أثار الفيلم الإسرائيلي - الأميركي، «الملاك»، جدلاً واسعاً في مصر، بعد عرضه على شبكة «نتفليكس»، لتبنيه وجهة النظر الإسرائيلية حول السياسي المصري الراحل أشرف مروان، صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والذي تزعم إسرائيل أنه كان جاسوساً لها، بينما ترد مصر بأن مروان وطني مخلص، قدم للوطن خدمات جليلة ولم يكن جاسوساً إسرائيلياً، بل خدعها أكثر من مرة خلال الصراع العربي الإسرائيلي.
وأثار الفيلم، الذي استمر تصويره لنحو عام، وعرض الأسبوع الماضي على «نتفليكس»، غضبة في الأوساط الإعلامية والفنية والثقافية المصرية، وسط تحذيرات من تأثير الفيلم الذي تتبناه إسرائيل لتحقيق أهدافها وعمل دعاية لأجهزتها.
ووصف الإعلامي المصري عمرو أديب، الفيلم بأنه «تافه». وأضاف في برنامجه «الحكاية»، الذي يعرض على فضائية «إم بي سي» مصر مساء الأحد، أن «إسرائيل تصر على هز عقيدتنا، وتشعرنا بأن أشرف مروان كان تابعا لها، وحتى اليوم تحاول هدم الوعي المصري بكل الطرق». متابعاً: «نحن لسنا في سلام مع إسرائيل، بل مازلنا في معركة معها».
وأوضح أن «الفيلم يزّيف التاريخ، ويصور الرئيس الراحل أنور السادات بأنه كان رجلا عصبياً. كما أن الممثلين في الفيلم لا يتقنون اللهجة المصرية».
وأشار إلى تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي أدلى به حول أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أخطأت قبل 45 عاماً حين فسرت بشكل خاطئ النوايا المصرية والسورية، قائلاً: «هذا التصريح يثبت أن أشرف مروان هو اللي خدع الإسرائيليين».
ويدور جدل كبير في الأوساط الإعلامية والسياسية بين كل من مصر وإسرائيل، بشأن أشراف مروان، رغم صدور كتاب لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عام 1993، إيلي عيزرا، ذكر فيه أن إسرائيل وقعت ضحية عميل مزدوج، والذي كان سببا في فشل إسرائيل بالتنبؤ بموعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، ومع أنه لم يذكر اسم أشرف مروان، فإن صحفا إسرائيلية أشارت له ولدوره، وتعددت الروايات الإسرائيلية بشأنه، حتى صدرت الرواية التي تبناها أوري بار جوزيف والتي اعتمد عليها فيلم «الملاك».
وانتقد سينمائيون مصريون «فيلم الملاك»، ورأى بعضهم أنه ضعيف على المستوى الفني، وغير متماسك ويفتقر لكثير من مقومات العمل السينمائي الجيد. وأرجعوا ضعفه إلى ضعف الرواية الإسرائيلية التي يتبناها الفيلم. وأشار المنتج المصري الدكتور محمد العدل، عبر حسابه على موقع «تويتر»، إلى أن الفيلم يكشف منذ الدقائق الأولى له عن سذاجة في السرد والحوار لا يقع فيها حتى فيلم من أفلام الهواة، ووصف «الملاك» بأنه فيلم «مقاولات أميركاني» يقوم على أحداث ملفقة، خصوصاً أنه يُظهر الرئيس الراحل محمد أنور السادات شخصية ضعيفة يحركها مروان وفقاً لإرادته.
في السياق نفسه، قال الإعلامي المصري شريف عامر، عبر «تويتر»: «من أول 15 دقيقة، وضح أن فيلم الملاك فيلم سطحي، وهو مجرد (سبوبة) ودعاية لـ(نتفليكس) في سوق جديد، عملنا له قيمة وحساباً بلا أي داعٍ». وهو ما ذهب إليه معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر. حيث اعتبروا الفيلم فقيرا في الفكرة والإنتاج والإخراج.
