اقتحامات واسعة وضرب واعتقالات داخل الأقصى

المستوطنون يستغلون {يوم الغفران» والفلسطينيون يحذرون من «غضب ديني»

TT

اقتحامات واسعة وضرب واعتقالات داخل الأقصى

اقتحم عدد كبير من المستوطنين المتطرفين، المسجد الأقصى، من أجل الاحتفال بالأعياد اليهودية في ساحاته. وتدفق المستوطنون على شكل مجموعات كبيرة، وعلى فترات، إلى المسجد تحت حراسة إسرائيلية مشددة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية، إن 260 مستوطناً اقتحموا الأقصى منذ ساعات الصباح الأولى حتى الساعة العاشرة. وأدت هذه الاقتحامات، التي رافقها غناء وصلوات تلمودية، إلى استفزاز المصلين وحراس المسجد ما أدى إلى وقوع مواجهات.
وقال مسؤول الإعلام في الأوقاف الإسلامية بالقدس، فراس الدبس، إن قوات الاحتلال الخاصة تقتحم المسجد، وتقوم بالاعتداء على كل من يوجد في الأقصى من مصلين وإدارة وموظفين وحراس. وأضاف أن قوات الاحتلال شنت حملة اعتقالات في صفوف الحراس والمصلين داخل باحات المسجد. ووصف الدبس الوضع داخل المسجد بأنه «يزداد توتراً».
وقالت الأوقاف، في بيان، إن «شرطة الاحتلال المدججة بالسلاح، وفي إطار نواياها المبيتة تجاه الأقصى وحراسه وموظفي الأوقاف، أظهرت حجم الحقد الدفين تجاه الوجود الإسلامي بالمسجد، بُعيد تغطيتها لاقتحامات المتطرفين اليهود، التي تخللها حشد عسكري غير مسبوق داخل المسجد».
وأكدت الأوقاف أن اعتداءات الاحتلال اليوم، طالت كل من كان بالمسجد من حراس وموظفي أوقاف، مضيفةً: «على شرطة الاحتلال أن تفهم أن هذا الوجود لقواتها الخاصة مرفوض، ويمثل مصدر استفزاز لمشاعر المسلمين، وسيؤدي إلى تفجير الأوضاع». واعتبرت زيادة عدد المقتحمين من المتطرفين اليهود لساحات الأقصى، بحجة الأعياد اليهودية، غير مقبول، مطالبة بأن تتوقف الاقتحامات فوراً.
ويفترض أن يمتنع المستوطنون عن أداء أي صلوات دينية داخل الأقصى، وفق الوضع القائم هناك، الذي يسمح بزيارة أعداد قليلة من المستوطنين، ضمن برنامج الزيارات المقرر للأجانب، لكن من دون أن يؤدوا أي طقوس دينية. لكن هؤلاء عادة ما يستغلون فترات الأعياد من أجل تنفيذ اقتحامات أوسع للمسجد وأداء صلوات فيه.
وطالما أدت مثل هذه الاقتحامات إلى مواجهات محدودة في المكان، تطورت لاحقاً إلى مواجهات أوسع.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تخطط لتقسيم المكان زمانياً ومكانياً، وتحدث الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أيام عن معلومات حول ذلك.
وندد وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس، باقتحام المستوطنين بأعداد كبيرة غير مسبوقة، المسجد الأقصى، «تضمنت اقتحام عدد كبير من طلبة المعاهد التلمودية وبلباسهم التقليدي، وسط محاولات متكررة لاستباحة المسجد المبارك وتدنيسه بصلوات وشعائر تلمودية».
وقال إن «تجدد هذه الاقتحامات تصعيد خطير ومساس بمشاعر ملايين المسلمين، ليس في فلسطين وحدها، وإنما في العالم أجمع»، مؤكداً أنها تأتي في سياق التصعيد اليومي في الانتهاكات الإسرائيلية التي تطال المقدسات الإسلامية. وحذر من أن تدفع الاقتحامات بالمنطقة إلى مزيد من التصعيد على المستويات كافة سياسية ودينية، الأمر الذي سيجرها بأسرها إلى حالة من الغضب الديني والوطني.
وطالب ادعيس، المجتمع الدولي، بشكل عام، والمؤسسات ذات العلاقة بالشأن الثقافي والتراثي والديني، بشكل خاص، وعلى رأسها اليونيسكو، بوضع قراراتها موضع التنفيذ لخطورة ما يحصل في القدس والمسجدين الأقصى والإبراهيمي.
وجاءت الاقتحامات الواسعة في ظل فرض إسرائيل إغلاقاً كاملاً على الضفة الغربية وقطاع غزة بمناسبة الأعياد اليهودية. ودققت القوات الإسرائيلية في هوية الراغبين في الوصول إلى الأقصى، وسط انتشار أوسع للشرطة في البلدة القديمة.
تأتي هذه الاقتحامات تلبية لدعوات «منظمات الهيكل» من أجل إحياء صلوات يوم «الغفران» في الأقصى. ويحتفل اليهود الشهر الحالي والشهر المقبل بأعيادهم، ما ينذر بتوتر أكبر.
ودعت القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات المقدسية، المواطنين في القدس والداخل الفلسطيني المحتل، إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى والتصدي لاقتحامات المستوطنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».