منحوتة عين الفوارة عروسة سطيف الجزائرية

صنعها نحات فرنسي في 1898 ليشارك في معرض بمناسبة مرور 100 عام على بناء برج إيفل

منحوتة عين الفوارة عروسة سطيف الجزائرية
TT

منحوتة عين الفوارة عروسة سطيف الجزائرية

منحوتة عين الفوارة عروسة سطيف الجزائرية

تعتز مدينة سطيف بتمثال عين الفوارة، يتوسط ساحتها الرئيسية «ساحة الاستقلال»، وتُعتبر من معالمها التاريخية، حتى اكتسبت سطيف اسمها «مدينة عين الفوارة».
«عين الفوارة» ألهمت المبدعين؛ كتب عنها الشعراء والأدباء الجزائريون والعرب، ورسمها فنانون، فضلاً عن أنها محاطة بالمصورين لالتقاط صور لزائريها تذكاراً من الفاتنة المرمرية.
المنحوتة تُمثل امرأة صُنعت من الحجر الأبيض والمرمر، يعود بناؤها إلى عام 1898، شامخة فوق عين ماء هي الأكثر عذوبة في مدينة سطيف، ينبجس ماؤها من أربعة ينابيع، تهسهس حول المنحوتة، يردها الصادي والغادي، والبعض يقصدها للتبرك وجلب الحظ، خصوصاً النساء، يقصدنها من ولايات أخرى.
صنع التمثال النحات الفرنسي الإيطالي الأصل فرنسيس سان فيدال (Francis de Saint - Vidal) في شهر يوليو (تموز) 1898، ليشارك به في المعرض العالمي للمنحوتات بمتحف اللوفر الفرنسي بمناسبة مرور 100 عام على بناء برج إيفل. وهناك شاهدها الحاكم العسكري الفرنسي لمدينة سطيف، وأعجبته، فنقلها إلى مدينة سطيف، الواقعة على بعد 300 كم شرق الجزائر العاصمة، وهي عاصمة الهضاب في شمال شرقي الجزائر.
تمثال عين الفوارة المرمري، المنحوتة الفنية الجميلة قعدت قبل مائة وعشرين عاماً فوق هذه العين، قبالة المسجد «العتيق» وسط مدينة سطيف، وهو أقدم مسجد في المدينة. هل قصد الحاكم الفرنسي اختيار المكان لخدش حياء المصلين؟ لا أحد يعرف نواياه، ولكن السطايفيين، وعبر عشرة عقود، لم يكترثوا للتمثال، بل اعتبروه تحفة فنية تزين مدينتهم، ومقصداً سياحياً لكل زائري مدينة سطيف.

