه لمرشحه للمحكمة العليا

عبّر عن رغبته في الاستماع إلى شهادة سيدة تتهم كافانو بالاعتداء الجنسي

TT

ترمب يؤكد دعمه لمرشحه للمحكمة العليا

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رغبته في أن تدلي امرأة تتهم مرشح المحكمة العليا بريت كافانو بالاعتداء عليها جنسياً بشهادتها، مجددا دعمه للقاضي.
وقال ترمب أمس قبل مغادرته واشنطن لتفقد أضرار الإعصار فلورنس في ولاية كارولاينا الشمالية: «إذا ظهرت وأدلت بشهادة موثوقة، فإن هذا سيكون مهما للغاية، وسيتعين علينا اتخاذ قرار». وفي إشارة إلى جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، قال ترمب: «إذا ظهرت (المرأة) فإن ذلك سيكون رائعا. إذا لم تظهر فإن ذلك سيكون مؤسفا»، وتابع: «أريد رؤيتها»، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية.
ويتعلّق الأمر بباحثة جامعية تتهم القاضي بريت كافانو، مرشح ترمب للمحكمة العليا، بالاعتداء عليها. وطالبت مساء الثلاثاء أن يجري مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) تحقيقا في الوقائع التي أوردتها، قبل أن تمثل أمام مجلس الشيوخ الأميركي، مؤكدة أنها تتلقى تهديدات بالقتل منذ أن كُشِف اسمها.
وتتهم كريستين بلازي فورد (51 عاما) القاضي كافانو بالاعتداء عليها ومحاولة اغتصابها خلال سهرة في ضاحية واشنطن قبل 36 عاما، لكنه ينفي ذلك بشكل قاطع. ويمكن أن تؤثر اتهامات بلازي على موافقة الكونغرس على تعيين كافانو، ما سيشكل ضربة للرئيس والحزب الجمهوري قبل نحو ستة أسابيع من انتخابات منتصف الولاية.
وقالت الباحثة في علم النفس، التي كانت ترغب ألا يكشف اسمها في البداية، عن طريق محاميتها الاثنين إنها مستعدة في إطار «واجبها المدني»، للإدلاء بإفادة أمام مجلس الشيوخ صاحب القرار الأخير في التعيينات في المحكمة العليا في الولايات المتحدة. وطلب القاضي كافانو الاستماع إليه دفاعاً عن «شرفه»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
لذلك قررت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الدعوة إلى جلسة عامة اعتبارا من 24 سبتمبر (أيلول). لكن في رسالة موجهة إلى السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي، رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ عن طريق محاميها، طلبت بلازي أن يجري مكب التحقيقات الفيدرالي تحقيقا أولا قبل الاستماع إليها في الكونغرس.
وقال محامو بلازي إن موكلتهم «كانت هدفاً لمضايقات شرسة وحتى تهديدات بالقتل» منذ أن أصبح اسمها معروفا، مشيرين إلى أن «عائلتها اضطرت لمغادرة منزلها وتمت قرصنة بريدها الإلكتروني». وأضاف المحامون أنه «بينما انقلبت حياتها، قمتم أنتم وطاقمكم بتحديد موعد لجلسة علنية لتدلي بشهادة على الطاولة نفسها مع القاضي كافانو أمام نحو عشرين سيناتورا عبر التلفزيون الوطني لتعيش مجددا هذا الفصل المؤثر والقاسي».
ومع أن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ مقتنعون بأنها «غير محقة»، حسب محاميها، أكدت بلازي أنها «تريد التعاون» لكنها تطالب بتحقيق مسبق يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي «ينبغي أن يشكل مرحلة أولى لمواجهة هذه الادعاءات»، من أجل «تقييم الوقائع والشهود بمعزل عن الانقسامات الحزبية».
ووافقت عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي دايان فينستين على الاقتراح، معتبرة أن تسريع عقد الجلسة «لم يكن عادلا»، وطلبت مهلة لذلك.
وعبّر الرئيس ترمب عن تضامنه مع مرشحه، معتبرا أن هذا القاضي البالغ من العمر 53 عاما «لا يستحق ذلك». وقال في مؤتمر صحافي: «أشعر بالاستياء فعلا من أجله ومن أجل زوجته (...) ومن أجل ابنتيه الرائعتين». أما بشأن بلازي، فقد عبر عن أمله في أن «تتقدم للدفاع عن قضيتها». وقال ترمب الثلاثاء إنه لا يرى داعياً «لإقحام مكتب التحقيقات الفيدرالي، لأنهم لا يريدون أن يُزجّ بهم في القضية».
على صعيد آخر، وفي إطار الفضائح الكثيرة التي تشغل سياسيي واشنطن، تستعد ممثلة إباحية تدعى ستورمي دانيالز وتزعم أنها أقامت علاقة مع ترمب في عام 2006 لنشر كتاب في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول).
وفي الكتاب، تصف دانيالز (واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد) كيف رأت ترمب لأول مرة خلال بطولة الغولف: «كان يعتمر قبعة حمراء كتب عليها شعار ترمب لنجعل أميركا عظيمة من جديد الذي لم يتخيل أي منا أنه سيتحقق»، كما نقلت صحيفة «الغارديان». وتروي في الكتاب صدمتها المتزايدة في عام 2016 عندما بدا أن ترمب سيحصل على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، وكيف كانت تقول: «لن يحدث هذا أبداً. إنه لا يرغب البتة في أن يصبح رئيساً».


مقالات ذات صلة

استطلاع: نظرة الأميركيين تجاه رئاسة بايدن أكثر قتامة مقارنة بفترتي أوباما وترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

استطلاع: نظرة الأميركيين تجاه رئاسة بايدن أكثر قتامة مقارنة بفترتي أوباما وترمب

كشف استطلاع للرأي أن نظرة الأميركيين تجاه فترة ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر قتامة مقارنة بنظرتهم إلى فترتي الرئاسة السابقتين للرئيس الأسبق أوباما وترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

من دون شروط مسبقة... بوتين جاهز للتحاور مع ترمب

أعلن الكرملين، اليوم (الجمعة)، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهز للتحاور مع دونالد ترمب دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