جميل راتب يرفع «الراية البيضاء» ويرحل

فنانو مصر ينعون «شرير السينما الأنيق»

لقطة أرشيفية تجمعه بالفنانة الراحلة فاتن حمامة
لقطة أرشيفية تجمعه بالفنانة الراحلة فاتن حمامة
TT

جميل راتب يرفع «الراية البيضاء» ويرحل

لقطة أرشيفية تجمعه بالفنانة الراحلة فاتن حمامة
لقطة أرشيفية تجمعه بالفنانة الراحلة فاتن حمامة

شيع نجوم الفن في مصر أمس، الفنان المصري الكبير جميل راتب من جامع الأزهر بالقاهرة، بعدما وافته المنية عن عمر يناهز الـ92 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض. بعدما عاد من رحلة علاج في فرنسا، إلى مستشفى خاص بالقاهرة حتى غيبه الموت فجر أمس.
وشارك في جنازته عدد كبير من المواطنين والفنانين وأفراد عائلته، ونعته المؤسسات الثقافية والفنية المصرية وأشادوا بفنه «الراقي وأدواره المميزة».
وكشف هاني التهامي مدير أعمال الفنان الراحل أنه أوصى بعدم إقامة عزاء له، واقتصاره على توديعه إلى المقابر فقط.
ونعاه الفنان محمد صبحي، عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وقال: «أبي الحبيب وصديقي الحميم وفناني المفضل، النبيل الخلوق الراقي... لقد عرفتك إنسانا وفنانا وأعلم كم كنت تحبني بصدق وتحترم عملي... إنك فنان عظيم، لم تأخذ حقك، ربما بذهابك يتذكرون تكريمك الحقيقي... وداعا ومعك أطيب سيرة وأعظم تاريخ وأعظم إنجاز إنساني... ابنك محمد صبحي أو (ونيس)».
ونعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، الفنان الكبير جميل راتب، وقالت: «إن حبات عقد المبدعين والعظماء من زمن الفن الجميل تتساقط، ووصفت الراحل بأحد العلامات البارزة في تاريخ السينما المصرية»، مضيفة: «إنه رحل بجسده لكنه يبقى دائما خالدا بأعماله في ذاكرة الفنون».
ونعى حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، راتب بقوله: «لقد فقدنا قيمة فنية كبيرة قدمت الكثير من الأعمال الفنية للشاشة الصغيرة بمختلف تنوعاتها».
مشوار جميل راتب الفني الطويل، دام لأكثر من سبعين عاما، قدم خلالها مجموعة متنوعة من الأدوار، فقدم أدوار الشر ببراعة حتى حصل على لقب «إمبراطور الشر السينمائي»، أو «شرير السينما الأنيق»، وقدم كذلك الأدوار الكوميدية، والأدوار الاجتماعية، والأدوار الرومانسية بكل تمكن وإبداع.
اتجه جميل راتب المولود عام 1926 للتمثيل مبكرا في السر، دون علم عائلته التي قررت قطع صلتها به بعد اشتغاله بالتمثيل في فرنسا، وتغلب على أزماته المادية بالعمل في مهن مختلفة للإنفاق على نفسه، بجانب التمثيل، حتى عمل مساعدا لمخرج فيلم «زيارة السيدة العجوز» لأنطوني كوين، والذي قام بتقديمه على المسرح فيما بعد بالاشتراك مع الفنانة الراحلة سناء جميل، وأخرجه وأنتجه الفنان محمد صبحي.
ويعد فيلم «أنا الشرق» أول ظهور سينمائي للفنان الراحل عام 1946 هو من بطولة الممثلة الفرنسية، كلود جودار، وجورج أبيض، وحسين رياض، وتوفيق الدقن. وتنقل راتب بين مصر وفرنسا في حقبة الستينات، قبل أن يستقر في مصر في السبعينات، ويقدم دورا مميزا في فيلم «الصعود إلى الهاوية»، الذي كان بمثابة نقطة تحول رئيسية في مشواره الفني، حيث حصد عن دوره في هذا العمل، جائزة الدولة كأحسن ممثل دور ثانٍ، وتسلمها من الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وشارك راتب في الفيلم الأميركي الشهير «لورانس العرب» بجوار الفنان عمر الشريف، إلا أنه لم يحقق العالمية التي حققها عمر الشريف، لكن المخرج صلاح أبو سيف رشحه عام 1975، للعب دور في فيلم «الكداب»، وبعدها قدم فيلم «الكيف» عام 1985، مع الفنان محمود عبد العزيز، والفنان يحيى الفخراني، والذي يعد من أهم أدواره، حيث أدى دور «سليم البهظ».
وفي عام 1994 بدأت رحلته مع مسلسل «يوميات ونيس» مع الفنان محمد صبحي، حيث قدم دور «أبو الفضل جاد الله» والد ونيس وحقق نجاحا كبيرا، وامتدت سلسلة «يوميات ونيس» لثمانية أجزاء.