مجيء الفاتنة إلى سطيف
يتناقل الجزائريون روايات مختلفة عن قدوم منحوتة عين الفوارة لعاصمة الهضاب قبل 120 عاماً، وتعكس الروايات، وكأنها عروس من القرون الوسطى، يمتزج فيها الكثير بين الحقيقة والخيال. تحكي أن الحاكم العسكري لمدينة سطيف أعجبه التمثال خلال معرض للمنحوتات في متحف اللوفر، ونقله إلى مدينة سطيف برحلة أسطورية في تفاصيلها. في البدء نُقلت بالقطار إلى ميناء مرسيليا جنوب فرنسا، حيث ركبت الباخرة إلى ميناء سكيكدة (500 كم) في الشرق الجزائري، ليتم نقلها إلى سطيف في عربة تجرها خيول أصيلة، وتحرسها كوكبة جنود فرنسيين، يرتدون ملابس احتفالية يمتطون جيادهم الأصيلة. استغرقت الرحلة عشرة أيام، وكان بانتظارها الحاكم العسكري ونبلاء الفرنسيين في المنطقة، وقد أعجبوا بإتقانها، ليقترحوا وضعها فوق منبع الماء «عين الفوارة». أنزلوا المنحوتة بكثير من المداراة والمحبة، وهو ما أثار تساؤل الجزائريين الواقفين على مقربة من الحدث، مما ولّد روايات أخرى هذه المرة تفسر دواعي هذا الاهتمام والحب لقطعة رخام، البعض قالوا إن المنحوتة كانت لمحبوبة أحد الحكام الفرنسيين، وتزوجت من شخص آخر، فلم يكن بيده حيلة إلا أن يطلب نحتها ووضعها على منبع الماء، تخليداً لحبه لها، الذي سيبقى متدفقاً إلى الأبد كتدفق ماء عين الفوارة، فيما ذهب تفسير آخر ينطوي على نزعة استعمارية حاقدة للحاكم الفرنسي بسطيف على المسلمين، لأن عين الفوارة كانت استراحة مئات المسافرين، كانوا يتوقفون ليستريحوا من أسفارهم، ويتزودون بالماء، ويتوضأون من المنبع ليقيموا صلواتهم، وهو المنظر الذي لم يرق للحاكم الفرنسي في سطيف، وكان قد حاول كثيراً لإبعادهم عن المنبع، وكانوا يعودون ويتوضأون، وهو ما جعله يطلب من فرانسيس دو سانت فيدال أن ينحت له تمثالاً لامرأة عارية، حتى يضعه فوق المنبع، ليخدش حياء المصلين بها، ويبعدهم عن أداء صلاتهم.
ومهما حُكي عن عين الفوارة، فقد كانت وما زالت مزاراً للعابرين، وتروي العطاش، وتُلهم الشعراء والرسامين. الشاعر العراقي محمود رزاق الحكيم كان مبعوثاً للتدريس بالجزائر سنوات تعريب المدرسة الجزائرية، أعجبته فاتنة عين الفوارة، ونظم تلك القصيدة:
أيها السائرون في موكب النور
هلموا إلى الهضاب العوالي
كل من زار مورد النبع فيها
شرب الماء صافياً كالزلال
عين فوارة اسكبي من نحوك
وفيضي فالظامئون توال
قد قصدناك ننشد الحب يا
عين فجودي بنضرة وسؤال
ولم يقتصر الإعجاب على الشعراء العرب، بل تناولها جزائريون بالشعر الملحون (باللغة العامية) الجزائري، كما في قصيدة الشاعر الجزائري الصادق غربي، قال:
يا زاير سطيف قدم تحية وأهلا
بيك اليوم في بلاد الهضاب
أتقدم وأرواح زاير بالنية وعامر
لحرار للضيف أحباب
عين الفوارة والقطرة الحية تروي العطشان واللي جاها ما غاب

عين الفوراة والعرسان
عين الفوارة عند الكثير من الجزائريين للتبرك، فالعريس السطايفي في ليلة عرسه يمر على عين الفوارة، ويشرب منها حفنتين على نية السعادة بزواجه. فريق سطيف الرياضي، يقصدها لاعبوه قبل كل مباراة يشربون ويغسلون وجوههم فألاً بالفوز. وعند النساء هي جالبة العريس لدى الصبايا، والعلاج عند العجائز، فيقصدنها للتبرك بها لشفاء الأمراض، أما الصبايا فيقصدنها للتعجيل بقدوم فارس الأحلام، يضعن الحناء بأكفهن ممزوجة بالسكر ليكون الحظ حلواً، ثم يغسلن أكفهن تحت منابع الفوارة الأربعة حتى يزول مزيج الحناء عن أكفهن متسرباً بالمياه الجارية، تاركة خضابها فأل خير، وأملاً بقدوم العريس، يشرب من أحد تلك الينابيع، ربما «يتحرك الزهر» (الحظ)، وتقول الزهرة «أزور عين الفوارة باستمرار، لأنها كانت سبباً بتعرفي على زوجي».

ملتقى ترفيهي
السهرات الصيفية أمام عين الفوارة لها طعم آخر، تبعث الحياة في ليالي الصيف بساحة الاستقلال، فتختلط أصوات المارة والباعة ومرتادي المقاهي بصوت تدفق عين الفوارة، وتفوح روائح الشاي الأخضر والقهوة مع جلبة المقاهي والأغاني الشعبية تشق ليالي صيف تطول، تضفي بهجة على المكان، إذ يعج بالناس بعد انتهاء صلاة العشاء. وينتشر الباعة في الساحة، وبعضهم يبيع تذكارات سيدو عين الفوارة للسياح.

عين الفوارة



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».