فتحي عبد الوهاب: أنا منظم لكن عيبي أني أنسى موعد الطائرة

TT

فتحي عبد الوهاب: أنا منظم لكن عيبي أني أنسى موعد الطائرة

الفنان المصري فتحي عبد الوهاب مُولع بمعرفة ثقافة وعادات الشعوب الأخرى، وهو ما يبحث عنه دائماً في أسفاره. لا يهتم بالتسوق بقدر اهتمامه بشراء ما تتميز به البلدان التي يزورها. بدأت علاقة عبد الوهاب بالسفر منذ أن كان صغيراً ولم تنقطع حتى الآن، إلا أنه ليس لديه وجهة سفر مفضلة، وإن كان يتمنى زيارة أميركا الجنوبية واليابان، وما زال يتذكر روائح الشوارع والألوان في لندن واليونان منذ طفولته.
في رحلتنا معه هذا الأسبوع كشف فتحي عبد الوهاب عن ذكرياته مع السفر، وعاداته، وخطط زياراته المقبلة في السطور التالية:
* السفر يمثل لي التغيير والتعرف على ثقافات الغير وشعوب أخرى، ويمنحني أيضا الفرصة للتعرف على عادات وتقاليد جديدة لم تكن تتخيل وجودها. ومن أهم مميزات السفر بالنسبة لي على المستوى الشخصي على الأقل، أنه ترسيخ لفكرة أن هناك أناسا آخرين على الكوكب وحضارات أخرى، وأنك لست محور الكون.
* علاقتي بالسفر بدأت منذ أن كنت طفلاً صغيراً، وأتذكر أن أول صورة لي في جواز السفر كان عمري فيها 5 سنوات فقط، حيث كانت أسرتي تقضي دائماً إجازات الصيف خارج مصر، وبحكم صغر سني لا أتذكر الكثير من التفاصيل عن هذه الرحلات، لكني أتذكر بعض الأماكن وروائح شوارع وألوانها ما زالت عالقة في ذاكرتي، خاصة من اليونان ولندن.
* ليس لدي وجهة مفضلة، فكل مكان أزوره يترك بداخلي أثرا إيجابيا، وهذا ما يجعلني أتطلع دائما لزيارة وجهات لم أزرها من قبل، والأفضل أن تكون في قارات أخرى أتعرف فيها عن أجناس وتقاليد مختلفة.
* من الناحية العربية، يمكنني القول إنني زرت كل مدن المغرب تقريبا إضافة إلى تونس العاصمة. بالإضافة إلى أني كونت صداقات قوية فيها، فإنها تضم حركة ثقافية سينمائية كثيفة. كل مدن مصر، باستثناء القاهرة، أحبها وقضاء بعض الوقت فيها. سبب استثنائي للقاهرة أنها تعاني من الزحام وتسبب الكثير من التوتر والضغوطات. فالسعي اللاهث خلف لقمة العيش يؤثر على ديناميكيتها.
* تختلف محتويات حقيبة السفر على حسب مدة السفر، هل هي إجازة قصيرة وسريعة أم طويلة، وأيضا هل هي بداخل مصر أم خارجه؟ ثم لا أنسى أن آخذ بعين الاعتبار طبيعة البلد الذي أقصده، فإذا كانت الرحلة إلى كندا على سبيل المثال أتأكد من حالة الطقس، الأمر الذي يترتب عليه نوعية الملابس التي سأحملها معي. في الغالب لا أنسى شيئا في أسفاري، لكن أكثر شيء أنساه هو موعد الطائرة. فقد حدث ذلك معي أكثر من مرة، واضطررت لتأجيل السفر لليوم الثاني أو الرحلة التالية.
* التسوق ليس من أولوياتي في السفر، الأهم هو التعرف على البلد وحضارته وثقافته وشعبه وعاداته. التسوق يكون له علاقة بمقصدي السياحي، مثل الزي الوطني أو المنتجات الخاصة بها. فأنا لا أختلف عن باقي السياح من كل أنحاء العالم. فعندما يأتون إلى مصر مثلا، فإنهم يزورن خان الخليلي لشراء التماثيل الفرعونية وغيرها ولا يفكرون في الذهاب إلى المراكز التجاري. وهذا أنا أيضا، لهذا لا يمكنني القول إن التسوق بمعنى التبضع يأتي في قائمة أولوياتي.
* لا أفضل مطبخا بعينه في أسفاري، لأني وبكل بساطة أسعى لتجريب مطبخ البلد الذي أتواجد فيه. فالفكرة هي أن أجرب مذاقا مختلفا أتعرف من خلاله على ثقافة أهله. فالأكل يعكس ثقافة البلد على ما أعتقد.
* أتمنى أن أزور كل مدينة لم أسافر لها من قبل، وأتمنى أن يكون لدي فرصة ووقت مثلا لزيارة دول قارة أميركا اللاتينية واليابان وكوريا وفيتنام وأفريقيا. وفيما يخص القارة السمراء. وهدفي هو أن أتعرف على عادات شعوبها وطقوسهم، لأنها مثيرة جداً برأيي. عدم قدرتي على التخطيط لزيارة هذه البلدان التي ذكرتها، هو ما يمنعني من زيارتها. فحتى الآن، لم أزر اليابان، نظرا لطول مدة السفر، وبالتالي يجب ألا تقل مدة الإجازة عن أسبوع أو 10 أيام، فضلا عن احتياجي لأسبوع آخر بعد العودة للراحة بسبب فارق التوقيت والساعة البيولوجية.
فقد عانيت من هذا الأمر حينما سافرت إلى الصين وكندا، فبعد العودة احتجت لأيام لأعيد ضبط ساعتي البيولوجية، ولكني أتمنى أن تكون رحلتي القادمة أذهب إلى اليابان.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.