صناعة طاولة الزهر حرفة لبنانية تستعيد مجدها

إيلي طعمة... سليل مائة عام من خبرة توارثتها الأجيال

يقال إن اللعبة تعود إلى ما يقارب 3 آلاف عام قبل الميلاد
يقال إن اللعبة تعود إلى ما يقارب 3 آلاف عام قبل الميلاد
TT

صناعة طاولة الزهر حرفة لبنانية تستعيد مجدها

يقال إن اللعبة تعود إلى ما يقارب 3 آلاف عام قبل الميلاد
يقال إن اللعبة تعود إلى ما يقارب 3 آلاف عام قبل الميلاد

منذ أكثر من مائة عام وعائلة طعمة تعمل في صناعة طاولات الزهر، فتطعيم الخشب وترصيعه ارتبطا باسم هذه الأسرة، وصولاً إلى الجيل الثالث والحالي مع إيلي جوزيف طعمة، الذي عزز صناعة العائلة وحرفتها بتحديثات لافتة منها إدخال التكنولوجيا في صناعتها لتطويرها وجعلها تماشي العصر، وحفر اسم الشخص على طاولته الخاصة ليصبح لها بصمة شخصية مرتبطة بكل فرد.
يقول الحرفي إيلي جوزيف طعمة الذي له معمل وحوله حرفيون في منطقة برج حمود (شمال بيروت) في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الصناعة تعتمد على تجميع الخشب، بعد تحضير التصميم واختيار لونه ونوعه»، ويضيف بأن الهدف الذي أراده من خلال إدخال التكنولوجيا كان للحصول على نتيجة أفضل، حيث دمج الصناعة اليدوية، التي تعلمها كحرفي من أسلافه، والتي لا يمكن تعلمها حتما من الآلات المتطورة، وأدخل الليزر إليها لتعزيزها ومنحها بعداً حديثاً إن لحفر الأشكال الدائرية أو لترصيعها بطريقة أكثر جمالاً.
إلى جانب توفير الوقت في هذه الصناعة، أخرج طعمة طاولة الزهر من دائرتها الكلاسيكية، مع تأكيده الحفاظ على الطابع التقليدي والتراثي لهذه المهنة، لأنه وحده يكمل جمالية القطعة بحسب تعبيره. وأكد أن البحث هو دوماً عن التطوير للوصول إلى شريحة أكبر من الناس من خلال التصاميم الجديدة، خاصة وأن الشبان باتوا يعودون إلى هذه اللعبة بعد أن كانت حكراً على كبار السن.
ويقول طعمة: «نحن من أوائل الحرفيين الذين أدخلوا الخصائص الأوروبية إلى طاولة الزهر الشرقية، حيث صار لديها مكان لتوضيب الأحجار، بعدما كانت توضع في كيس صغير أو داخل الطاولة، وصار يرافقها أيضاً كوب صغير خاص لرمي الزهر، تماشياً مع المسابقات الدولية التي تفرض هذا الأمر».
وعن حفر الاسم على الطاولة، يقول طعمة: «شغفنا بهذه الحرفة يجعلنا دوماً نفكر بكل جديد، ويجعلنا أكثر فرادة وأقوى في المنافسة، وأتت فكرة كتابة الأسماء لتكون خطوة فريدة من نوعها تمنح طاولة الزهر طابعاً أكثر شخصية، وتحولها إلى ذكرى خالدة لصاحبها وكل من حوله، ولا شك أن الآلات الجديدة لقص الأسماء، ودخول الليزر سهلا الأمر علينا، وهي ما يصعب القيام به بالطريقة التقليدية القديمة».
وعن أبرز الأسماء التي حفرت على هذا النوع من الطاولات، يقول: «أهم الشخصيات التي كُتبَت أسماؤها على طاولات خرجت من معملنا أذكر منهم الرؤساء ميشال عون، ونجيب ميقاتي، وسعد الحريري، ونبيه بري، والكثير من الوزراء والنواب اللبنانيين، إضافة إلى الفنانين مثل جورج وسوف، وائل جسار، وناجي الأسطا، وجوزيف عطية، وجو أشقر، وأنابيلا هلال، والكثير من المشاهير داخل لبنان وخارجه. أما زبائن هذا النوع من الطاولات فهم ينتمون إلى مختلف الفئات العمرية خصوصاً أن الطاولة هدية ومميزة لكل شخص يهوى هذه اللعبة».
وعن جماهيرية طاولة الزهر في ظل التطور وغياب الكثير من الألعاب التقليدية على حساب ثورة التكنولوجيا وكل ما أحضرته معها من تغييرات جمة وجذرية على مستوى الألعاب يؤكد طعمة أن لطاولة الزهر جماهيريتها، خصوصاً بعدما صارت «أونلاين». فقد تعزز حضور اللعبة من جديد، ليتحول كثيرون من عالم اللعب على الإنترنت إلى أرض الواقع، حيث التحدي مضاعف وحقيقي، وقد ساهم حضور اللعبة على الشاشة الصغيرة إيجابياً في إكمالها مسيرتها في الواقع، خصوصاً أنها تعزز الشعور بالتحدي والفوز.
ويختم طعمة اللقاء مع «الشرق الأوسط» بالقول: «مع كل هذه التحديثات، نعمل على أن نكون مرجعية لهذه الصناعة في لبنان، خصوصاً بعدما قمنا بالكثير من التطوير. ليس هناك أي خوف على هذه الصناعة، بل على العكس، يتعزز انتشارها ونضمن استمراريتها، وسوف نصل إلى أسواق أخرى مثل الدول العربية، الولايات المتحدة الأميركية، ودول أوروبا التي يحب أهلها اللمسة الشرقية، والذوق اللبناني الرفيع، كما نأمل بمنافسة الدول الكبيرة».
بالعودة إلى تاريخ لعبة طاولة الزهر، يقال إن علماء الآثار في مدينة أور العراقية في حضارة بلاد ما بين النهرين اكتشفوا ألواح زهر تستخدم في هذه اللعبة، ثم بعد ذلك أخذها عنهم الفرس يليهم الرومان الذين طوروها وباتت تشبه إلى حد بعيد بلعبة الزهر الحديثة التي نستخدمها في وقتنا المعاصر. وليس هناك من مصادر دقيقة لميلاد هذه اللعبة وبدء انتشارها، لكنه يقال أنها تعود إلى ما يقارب 3 آلاف عام قبل الميلاد.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.