بدورها قالت الفنانة إلهام شاهين لـ«الشرق الأوسط» عن ذكرياتها مع الفنان الراحل جميل راتب: «اشتركت معه في مسلسل أعتبره من أجمل الأعمال الدرامية التي قدمتها عبر مشواري الفني وهو (مسألة مبدأ) تأليف محمد صفاء عامر، وأول إخراج تلفزيوني للمخرج خيري بشارة، وكان يقوم بدور والدي، وكنت أشعر بأنه أب بالفعل، ولم أشعر بالغربة وأنا أمثل أمامه، كان إنسانا نقيا للغاية، بداخله طيبة وبراءة لم أشهدها من قبل، وبسيط جدا، وحالة إنسانية عالية للغاية».
وأضافت: «راتب كان ممثلا متمكنا من أدواته، فنان قوي للغاية، وفي مكان التصوير لا تشعر به من كثرة هدوئه، فهو هادئ الطباع ونادرا ما كنت أشاهده منفعلا، فقد كان صبورا جدا، ويحترم مواعيد التصوير الخاصة به». ولفتت: «كان نموذجا مشرفا لفنان يحترم فنه ويحترم الآخرين، سنفتقده كثيرا لكن تبقى أعماله خالدة حتى بعد رحيله».
وقدم راتب خلال مشواره الفني 7 أفلام فرنسية، وثلاثة أفلام تونسية إنتاج فرنسي مصري مشترك، كما قدم ما يقرب عن 67 فيلماً مصرياً، و55 عملا دراميا مصريا، ونحو 5 مسرحيات مصرية. وتظل أفلام «ولا عزاء للسيدات» و«البريء» و«البداية» و«طيور الظلام» و«الكيف»، من أبرز الأفلام التي شارك فيها، بجانب مسلسلات «الراية البيضاء»، و«الزوجة أول من يعلم» و«أحلام الفتى الطائر» و«رحلة المليون» و«زيزينيا» و«يوميات ونيس».
وكرمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن مجمل مشواره الفني في 2005 والمهرجان القومي للسينما المصرية في دورته العشرين عام 2016
من جهتها، قالت الفنانة سيمون لـ«الشرق الأوسط» عن الفنان الراحل جميل راتب: «هو أبي الروحي... اشتركت معه في مسلسل (عائلة شمس) وكان ذلك أول لقاء يجمعني به، وكان يلعب دور عمي الشرير الإسكندراني، وقدمت في هذا العمل دور أول طبيبة جراحة مخ وأعصاب، وقتها كنت صغيرة وكان هذا العمل أول بطولة فعلية لي». ولفتت: «خلال تعاملي معه في هذا العمل شعرت أنني أقف أمام أحد عمالقة الفن، واعتبر نفسي محظوظة بالعمل معه».
وتابعت سيمون: «عندما كنت أقف أمام جميل راتب لأصور مشهدا، كنت لا أشعر ببدايته أو نهايته من كثر متعة التمثيل أمامه، وبعد لقائي معه في (عائلة شمس) توطدت علاقتي به، وكنت أستمتع كثيرا بالمناقشات الفنية معه، حتى أقنعني بالتمثيل المسرحي وهو الذي عرفني بالفنان محمد صبحي، وهو الذي شجعني وتنبأ بموهبتي المسرحية، والتقينا معا في مسلسل «فارس بلا جواد» والكثير من الأعمال الأخرى، وكل ما يمكن أن أقوله إنه فنان مبهر، رحمه الله، سنفتقده كثيراً».
في السياق نفسه، قالت الفنانة سماح أنور لـ«الشرق الأوسط» عن الفنان الراحل: «اشتركت معه في كثير من الأفلام السينمائية، وفي مسلسل (سنبل) وهو صديق عزيز لي جدا بعيدا عن الفن، هو اسم على مسمى، إنسان جميل، وطيب للغاية، ولا يمكن أن أتحدث عنه كفنان فالجميع يعرف من هو جميل راتب، ولكني سأتحدث عنه كصديق، هو شخص محب لمصر للغاية، يحب الناس البسيطة وشديد التواضع، رغم انتمائه لعائلة أرستقراطية».
إلى ذلك، قال الناقد الفني محمود عبد الشكور لـ«الشرق الأوسط»: «عندما نشاهد أداء الفنان جميل راتب في الأفلام الفرنسية لا يمكن أن نتخيل حجم موهبته، والتي لا يمكن مقارنتها بأعماله المصرية، وحصره في بعض الأدوار التي لم تظهر بها موهبته بشكل كامل، ولكن هناك بعض الأعمال المصرية التي ظهرت موهبته إلى حد ما، مثل دور (مفيد أبو الغار) في مسلسل (الراية البيضاء)، وكذلك دوره في مسلسل (أحلام الفتى الطائر) مع عادل إمام، وأدوار كوميدية في (رحلة المليون) وبعدها مع (عائلة ونيس)».
وأضاف عبد الشكور: «إذا تحدثنا عن قيمة جميل راتب الفنية سنجد أن الأعمال المصرية لم تستفد إلا بربع إمكانياته الفنية فقط، وكنا نتمنى أن نستفيد بإمكانياته الفنية كاملة، خصوصا أنه ممثل مسرحي، ولم يقدم في مصر إلا مسرحيات قليلة جدا». وأوضح أن «جميل راتب أسطورة فنية وقصة كفاح تحكى في مجلدات ولن يتكرر للأسف».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.