من جهته، قال الدكتور نبيل فاروق، الكاتب والسيناريست المصري، والمتخصص في مؤلفات الجاسوسية، إن «إسرائيل تحاول تنفيذ عملية تجميل لأكبر صفعة تلقتها في تاريخها، وهي مفاجأة حرب أكتوبر».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن إسرائيل تعتبر أشرف مروان، جاسوساً يعمل لحسابها، لكنها لا تحب أن تجيب على السؤال الصعب: لماذا لم يخبرهم بموعد الحرب الحقيقية، وخدعهم وقال لهم إن موعدها في السادسة بدلا من الثانية، وأخرهم 4 ساعات كاملة، كانت كفيلة بتغيير معطيات الحرب».
ولفت إلى أن المنتصر لا يترك الأرض التي احتلها وسيطر عليها، مؤكدا تحقيق مصر انتصارا بارزا في حرب عام 1973.
وأوضح فاروق أن إسرائيل لم تطلق تصريحا واحدا حول جاسوسية أشرف مروان خلال حياته، لكنها ادعت ذلك بعد وفاته، وهو ما لم تفعله أيضا مع العميل المصري أحمد الهوان، الشهير برأفت الهجان، خلال حياته، لأنه ببساطة كان سيظهر أمام الرأي العام ويفضحها بالأدلة والأسانيد.
وحول تأثير الفيلم على الرأي العام، قال فاروق: «من المؤكد أن الفيلم سيكون له تأثير سلبي، لا سيما أن عددا كبيرا من المتابعين لا يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقة ويتعامل مع المعروض على أنه حقيقة وأمر مسلم به، وبالتالي ستصبح الصورة الذهنية المأخوذة عن أشرف مروان، هو أنه جاسوس إسرائيلي، لأنها اتخذت المبادرة».
وطالب فاروق بضرورة الرد على الفيلم، من خلال الهيئة العامة للاستعلامات، لشرح الأفكار والرؤى المصرية، دون الاكتفاء بالشجب أو الاستنكار، ولفت إلى أن «البطولات المصرية في هذا الشأن تعد أكثر بكثير من البطولات المنشورة، لكن ما تم نشره، هو فقط المسموح به».
جدير بالذكر أن الرئيس الأسبق حسني مبارك، صرح بعد وفاة مروان في عام 2007، وقال إنه كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية، لم يحن الوقت للكشف عنها، وأكد أنه لم يكن جاسوسا لأي جهة على الإطلاق، لكنه استبعد أن يكون أشرف مروان قد أبلغ إسرائيل بموعد الحرب. واعتبر الكثيرون أن جنازة مروان في يونيو (حزيران) 2007، كانت خير دليل على أنه كان وطنيا مخلصا لمصر، حيث لُفّ جثمانه بعلم مصر، وتم تشييعه إلى مثواه الأخير بجنازة رسمية. وتعرض الفيلم لانتقادات فنية دار أغلبها حول ضعف البناء الدرامي للفيلم، وعدم إتقان الممثلين للهجة المصرية، واستخدام أعلام وصور غير صحيحة، إلى جانب مشهد عبد الناصر في لندن التي لم يسافر إليها.
يشار إلى أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بالقاهرة، قد وافق قبل نحو شهر على كتابة فيلم سينمائي يحمل اسم «العميل» يتبنى الرواية المصرية، التي تؤكد أن مروان كان شخصية وطنية، لم يخن بلده لصالح إسرائيل، وإنما على العكس قدم خدمات جليلة لوطنه.
«الملاك» يثير جدلاً في مصر بعد عرضه على «نتفليكس»
خبراء لـ «الشرق الأوسط»: الفيلم دعائي ضعيف
«الملاك» يثير جدلاً في مصر بعد عرضه على «نتفليكس»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة